وليد المعلم.. رحيل رجل المهام الصعبة بسوريا
وسط اضطرابات كبيرة تشهدها بلاده منذ 2011 إلا أنه استطاع بخبرة العقود الثمانية أن يقود دفتها دبلوماسيا ويمنع محاولات عديدة لعزلها
إنه وليد المعلم وزير الخارجية السوري الذي أعلن التليفزيون الرسمي وفاته صباح اليوم الإثنين بعد حياة دبلوماسية حافلة.
المعلم (79 سنة) من مواليد دمشق، وقد تخرج في جامعة القاهرة بمصر عام 1963 بشهادة بكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية.
بعدها بنحو عام فقط، التحق المعلم بوزارة الخارجية السورية، وعمل في البعثات الدبلوماسية في كل من تنزانيا والسعودية وإسبانيا وبريطانيا.
وفي عام 1975 عين سفيراً لسوريا لدى جمهورية رومانيا حتى عام 1980، وفي الفترة من 1980 وحتى 1984 عين مديراً لإدارة التوثيق والترجمة.
وخلال الفترة من 1984 وحتى 1990 عين مديراً لإدارة المكاتب الخاصة، وبقي في دمشق.
عام 1990 أصبح سفيراً لدى الولايات المتحدة حتى 1999 وهي الفترة التي شهدت مفاوضات السلام العربية السورية مع إسرائيل، حيث لفت الأداء المتميز للمعلم أنظار المراقبين الدوليين، على الرغم من أنها باءت بالفشل.
وفي مطلع عام 2000 عين معاونا لوزير الخارجية فاروق الشرع وفي 9 يناير/كانون الأول 2005 سمي نائباً لوزير الخارجية، وتم تكليفه بإدارة ملف العلاقات السورية-اللبنانية في فترة بالغة الصعوبة، قبل أن يتم تعيينه وزيراً للخارجية في 11 فبراير/شباط 2006.
رجل المهام الصعبة
وخطت الدبلوماسية السورية خطوات واسعة أثناء وزارته، فالمعلم هو رجل المهام الدبلوماسية الصعبة، حيث تعامل مع ملفات عدة من أهمها إدارته لملف المحادثات السورية الإسرائيلية، في الفترة من عام 1990 حتى عام 1999، والتي شهدت تغيرا كبيرا في الوضع الدولي لسوريا.
كما تعامل بحنكة دبلوماسية فريدة خاصة مع ملف العلاقات السورية اللبنانية عام 2005، في الوقت الذي كانت فيه العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تقف على المحك.
ومنذ بداية الأزمة السورية 2011 لعبت دبلوماسية المعلم دورا مهما، وقام بالدور الأبرز حيث قاد حملة كبيرة لإقناع العالم بصلابة حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
وعملت الدبلوماسية السورية منذ بداية الأزمة على دفع العلاقات الدولية لدمشق قدما، على الرغم من حالة الاستنكار الدولية.
وهو ما قام به "المعلم" حيث سافر إلى عدة دول وفي مقدمتها تلك التي تدافع عن الموقف السوري برمته، فقام بأكثر من زيارة إلى موسكو، الحليف الأقوى، إضافة إلى زياراته المستمرة إلى الصين، التي تتخذ نفس الموقف الروسي.
وكذلك حملاته الدائمه ضد الولايات المتحدة واستنكاره للدور الأمريكي في بلاده، ووصل هذا الاستنكار إلى الحد الذي جعل "المعلم" يهاجم الولايات المتحدة الأمريكية في مقر الأمم المتحدة، في أكتوبر/تشرين الأول 2012، ويتهمها بـ"مساعدة الإرهاب"، و"التدخل السافر" في الشؤون السورية.
ويتمثل الدور الدبلوماسي الهام للمعلم في قدرته على تحويل مسار الموقف الأمريكي في وقت كان وصل فيه إلى ذروته باتجاه إمكانية اتخاذ قرار بالتدخل لضرب سوريا، وهو ما تبدل كثيرًا بعد زيارات المعلم إلى روسيا والصين.
فيما تمثلت المهمة الأكثر صعوبة للمعلم في إقناع العالم بشرعية حكومة الرئيس بشار الأسد وهو ما نجح فيه إلى حد كبير خاصة مع دعوة سوريا إلى مؤتمرات جنيف وتحول موقفها بشكل أكثر رسوخا على الأرض، في ظل الخلافات الدائمة والمعارك الدائرة داخل المعارضة نفسها واستعادة دمشق معظم الأراضي التي انتزعتها المعارضة.
آخر تصريحاته
وكانت آخر تصريحات الدبلوماسي المخضرم مهاجمة قانون قيصر وهو أشد العقوبات الأمريكية على دمشق حتى اليوم ودخل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران.
وقال المعلم إنه يهدف لخنق السوريين. وتعهد بحصول بلاده على دعم من روسيا لتخفيف وطأة العقوبات.
خليفة المعلم
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يخلف المعلم في المنصب نائبه فيصل المقداد.
وشغل المقداد منصب سفير الجمهورية العربية السورية والمندوب الدائم لها في "منظمة الأمم المتحدة"، وممثلاً لسوريا في مجلس الأمن.