حرب المحاور تفتك بالسودان.. زيت على نار النزوح والجوع
مواجهات جديدة بين الجيش السوداني، وقوات "الدعم السريع"، بأسلحة ثقيلة وخفيفة وقصف بعدة محاور زادت من جحيم الحرب لا التي تهدأ، والمجاعة التي تتربص بالأبرياء.
وأدت المعارك في الخرطوم، وأم درمان، والجزيرة، ودارفور، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى، ونزوح الآلاف.
- قيادية بـ«تقدم» السودانية لـ«العين الإخبارية»: هذا هو الحل لوقف الحرب
- جيش السودان يفتح 4 مطارات أمام المساعدات ويرفع وتيرة الحرب
وأفادت مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية"، الثلاثاء، بأن "أحياء جنوبي العاصمة الخرطوم، شهدت مواجهات عسكرية عنيفة، تسببت في مقتل وإصابة العشرات من المواطنين".
وذكرت غرفة طوارئ جنوب الحزام (نشطاء)، في بيان، أن "منطقة الصهريج تعرضت، الثلاثاء، إلى غارة جوية أسفرت عن مقتل 20 شخصا وإصابة 27 آخرين بينهم أطفال ونساء".
وأبلغت مصادر عسكرية وطبية، أن أحياء مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم، شهدت مواجهات عسكرية، وقصف عشوائي أسفر عن مقتل طفلة تبلغ من العمر 6 سنوات، وإصابة 17 مدنيا بينهم 8 أطفال جرى إسعافهم إلى مستشفى "النو" لتلقي العلاج.
محور ولاية الجزيرة
ومع تصاعد وتيرة العنف، أبلغت مصادر عسكرية "العين الإخبارية"، أن منطقة "تمبول" بولاية الجزيرة (وسط البلاد) شهدت مواجهات شرسة بين الجيش السوداني، وقوات "الدعم السريع"، بالأسلحة الثقيلة والخفيفة.
وطبقا للمصادر العسكرية، فإن "المواجهات العنيفة أسفرت عن مقتل العميد أحمد شاع الدين، قائد قوات الجيش السوداني بالمنطقة".
ومنذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، سيطرت قوات الدعم السريع على الجزء الأكبر من ولاية الجزيرة بعد انسحاب الجيش بشكل مفاجئ من دفاعاته بمدينة مدني عاصمة الولاية.
وأبلغ شهود عيان "العين الإخبارية"، أن المواجهات تسببت في نزوح آلاف المواطنين من حوالي 20 قرية شرقي ولاية الجزيرة.
وذكرت قوات "الدعم السريع" في بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية"، الثلاثاء، أن عناصرها حمست مغامرات الجيش السوداني وكتائب الحركة الإسلامية الذين هاجموا منطقة "تمبول" بولاية الجزيرة بقوة كبيرة بقوة كبيرة.
وأوضح البيان أن قوات "الدعم السريع"، ألحقت هزيمة قاسية بقوات الجيش السوداني وكبدته خسائر كبيرة بلغت أكثر من 370 قتيلا، بينهم قائد المتحرك ضابط برتبة العميد وضباط آخرين.
وأضاف: "استلمت قواتنا أكثر من 60 عربة قتالية بكامل عتادها حسب الإحصائيات الأولية، وتم تدمير أعداد كبيرة من مركبات العدو بجانب استلام أسلحة متنوعة وكميات من الذخائر."
كما شهدت مدينة مدني عاصمة ولاية الجزيرة، مساء الإثنين، - وفق ناشطون- أحداث عنف دامية، إثر غارة جوية نفذها الطيران الحربي التابع للجيش السوداني، مقتل 31 مدنيًا في غارة جوية نفذها الطيران العسكري على مسجد في ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، كما شنت قوات الدعم السريع هجمات على قرى في شرق الولاية.
وقالت لجان مقاومة ود مدني (نشطاء)، في بيان إن "طيران الجيش الحربي قصف مسجد الشيخ الجيلي ومحيطه بحي الامتداد الغربي بالبراميل المتفجرة، بعد صلاة العشاء."
