الذكرى الثانية للمقاطعة.. الدوحة تتحول لـ"صيد" تركي إيراني ثمين
قطر تفقد خلال العامين الماضيين "سيادتها" وتتحول إلى "صيد ثمين" لتركيا وإيران في أزمة البلدين الاقتصادية
فقدت قطر خلال العامين الماضيين منذ مقاطعة دول الرباعي العربي لها "سيادتها"، بل مصداقيتها الإقليمية والدولية، وعكست سياستها الخارجية "مراهقة سياسية"، وعدم القدرة على قراءة الواقع، لتتحول إلى صيد تركي إيراني ثمين في ظل أزمة البلدين الاقتصادية العميقة.
- قطر في الإعلام.. الأزمات تنال من البورصة والدوحة تبيع حلفاءها
- صحيفة فرنسية ترصد خيانات قطر للعرب لصالح إيران
وهذا ما أكده دبلوماسيون وخبراء مع مرور عامين على مقاطعة دول الرباعي العربي (السعودية والإمارات ومصر والبحرين) للدوحة لدعمها الإرهاب.
وفي 5 يونيو/حزيران عام 2017 قررت دول الرباعي العربي (الإمارات، والسعودية، ومصر والبحرين) الداعية لمحاربة الإرهاب مقاطعة قطر، عقب ثبوت تورط الأخيرة في دعم جماعات وإيواء عناصر إرهابية تستهدف الإضرار بالأمن القومي العربي.
اللجوء للذئب
وفي الذكرى الثانية لمقاطعة الرباعي العربي لقطر، يرى الدكتور أحمد قنديل الخبير في الشأن الآسيوي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن الدوحة خسرت جانبا كبيرا من سيادتها بعدما ارتهن قرارها بقوى إقليمية مثل تركيا وإيران.
ودلل قنديل بأن سماح قطر بإنشاء قاعدة عسكرية تركية على أراضيها يمثل إخلالا كبيرا بالسيادة، وبهذا التحرك تكون الدوحة "كمن يلجأ للذئب لحمايته من الأشقاء العرب"، بحسب تشبيه قنديل.
وتابع "القاعدة العسكرية التركية حدت من حرية اتخاذ القرار الوطني بما يتفق مع المصالح الوطنية، فضلا عن استنزافها اقتصاديا".
وقال قنديل إن "لجوء دولة عربية لقوى إقليمية معادية للمصالح العربية، وتهدد الأمن القومي العربي أمر غير مسبوق، ويعكس شذوذا كبيرا في الفكر لدى القيادة القطرية".
وكشف موقع "نورديك مونيتور" السويدي، ومقره في العاصمة ستوكهولم، في يناير/كانون الثاني 2019 عن تفاصيل الاتفاقية العسكرية "السرية" التي بموجبها تتمكن أنقرة من نشر جنودها على الأراضي القطرية، دون تحديد مستوى تلك القوة، حيث تنص المادة الثانية على أن "تركيا سترسل قطعاً جوية وأرضية وبحرية للإمارة الصغيرة، دون تحديد أي عدد".
وبحسب مراقبين، فإن الاتفاق هو عقد "إذعان" بما يتضمنه من بنود تنتهك بشكل فاضح السيادة القطرية، وتهدر حقوق وكرامة القطريين، كما يعد الاتفاق وثيقة عن تنازل الدوحة عن سيادتها بالسماح للقوات التركية التصرف بحرية دون استئذانها، ما يتنافى مع مفهوم "سيادة الدول".
يشار إلى أن قطر وقعت اتفاقية تعاون عسكري مع تركيا في 19 ديسمبر/كانون الأول 2014، وقامت بتفعيله في 7 يونيو/حزيران 2017.
منجم ذهب لتركيا وإيران
وأشار قنديل إلى أن الدوحة لديها طموحات لكي تلعب دورا لا يتناسب مع تاريخها وجغرافيتها، ولا يستند إلا لموارد مالية تعمل على زعزعة استقرار المنطقة، في حين يتم حرمان الشعب من موارد يمكن أن تستفاد بها الأجيال القادمة.
وأشار قنديل إلى أنه كان من الأولى تلبية مطالب دول الرباعي العربي من قطر، وهي المطالب التي تتوافق مع مبادئ حسن الجوار، والمحافظة على السيادة، لكن ما يجرى هو استمرار في العناد، والمضي في سياسات ثبت عدم جدواها.
وأكد أن تركيا وإيران تعانيان من عزلة دولية وأوضاع اقتصادية متدهورة، لذا تعملان على استغلال وابتزاز دولة قطر، بعد أن أدركت ضعف موقف الأخيرة، ومدى عزلتها عن محيطها العربية.
