العملات المشفرة في صدمة.. خسائر بالمليارات تضرب بيتكوين وإيثيريوم
بعد الانتشاء بالمكاسب القياسية في 2025

بعد أسابيع من الصعود التاريخي، عاشت أسواق العملات المشفّرة واحدة من أعنف هزّاتها منذ سنوات، فبين ليلةٍ وضحاها تبخّرت مليارات الدولارات من القيمة السوقية، وتحول حماس المستثمرين إلى حالة من الذعر الجماعي.
من "بيتكوين" إلى "إيثيريوم"، لم يسلم أحد من الانهيار الذي ذكّر البعض بـ"الثلاثاء الأسود" في البورصات التقليدية. فهل ما حدث مجرد تصحيح مؤقت، أم بداية لأزمة مالية رقمية جديدة تهزّ الاقتصاد العالمي؟
تراجع حاد
قالت صحيفة "ويست فرانس" الفرنسية إنّه منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2025، تشهد العملات المشفّرة تراجعًا حادًّا في قيمتها، في سلسلةٍ من الانخفاضات التي بدأت بسوق بيتكوين وامتدّت لتشمل أغلب الأصول الرقمية.
وتاريخيًا، يُعرف شهر أكتوبر/ تشرين الأول بأنه شهر الانهيارات المالية — من أزمة 1929 إلى كوارث 1987 — وها هو أكتوبر/ تشرين الأول 2025 يُعيد هذا السيناريو في عالم العملات المشفّرة، تلك الأصول الرقمية التي تُتداول خارج الإطار المصرفي التقليدي.
في الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول، سجّل بيتكوين رقمًا قياسيًا جديدًا متجاوزًا حاجز 125,000 دولار، لكن سرعان ما تهاوت قيمته لتصل إلى نحو 105,000 دولار، أي ما يعادل مستواه في بداية الصيف.
ولم يكن بيتكوين وحده من تراجع؛ فقد هبطت إيثيريوم من 4,686 إلى 3,218 دولارا، وBNB من 1,304 إلى 1,047 دولارا، بينما تراجعت سولانا من 222 إلى 177 دولارا.
لكن بعض العملات الصغيرة فقط نجت من هذا الانهيار العام، فيما كانت الخسائر شاملة وقاسية.
انخفاض يغذّي نفسه بنفسه
وأوضحت فالنتين ديميزون، من شركة Mon Petit Placement، أن هذا الانهيار جاء نتيجة لما تسميه "حركة ذاتية التغذية"، قائلة: "بدأ الأمر بتراجع طفيف، ثم سادت بين المستثمرين فكرة أن الأسعار ستواصل الهبوط، فبدأوا بالبيع خوفًا من الخسارة… لتتحوّل تلك الموجة الصغيرة إلى انهيار شامل.. عمليات البيع هذه، التي نُفّذ الكثير منها تلقائيًا عبر أنظمة التداول الآلي، ساهمت في تسريع وتيرة السقوط".
أما عن الأسباب الحقيقية وراء الشرارة الأولى، فتشير ديميزون إلى أن بعض الخبراء يعزونها إلى التوترات الجيوسياسية العالمية، خصوصًا بعد تصريحات دونالد ترامب حول احتمال فرض رسوم جمركية جديدة على الصين، مما زاد من مخاوف تباطؤ الاقتصاد العالمي ودفع المستثمرين للابتعاد عن الأصول عالية المخاطر مثل البيتكوين.
كما أشار آخرون إلى حالة الترقّب لقرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة، والتي تؤثر بشكل مباشر على جاذبية الأصول الآمنة مثل سندات الخزانة، ومن ثم على شهية المخاطرة في الأسواق الرقمية. لكن، وكما تقول ديميزون: "في الحقيقة، لا أحد يعرف السبب الدقيق لما حدث في أكتوبر/ تشرين الأول".
الخاسر الأكبر: المستثمر الصغير
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أنه على ما يبدو، لم يبدأ هذا الانهيار من مستثمرين صغار، بل من "الحيتان"، في إشارةٍ إلى كبار المستثمرين الذين يحرّكون الأسواق بمليارات الدولارات.
وأوضحت ديميزون أن قلة التنظيم في سوق العملات المشفّرة تسمح بحدوث "تدفّقات مالية ضخمة يمكنها قلب السوق رأسًا على عقب. وفي النهاية، كما هو الحال دائمًا، يدفع المستثمرون الصغار الثمن".
ووفقًا للصحيفة الفرنسية، فإن بيتكوين قد جرّ معه بقية العملات إلى الهاوية، سواء بفعل "عدوى السوق" التي تقلّل من ثقة المستثمرين في كل ما هو رقمي، أو لأن كثيرًا من العملات الأخرى تشتق جزئيًا من البيتكوين نفسه، فتتأثر بسقوطه مباشرة.