وأفادت بمقتل 31 مواطنا في الغارة، حيث جرى التعرف على جثامين 15 فردا، فيما لا يزال هناك عشرات الأشلاء والجثامين لم يتم التعرف عليها حتى الآن.
ولم تتلق "العين الإخبارية"، تعليقا فوريا من الجيش السوداني، حول الغارة الجوية على مدينة مدني، والمواجهات العسكرية بمنطقة "تمبول" شرقي ولاية الجزيرة.
محور دارفور
ومع اتساع رقعة القتال أفادت مصادر عسكرية لـ"العين الإخبارية" بتجدد المواجهات العسكرية، الثلاثاء، بمدنية "كُلبس" بولاية غرب دارفور، بين الجيش السوداني والحركات المسلحة المتحالفة معه، وقوات "الدعم السريع" بالأسلحة الثقيلة والخفيفة.
وسبق أن أعلنت قوات "الدعم السريع"، مساء الإثنين، السيطرة على مدينة "كُلبس" بولاية غرب دارفور على الحدود مع تشاد.
وتقع مدينة كلبس على بُعد 130 كيلومترا من مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، الخاضعة لسيطرة الدعم السريع منذ نوفمبر/نشرين الثاني 2023.
ووفق المصادر العسكرية، فإن المواجهات بالمنطقة، أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات في صفوف الأطراف المتحاربة.
وأشارت منظمة الهجرة الدولية، إلى نزوح 1000 أسرة من مواقع مختلفة في أنحاء مدينة "كُلبس" إثر المخاوف الأمنية المستمرة، إذ لجأ غالبيتهم إلى المناطق الحدودية مع تشاد.
وحسب المصادر العسكرية، فإن قوات "الدعم السريع" أبعدت القوات المشتركة للحركات المسلحة من جبل "أوم"، لتحكم سيطرتها على مدينة "كُلبس"، وإحكام قبضتها بالكامل على ولاية غرب دارفور.
ارتفاع معدلات سوء التغذية
ومع تصاعد الأزمة الإنسانية بسبب الحرب، قالت منظمة إنقاذ الطفولة، الثلاثاء، إن 3 مسوحات جديدة أظهرت أن معدلات سوء التغذية الحاد الشامل تتجاوز الـ30% وسط الأطفال دون سن الخامسة، في السودان.
وأجرت مجموعة التغذية في السودان، وهي شراكة تضم الأمم المتحدة ووزارة الصحة ومنظمات غير حكومية منها إنقاذ الطفولة، مسوحات تغذية في جميع ولايات السودان.
وذكرت منظمة إنقاذ الطفولة، في بيان إن "3 مسوحات حديثة أظهرت بأن معدلات سوء التغذية الحاد الشامل تجاوزت 30% من السكان دون سن الخامسة."
وقالت إن المعدل المرتفع للغاية لسوء الأطفال دون سن الخامسة في 19 منطقة تقع في 9 ولايات، يدفع المجتمعات إلى خطر المجاعة لأول مرة منذ اندلاع النزاع قبل 18 شهرا.
وتعلن شبكة الإنذار المبكر، وهي أداة عالمية لقياس مستويات التغذية، المجاعة في منطقة ما عندما يعاني 20% من الأسر من نقص حاد في الغذاء ويعاني 30% من الأطفال من سوء التغذية الحاد ويموت شخصان من كل 10 آلاف فرد كل يوم بسبب الجوع أو سوء التغذية والمرض.
وأعلنت الشبكة في الأول من أغسطس/آب الماضي، وقوع مجاعة في مخيم زمزم للنازحين في ولاية شمال دارفور والذي يأوي نحو نصف مليون نازح.
وأفادت منظمة إنقاذ الطفولة بأن الأسر في السودان تأكل العشب من أجل البقاء، في ظل أزمة الجوع المتصاعدة مع انتشار مستويات سوء التغذية التي تصل إلى حد المجاعة في نصف ولايات البلاد.
وتقول الأمم المتحدة، إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، من أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب في السودان، بما يجنب البلاد كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت نحو 20 ألف قتيل وأكثر من 14 مليون نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.