"الدوحة أصبحت منجم الذهب لأنقرة وطهران، وفرصة كبيرة لتحسين أوضاعهما الاقتصادية، بالحصول على أكبر المكاسب الممكنة من الصيد القطري الثمين"، وفقا لقنديل، الذي أكد أن "العلاقة بين تركيا وإيران من جهة وقطر من جهة ثانية تقوم على المنفعة الوقتية والبرجماتية، وتقوم على مصالح قصيرة المدى، وستتوقف العلاقة عند عدم تقديم مساعدات اقتصادية، بعكس علاقات الدوحة المفترضة مع محيطها العربي القائم على المصالح الدائمة وليس المؤقتة".
مراهقة سياسية
ورأى الخبير بمركز الأهرام أن مقاطعة الرباعي العربي لقطر ستستمر "ما دامت القيادة لم تغير من توجهاتها التي تعمل على زعزعة الاستقرار بالمنطقة، وتستمر في دعم الإرهاب".
وأردف: "السياسة القطرية منذ بدء المقاطعة العربية تعكس مراهقة سياسية، وعدم القدرة على قراءة الواقع والتطورات الحالية في المنطقة".
ولم يستبعد قنديل أن تكون دوائر صنع القرار التي تساعد القيادة الحالية في اتخاذ القرار، تم اختراقها لصالح دوائر إقليمية غربية، ليس من أولوياتها تحقيق مصالح الشعب القطري.
ومن جهته، قال السفير نبيل بدر مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون العربية في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إن سياسة قطر محكوم عليها بالفشل بدليل أنها فقدت منذ مقاطعة الرباعي العربي لها جزءا مهما من سيادتها، ومصداقيتها الإقليمية والدولية.
وأضاف: "كنت أتمنى أن تؤسس (قطر) دورها وكيانها الإقليمي على اعتبارات تضمن لها دورا مقنعا ومفيدا لها أولا وللإقليم ثانيا؛ عبر تبني قضايا مناسبة وليست قضايا السمسرة السياسية، وتبني الإرهاب، والدخول في تحالفات (مع تركيا) تهدد أمن دول المنطقة، ومصالحها الحيوية.
ونبَّه مساعد وزير الخارجية الأسبق بأن جوهر التحالف التركي القطري يتمثل في اشتراكهما في آلية استخدام الإسلام السياسي وسيلة بصرف النظر عن اعتبارات الجوار ومصالح دول أخرى.
استمرار المقاطعة واجبة
وتوقع بدر عدم تغيير قطر لسياستها، التي أصبحت تمثل جوهر وجودها حيث تطرح خدماتها فيما تتصور أنه سيؤدي إلى تحالفات تظهر أن لها دورا ما، أو مصالح مباشرة بصرف النظر عن أي اعتبارات تتعلق بأمن وسلامة الخليج، أو بقضايا عربية مصيرية، بل تطور ذلك إلى محاولة التدخل في الشؤون الداخلية لعدد من الدول؛ من أجل خدمة مصالح أطراف إقليمية أو دولية وهو جوهر التحالف التركي - القطري.
وقال السفير نبيل بدر: "لا أعتقد أن قطر أبدت أي استعداد لتغيير سياستها، وأشك في رغبتها في ذلك للاعتبارات السابقة؛ لذا يصبح استمرار المقاطعة و"إجراءات أخرى" أمرا واجبا؛ دفاعا عن مصالح دول الإقليم وحفظا لأمنه".
وتابع: "لن تنتهي المقاطعة، والدوحة ستفقد مصداقيتها بشكل كبير، وفي نهاية الأمر سينقلب السحر على الساحر".
وذهب السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، في تعقيبه إلى ما أكده سابقيه، وزاد بأن الدوحة لم تكسب طيلة العامين الماضيين إلا أنها أصبحت الحليف الأول للعثمانية الجديدة بعد أن خسرت حكومات وشعوب المنطقة.
وأشار هريدي إلى أن "رهان قطر خاسر"، بعد أن رأت أنها يمكن أن تشتري نفوذا عن طريق علاقات جيدة مع أمريكا وتركيا وإيران وجماعات الإسلام السياسي، لكنه دور مؤقت سرعان ما سينتهي ورهان خاسر.
ورأى أن قطر تعد الراعي الرسمي للإسلام السياسي في العالم العربي وجماعاته وأفكاره، بزعم ممارسة نفوذها على العالم العربي.
وأوضح: "لم تدرك الدوحة حقائق التاريخ، واصطدمت بإرادة الشعوب على امتداد العالم العربي في الجزائر وتونس ومصر ودمشق والعراق الذي يرفض التوظيف السياسي للدين الإسلامي".
aXA6IDMuMTQ2LjY1LjIxMiA=
جزيرة ام اند امز