القوانين والقرارات التي تطالب بوقف العنف ضد المرأة كثيرة إلا أن التقدم المحرز لا يزال بطيئا ويستمر مسلسل الانتهاك الجسيم لحقوق الإنسان.
ما هي الحرب وكيف نتخيلها..؟!
مجموعة من الرجال ملتفون حول طاولة مستديرة يتناقشون كل حسب مصالح بلده في شؤون بلدان أخرى اعتراها مرض النزاع وأشعلها فتيل المطامع وجعلتها ثرواته الطبيعية والاقتصادية محل طعم عرفت الذئاب كيف تتجنب الوقوع كفريسة في مصيدتها فقررت استخدام مكرها ودهائها باسم حفظ الحقوق ودرء المطامع وفرص الحماية.
صور أخرى يرسمها الحرب لوجهه المتلون.. دبابات وطائرات ودرونز.. رجال أمن وجيش حاملين الأسلحة.. جموعٌ مستنفرة تجوب الشوارع وتنادي بحقوقها، حاملة شعارات منددة تارةً وداعمةً لحزب أو فئة تارةً أخرى بينما تفوح بين الطرقات رائحة الأيديولوجيا العفنة.. شاشات تلفاز يجلس أمامها ذوو اللحى البيضاء، عاقدين الحاجبين.. مكتفين بالصمت كما الأغلبية وهم يتلقفون هرج ومرج القنوات الإخبارية المسيرة وفق الأهواء الأحادية التي تخلت عن دورها في نقل الحقائق والوقائع بلا زيادة أو نقصان، لتلعب دور الجبان تارةً ودور المؤلّب والشيطان تارةً أخرى.
لا يختلف الأمر عنه في فلسطين والسودان وسوريا وليبيا واليمن حيث تتنوع أشكال اضطهاد المرأة التي تفقد زوجها فتصبح المعيل الأسري الأول.. ويقصف منزلها فتحمل أبناءها مشردة بين المخيمات ومعرضة للاغتصاب والتحرش الجنسي والأمراض.
أخبار تأزم المواقف وتدخل القوى الخارجية ومن ثم جريان مياه المفاوضات وبعدها استمرار المناقشات ومن ثم التوصل لحلول ترضي كافة الأطراف.. هو سيناريو الأحداث العربية المعتادة مع تغير وجوه الممثلين في كل مرة والاحتفاظ بضيوف الشرف من القوى العالمية دوما في صدارة المشاهد، فهم حملة صكوك الغفران التي تباركها المنظمات العالمية المعروفة.
ويتراءى لنا من بعيد وجه آخر يتلصص على أوراق المباحثات لعله يستشف اسمه بين السطور.. سقط اللثام فجأة، وإذا بها امرأةً يتطاير الشرر من عينيها باحثة عن حقوقها وقضاياه بين ما يتم تداوله من شؤون سياسية واقتصادية في مناطق النزاع، لتكتشف أن وضعها في أوقات السلم المحكوم بتركها في قاع سلم القهر الاجتماعي لا يختلف كثيرا عنه في أوقات النزاع.
تزداد معاناة المرأة العربية في المناطق الساخنة ففي العراق يستباح جسدها وتعرض في الأسواق والمزادات كسبايا بحجة تطبيق الدين الذي هو بريء من داعش وأفكاره الظلامية، ويقابله في السلم تزايد جرائم الشرف كما في الأردن وفلسطين، وفق دراسة "عدالة النوع الاجتماعي والقانون في المنطقة العربية" الصادرة عن الأمم المتحدة في 2018 مع عدم إنصاف قوانين العقوبات التي تُمارس التمييز ضد المرأة.
ولا يختلف الأمر عنه في فلسطين والسودان وسوريا وليبيا واليمن، حيث تتنوع أشكال اضطهاد المرأة التي تفقد زوجها فتصبح المعيل الأسري الأول.. ويقصف منزلها فتحمل أبناءها مشردة بين المخيمات ومعرضة للاغتصاب والتحرش الجنسي والأمراض.
ناهيك عن نساء ارتفعت أصواتهن في ظل الثورات وكانت لهن مواقف سياسية قوية حينها وما أن تسير الأمور في طريق الحل حتى تسقط أسماءهن أو تتراجع من التمثيل النيابي والسياسي لترجح كفة الرجل.. فالهروب من الصورة النمطية للمرأة الضحية يبقى هروبا مؤقتا.
ووسط ما عصف بالمرأة العربية من مرارة ولوعات تأتي مبادرات وأصوات خجولة من مجلس الأمن الذي يذكر بقراراته بشأن المرأة والأمن والسلام، ومنظمات حقوق المرأة التي وإن حاولت لا يكاد يغير صوتها حالا إلا لحالات وأعدادٍ بسيطة، فضلا عن منظمات المجتمع المدني التي تكتفي بالتنديد وتتناقله أحيانا كثيرة.
صحيح أن القوانين والقرارات التي تطالب بوقف العنف ضد المرأة كثيرة إلا أن التقدم المحرز لا يزال بطيئا ويستمر مسلسل الانتهاك الجسيم لحقوق الإنسان، ما يتطلب التزاما سياسيا وقيادة لمنع وقوعه والتخفيف من آثاره ومقاضاة مرتكبيه.. وعدم التكافؤ في توزيع الدول التي تبذل جهودا حثيثة في قضايا المرأة تتزايد فجوته..
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة