الفترة الأدفأ للقطب الشمالي.. "التغير المناخي" يزداد قسوة
رغم مرور 7500 عام، يأتي يوم يصبح فيه القطب الشمالي أكثر دفئًا، وكأنه يعيش أدفأ فترة له على الكوكب، وهذا ما أكدته مؤخرًا دراسات علمية.
يُعدُّ القطب الشمالي أكثر دفئًا من القطب الجنوبي، ذلك أنه يقع على ارتفاع منخفض من مستوى سطح البحر ويقع في وسط المحيط، وهو أكثر دفئًا من المنطقة المغطاة بالجليد في القارة القطبية الجنوبية، حيث تكون درجة الحرارة في الصيف أكثر أوقات السنة دفئًا عند نقطة التجمد 0 درجة مئوية.
معدل غير مسبوق للاحتباس الحراري
وقد أعلنت دراسة نُشرت في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز اليوم الخميس، أن القطب الشمالي لم يكن دافئا في الـ7500 عام الماضية مثلما هو اليوم.
واستخدم العلماء تحليلًا لحلقات النمو السنوي للأشجار التي ترجع لـ5618 قبل الميلاد لـ"يجدوا أن الاحتباس في العصر الصناعي وصل لمعدل غير مسبوق ورفع درجات حرارة الصيف لمستويات تجاوزت تلك التي أعيد بناؤها خلال السبع آلاف سنة الماضية".
وكان إعادة بناء المناخ محتملًا لأن تآكل شبه جزيرة يامال أزاح التراب عن جذوع الأشجار القديمة التي يمكن استخدام حلقاتها السنوية لقراءة درجات حرارة الصيف التي تؤثر على نمو الأشجار.
وجرى استخراج أكثر من 3500 جذع شجرة في سيبيريا وجرى تحليل 1425 منها في الدراسة.
وترتفع درجات الحرارة في منطقة القطب الشمالي أسرع بمقدار 4 أضعاف من المتوسط العالمي، حسبما أوردت صحيفة Aamulehti الفنلندية في 12 أغسطس/آب الجاري نقلًا عن دراسة أجراها معهد الأرصاد الجوية في فنلندا.
ونقلت الصحيفة عن الباحث في المعهد ميكي رانتانن، قوله إن معدل الاحترار لكل عقد في الفترة ما بين 1979 و2021 في القطب الشمالي بلغ 0.75 درجة مئوية. ويُعد هذا المعدل أعلى بمقدار 4 أضعاف من المتوسط العالمي، الذي يعادل حوالي 0.19 درجة مئوية".
وأضاف الباحث أن الدراسات السابقة كانت تستخف بما يحدث في منطقة القطب الشمالي من ناحية التغيرات المناخية حيث أكّدت أن معدل ارتفاع درجة الحرارة في القطب الشمالي القطب الشمالي بلغ ضعف المعدل العالمي.
واكتشف العلماء الفنلنديون أيضا أن درجة الحرارة كانت ترتفع في بعض مناطق أقصى الشمال، بوتائر أسرع. وعلى وجه الخصوص، فإن درجة حرارة الغلاف الجوي فوق بحر بارنتس ارتفعت أسرع بمقدار 7 أضعاف بسبب الانكماش القياسي للجليد البحري.
وكان الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ قدم في وقت سابق تقريرا يفيد بأن متوسط درجة الحرارة على سطح الأرض من عام 2011 إلى عام 2020 كانت بـ 1.09 درجة أعلى، مقارنة بالفترة نفسها من عام 1850 إلى عام 1900.
مع ذلك فإن مساهمة النشاط الاقتصادي للإنسان في تغيير المناخ وارتفاع درجة الحرارة بلغت 1.07 درجة مئوية.
ومن أجل الحد من الاحترار العالمي تم عقد اتفاقية باريس عام 2015 التي من شأنها منع متوسط درجة الحرارة العالمية السنوية على الكوكب من تجاوز مستوى ما قبل العصر الصناعي بأكثر من درجتين مئويتين بحلول عام 2100 واتخاذ تدابير رامية إلى الحفاظ على ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي في حدود 1.5 درجة. انضمت روسيا إلى المبادرة في عام 2019.
ذوبان جرينلاند
وقد شهدت جرينلاند "ذوبانا متصاعدا'' من 15 إلى 17 يوليو، أدى إلى فقدان الغطاء الجليدي الضخم ما يكفي لملء 7.2 مليون حوض سباحة بحجم أولمبي.
وعلى الرغم من حدوث العديد من حالات الذوبان في السنوات السابقة، إلا أن الذوبان الأخير أكبر بمرتين من المعتاد ويحذر الخبراء من أنه ساهم بشكل كبير في زيادة مستوى سطح البحر العالمي.
وساهم ذوبان الغطاء الجليدي في جرينلاند بحوالي نصف بوصة في ارتفاع مستوى سطح البحر على مدار الثلاثين عاما الماضية، ولكن إذا انصهر الهيكل الذي تبلغ مساحته 695000 ميل مربع بالكامل، فسيزيد من المستويات بمقدار 20 قدما، ما سيؤدي إلى إغراق العديد من السواحل في العالم.
وقال تيد سكامبوس، عالم الأبحاث البارز في مركز مراقبة وعلوم الأرض بجامعة كولورادو والمركز الوطني لبيانات الجليد والثلوج (NSIDC)، إن جزءا كبيرا من الذوبان كان بسبب تدفق الهواء الدافئ من أرخبيل القطب الشمالي الكندي.
وتعرف صفيحة جرينلاند الجليدية بأنها ثاني أكبر كتلة من جليد المياه العذبة على هذا الكوكب، وتأتي في المرتبة الثانية بعد القارة القطبية الجنوبية.
وبدأ ذوبان الغطاء الجليدي في غرينلاند في عام 1990 وتسارع منذ عام 2000.
وفي 27 يوليو 2021، أفاد ماركو تيديسكو، عالم المناخ بجامعة كولومبيا، أن الغطاء الجليدي في غرينلاند فقد 8.5 مليار طن من الكتلة السطحية في يوم واحد، وهو ما يكفي لتغطية فلوريدا بوصتين من الماء.
ووجد الباحثون في مركز البحوث القطبية والبحرية، أن الغطاء الجليدي فقد 532 جيجا طن من الكتلة بشكل عام.