حرب شائعات في أسواق السودان.. هل ينجو الجنيه؟
مشهد مرتبك وغارق في سيول من الشائعات، توصيف يجسد واقع سوق النقد الأجنبي بالسودان خلال 48 ساعة، عاش فيها الجنيه أسوأ حالاته.
صراع كبير تفجر بين الحكومة السودانية والمضاربين كان مسرحه السوق السوداء للنقد الأجنبي، الأوضاع الفوضوية السائدة تركت الجنيه في حالة تذبذب بين الصعود والهبوط.
ومع تراجع مستمر في قيمة العملة الوطنية بالسودان، جرت تسريبات عديدة بودائع دولارية ستصل خزائن البنك المركزي من بلدان صديقة، وأخرى مماثلة تشير إلى عودة متأخرات إلى الخرطوم من دولة جنوب السودان تفوق 3 مليارات دولار أمريكي.
تسريبات
ورغم كثرة التسريبات التي جاء بعضها على وكالة السودان للأنباء الرسمية، لم يصدر أي تأكيد أو نفي من مسؤول بحكومة الخرطوم، أول الدول التي أشير إلى أنها بصدد إرسال ودائع نقدية، بشأن ما يثار.
واكتفى بنك السودان المركزي ببيان، أكد من خلاله أنه بصدد اتخاذ حزمة من السياسات النقدية وضخ عملات حرة للمصارف سيكون لها الأثر الإيجابي على قيمة الجنيه.
وقادت هذه التطورات في مجملها، إلى تراجع الدولار الأمريكي إلى 700 جينه يوم الجمعة، بدلا عن 730 جنيهاً الذي ختمت به السوق الموازية تعاملاتها يوم الخميس الماضي.
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن التصريحات التي أطلقها البنك المركزي في السودان كانت قوية، وتشير بأنه لديه ما يفعله خلال الأيام المقبلة لاستعادة عافية الجنيه، لافتاً إلى أن الأمور ستتضح مطلع أو منتصف الأسبوع المقبل.
قرار التعويم
لكن الناير استدرك مشككاً أنه "إذا كان البنك المركزي يمتلك احتياطيا لضخه بالتزامن مع قرار تعويم الجينه الصادر قبل أسابيع لتفادي حدوث هذا الانهيار في قيمة العملة الوطنية، فمن الطبيعي أن تنفذ هذه الإجراءات الاحترازية قبل حدوث التدهور لأنه سريع في حين تحتاج عملية إعادة التوازن والتعافي للعملات لوقت طويل.
صدمة جنوب السودان
تشكيك في حقيقة هذه التسريبات، تعززه تصريحات صادمة من وكيل وزارة البترول بدولة جنوب السودان المهندس أوو دانيال، الذي أكد خلالها أن بلاده سددت جميع المستحقات المالية التي أقرتها التسوية السياسية الخاصة باستحقاقات الفترة ما بعد الاستفتاء (الانفصال).
وقال في تصريحات لوسائل إعلام محلية بجوبا الجمعة، إن بلاده سددت كافة الاستحقاقات وتطالب حكومة السودان بـ76 مليون دولار حالياً لم تسددها الخرطوم بعد.
ولم يتسن الحصول على تعليق من وزارة المالية في الخرطوم بشأن حقيقة مديونية البلاد على جنوب السودان.
ويشير الدكتور الناير إلى أن السوق السودانية لا تصمد كثيراً أمام الشائعات، ولكن بحاجة إلى حقائق واقعية و"بيان بالعمل" بلغة العسكرية، فربما يحدث انتعاش مؤقت لقيمة الجنيه لكنه سيتراجع خلال ساعات ما لم يقم المصرف المركزي بضخ عملات حرة في المصارف لمواجهة الطلب.
تدفقات نقدية
وشدد على ضرورة أن تسعى الحكومة السودانية إلى الحصول على تدفقات نقدية، وأن تقوم بضخها للمصارف وفق سياسات محكمة وخطط واضحة حتى لا تستنزف وتبتلعها السوق السوداء دون جدوى، لافتاً إلى أنه حال فعل ذلك سيبدأ الجنيه رحلة التعافي تدريجياً.
ويرى الخبير الاقتصادي أحمد خليل أن أمام البنك المركزي خيار وحيد لوقف تراجع قيمة الجنيه وهو ضخ عملات للمصارف لمقابلة الطلب المتزايد على النقد الحر.
ويقول خليل في حديثه لـ"العين الإخبارية" إنه من الصعب حصول السودان على تدفقات نقدية من الخارج خاصة عقب قرار لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس والذي يلزم الإدارة الأمريكية بفرض عقوبات على المتسببين في الأوضاع الحالية بالخرطوم.
شح كبير
وأضاف "من الواضح أن السودان لديه شح كبير في موارد النقد الأجنبي وإلا ما تأخر في ضخها لمواجهة الطلب المتزايد والحيلولة دون انهيار الجنيه.
وتتعاظم المخاوف من وصول السودان إلى مرحلة الانهيار الاقتصادي مع استمرار تراجع قيمة العملة الوطنية (الجنيه)، والارتفاع غير المسبوق في أسعار السلع الضرورية وتأثيرات تحرير أسعار الوقود على القطاعات الإنتاجية.
ونتيجة لإعلان بنك السودان المركزي، في 8 مارس/آذار الجاري تحرير سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار ارتفعت حدة التنافس بين البنوك المحلية والسوق الموازية في سباق السيطرة على سوق الصرافة مع ارتفاع نسبة الطلب مقابل العرض ووجود صفقات مالية تشترى النقد الأجنبي بأرقام فلكية.
aXA6IDMuMjEuMTIuODgg جزيرة ام اند امز