هل يصبح البيتكوين مؤشر الخطر الجديد في الأسواق؟
موجات الهبوط تكشف هشاشة شهية المخاطرة عالمياً
في تطوّر لافت يعيد رسم العلاقة بين العملات الرقمية والأسواق التقليدية، بات البيتكوين يلعب دوراً لم يتوقعه حتى أشد المؤمنين به.
في تطوّر لافت يعيد رسم العلاقة بين العملات الرقمية والأسواق التقليدية، بات البيتكوين يلعب دوراً لم يتوقعه حتى أشد المؤمنين به. ووفقا لتحليل نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، فإنه بعد سنوات طويلة من الجدل حول كونه مخزناً للقيمة أو أداة تحوط ضد التضخم، بدأت العملة المشفّرة الأكبر في العالم تتحول إلى «بارومتر» يلتقط تغيرات المزاج الاستثماري بأسرع مما تفعله المؤشرات التقليدية.
وخلال الأسابيع الأخيرة، هبط البيتكوين بنحو الثلث منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول، ليصل إلى حدود 84 ألف دولار. اللافت أن هذه التراجعات سبقت موجات بيع واسعة في أسواق الأسهم العالمية؛ وهو ما دفع العديد من مديري الأصول إلى النظر إليه باعتباره «ميزان حرارة» يقيس درجة المضاربة. ورغم تحسّن محدود في الأسهم مع نتائج «نفيديا» القوية، فإن عودة البيتكوين للهبوط أعادت إشعال التوتر، ورسخت فكرة أنه أصبح أداة تعكس حساسية المزاج العام أكثر من كونه أصلاً مستقلاً.
تصحيحات قوية مرتقبة
والجدل الحالي، وفقا للصحيفة، يتقاطع مع نقاش واسع حول احتمالية وجود فقاعة في أسهم الذكاء الاصطناعي. فبعد قفزات ضخمة لأسهم التكنولوجيا هذا العام، يميل الإجماع إلى أن تصحيحات قوية باتت مرجحة خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة، وإن كان من غير المتوقع حدوث انهيار كامل. ولم السؤال المطروح بين المستثمرين يتمحور حول وجود فقاعة، بل حول توقيت الخروج الآمن قبل تبخر المكاسب.
والنصيحة التقليدية بالحفاظ على تنويع المحافظ تبدو سهلة نظرياً وصعبة عملياً. فمن خفّض انكشافه على التكنولوجيا مبكراً فقد مكاسب استثنائية هذا العام، بينما من يحاول توقيت السوق بدقة يخاطر بقرارات خاطئة؛ فالانسحاب المبكر يشبه البقاء المتأخر في ضرره المهني، خصوصاً لدى مديري المحافظ الذين يُقاس أداؤهم لحظة بلحظة.
تفاؤل حذر
من جهته، يقر مارك هيفلي، كبير مسؤولي الاستثمار في إدارة الثروات ببنك UBS، بأن التوقعات المحيطة بالذكاء الاصطناعي ارتفعت إلى مستويات ربما تكون مبالغاً فيها، لكنه يفضّل البقاء متفائلاً مع توسيع قاعدة محفظته لتقليل التركز في أسهم قليلة تقود السوق. ويرى أنه حتى لو وقع تصحيح، فإن انفجار الفقاعة — إن وُجدت — قد يتأخر لعدة أشهر أو ربما سنوات. ويستعيد هيفلي تجربته في عام 1999 حين حذر مبكراً من فقاعة الإنترنت، ليبدو مخطئاً لفترة قبل أن يثبت الزمن صحة رؤيته. والدرس بالنسبة له اليوم: أن تكون «محقاً مبكراً» قد يكلّفك الكثير في سوق لا يكافئ الحذر.
في المقابل، يعبر فنسنت مورتييه، كبير مسؤولي الاستثمار في «أموندي» الفرنسية، عن القلق من الوتيرة الضخمة للإنفاق على بنية الذكاء الاصطناعي، معتبراً أن الأسواق ربما تقف عند مفترق طرق. لكنه يرى أن الحل لا يكمن في البيع، بل في التحوّط عبر شراء أدوات حماية ضد الهبوط، لتقليل المخاطر من دون الخروج من الأسهم الرابحة مبكراً. مورتييه لا يستثمر في البيتكوين، لكنه يتابعه عن قرب لما تمثله تحركاته من تذكير بأن «الأشجار لا تنمو إلى السماء»، وأن كل صعود لا بد أن تعترضه تصحيحات ضرورية.
ورغم أن سيناريو انهيار شامل خلال 2025 أو 2026 يظل احتمالاً ضعيفاً، فإن التراجعات المتقطعة تبدو شبه مؤكدة. وفي هذا الإطار، قد يصبح البيتكوين — بما يحمله من تقلبات حادة وتفاعل سريع مع الأخبار — أداة مساعدة للمستثمرين على استشراف المزاج العام وفهم الاتجاهات قبل أن تظهر في المؤشرات التقليدية.
ومع استمرار الأسواق في ملاحقة موجة الذكاء الاصطناعي الجامحة، يبرز «مؤشر البيتكوين» كوسيلة لتجنّب بعض المنعطفات الخطرة، لا كبديل للعملات أو ملاذ آمن، بل كمرآة تكشف تقلبات النفسية الجماعية في عالم الاستثمار.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTkg جزيرة ام اند امز