تحرك أمريكي.. هل تنجح واشنطن في إنعاش السلطة الفلسطينية؟
"لا يمكن بقاء الوضع على ما هو عليه".. خلاصة أمريكية لمشهد فلسطيني إسرائيلي تراه قد يخرج عن السيطرة.
فمؤخرا، حمل مسؤولون أمريكيون زاروا إسرائيل والأراضي الفلسطينية رسالة واحدة إلى الطرفين جاء فيها : "لا يمكن بقاء الوضع على ما هو عليه".
وتراقب واشنطن عن كثب الوضع الآخذ بالتدهور في الضفة الغربية وتخشى من أن يفقد الطرفان السيطرة على الأوضاع فتتدحرج إلى ما لا يريده أي من الأطراف.
ووصل نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي هادي عمرو إلى المنطقة، الأسبوع الماضي، وتبعته مساعدة وزير الخارجية الأمريكي باربرا ليف.
تصعيد تُخشى نتائجه
وللتعقيب على هذه التطورات، قال دبلوماسي غربي، لـ"العين الإخبارية": "نخشى من تدحرج الأمور إلى تصعيد أكبر بما يؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية وهو ما لا يصب في مصلحة أحد".
الدبلوماسي الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، لحساسية موقعه، كشف أن "الرسالة التي حملها كلٌ من ليف وعمرو، هي أن على إسرائيل القيام بخطوات لمساعدة السلطة الفلسطينية التي بدورها عليها أن تفرض سيطرة أكبر على الأمور".
وأضاف "الأمور على الأرض مقلقة بشكل خاص وبصراحة لا يمكن بقاء الوضع على ما هو عليه".
وكانت التطورات على الأرض بالضفة الغربية دفعت واشنطن للتحرك في ظل مواجهات شبه يومية بين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي باتت تخلف أعدادا مرتفعة من القتلى والجرحى الفلسطينيين.
فبموازاة الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة للمناطق السكنية الفلسطينية بالضفة الغربية لغرض اعتقال نشطاء مطلوبين، باتت تزداد عمليات إطلاق نار على الجنود والمستوطنين الإسرائيليين في شوارع الضفة.
ظاهرة المسلحين
وباتت القوات الإسرائيلية التي تقتحم المدن والمخيمات والبلدات الفلسطينية بالضفة الغربية، تواجَه بمسلحين فلسطينيين من مختلف الفصائل بما فيها، وفي أحيان كثيرة في مقدمتها، كتائب شهداء الأقصى، الجناح المسلح غير الرسمي لحركة "فتح".
وعادت ظاهرة المسلحين إلى شوارع المدن الفلسطينية في مشهد لم تشهده الضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية التي انطلقت عام 2000.
"العين الإخبارية" تواصلت مع مسؤول فلسطيني كبير للوقوف على هذا الوضع: "قلنا للأمريكيين والأوروبيين إن استباحة الجيش الإسرائيلي للمدن والمخيمات والقرى الفلسطينية هي بمثابة عنصر تفجير، وإنه إذا ما أريد عودة الهدوء فإن على إسرائيل أن توقف عدوانها هذا".
وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه: "لا يمكن بأي حال أن تتوقع إسرائيل أو أي طرف آخر من السلطة أن تفرض سيطرتها في الوقت الذي تتعمد فيه تل أبيب إفشالها من خلال الاقتحامات لمناطق من المفترض أنها تقع تحت السيطرة الفلسطينية".
وتابع: "بلغت الوقاحة أن يتم الطلب من الأجهزة الأمنية الفلسطينية اعتقال فلسطينيين يتصدون لاجتياحات الجيش الإسرائيلي للمدن التي تنص الاتفاقيات الموقعة على أنها تقع تحت المسؤولية الفلسطينية الكاملة".
من المتحكم بالوضع؟
وفي ظل غياب أفق سياسي وتردي الأوضاع الاقتصادية في الضفة الغربية يجد شبان فلسطينيون أنفسهم في مواجهة وجها لوجه مع الجيش الإسرائيلي داخل مدنهم ومخيماتهم.
إلا أن إسرائيل تعزو الازدياد الملحوظ في عمليات إطلاق النار بالضفة الغربية إلى "ضعف السلطة الفلسطينية".
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس، مساء الأربعاء، للصحفيين: "نطالب السلطة الفلسطينية بألا تتحدث علانية عن الإرهاب فحسب، بل أن تعمل ضده أيضًا. إن انتشار السلاح وانعدام الحكم يضر بالشعب الفلسطيني والسلطة نفسها".
وأضاف: "لقد نقلت هذه الرسالة مرة أخرى اليوم لقيادة السلطة الفلسطينية، لن نسمح للمسلحين الذين يسعون لقتل الإسرائيليين بالتجول بحرية، وسنلاحقهم ونوقفهم، وفي الوقت نفسه سنواصل تعزيز الفاعلين المعتدلين، ومنع إلحاق الأذى بالحياة الروتينية للغالبية، الذين ليسوا متورطين في الإرهاب".
غير أن المسؤول الفلسطيني الذي تحدث لـ"العين الإخبارية" أعلاه، ردّ عليه بالقول، إن "إسرائيل هي من تضعف السلطة الفلسطينية وذلك من خلال الاقتحامات المتواصلة للمناطق الخاضعة لسيطرتها، ومن خلال استمرار عمليات الاعتقال والقتل وحتى احتجاز الأموال الفلسطينية بحجج واهية بما أفقد السلطة القدرة حتى على دفع الرواتب لموظفيها بشكل كامل".
وتساءل: "كيف يعقل أن يقال إن إسرائيل حريصة على بقاء السلطة الفلسطينية في الوقت الذي تتعمد إهانتها في عيون أبناء شعبها يوميا وإفقادها القدرة حتى على دفع رواتب موظفيها؟".
ورأى المسؤول نفسه أن "الضفة الغربية باتت ساحة دعاية انتخابية إسرائيلية، والأحزاب الإسرائيلية المتنافسة تسعى لاجتذاب أصوات اليمين من خلال التصعيد أكثر".
واستنادا إلى الدبلوماسي الغربي، فإن الولايات المتحدة الأمريكية طلبت من إسرائيل اعتماد خطوات من شأنها تعزيز السلطة الفلسطينية.