وقود سيارات من المخلفات.. "العين الإخبارية" تكشف "الخلطة المثالية"
كان رؤية اسم باحثة من كلية الصيدلة بجامعة أسيوط جنوب مصر على دراسة بدورية "الطاقة" كافيا لإثارة تساؤل حول العلاقة بين الصيدلة والطاقة.
وكانت الدراسة، التي نشرت في أبريل/نيسان من العام الماضي، حول تحسين كفاءة الوقود الحيوي المصنع من المخلفات الزراعية "البيوجاز"، ليصبح صالحا للاستخدام كوقود للسيارات.
لم تكن باقي الأسماء الموجودة على البحث مثيرة للسؤال، ولكن اسم باحثة الصيدلة فاطمة يحيى، هو ما دفع "العين الإخبارية " لتوجيه السؤال إلى قائد الفريق البحثي ناجح علام، الأستاذ بكلية العلوم والهندسة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ليفاجئنا برده، أنه لولا الدور الذي قامت به باحثة الصيدلة، ما توصلوا إلى الخلطة المثالية لتحسين كفاءة وقود البيوجاز.
لم تزدنا إجابة علام إلا فضولا، وهو ما دفعنا إلى محاولة تحفيزه للحديث بمزيد من التفاصيل، عبر سؤال ساخر كان مضمونه: "يعني مثلا أعطت للبكتيريا المستخدمة في تحليل المخلفات الزراعية مضادات حيوية؟!".
يبتسم علام، قبل أن يقول: "رغم المضمون الساخر للسؤال، إلا أنك اقتربت من سر وجود باحثة في الصيدلة بين أعضاء الفريق البحثي، فهي تعمل مع البكتيريا، وسر الخلطة الجديدة التي قدمناها تعتمد على البكتيريا".
استمر علام في إثارة فضولنا عبر إجاباته، لكنه لم ينتظر هذه المرة محاولة انتزاع التفاصيل بسؤال جديد، وقال: "من المؤكد أنك تريد معرفة سر هذه الخلطة، ولكن قبل أن نكشفها، لابد أن نعرف أولا ما هي المشكلة التي نجحت الخلطة في علاجها".
ويقول علام: "إحدى مشاكل الوقود الحيوي هي ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون في مكونات الغاز، والتي تؤدي إلى عدم استقرار اللهب، أي أنه ما يلبث أن يشتعل، حتى يطفأ، وهو أمر يعوق استخدام هذا الوقود، ما لم يتم ترشيح هذا المكون في الغاز عبر بعض المرشحات، وهو الحل الذي تنتهجه الدول التي تنتج بكميات كبيرة هذا الوقود المستخرج من البواقي الزراعية على نطاق واسع، مثل البرازيل والهند".
من المؤكد أنك تتساءل الآن: "طالما أنه يوجد حل، فما هو الدافع وراء بحثكم"، أومأت بالموافقة ليرد قائلا: "هذا الحل مكلف جدا، ودور البحث العلمي هو البحث عن الحلول الرخيصة، لتكون هناك جدوى اقتصادية من الاستثمار في هذا النوع من الوقود، والحل الرخيص الذي توصل له فريقنا البحثي هو إضافة مواد نانومترية لعملية التخمر اللاهوائي للبواقي الزارعية، التي يتم من خلالها إنتاج الوقود، بحيث يساعد ذلك على زيادة محتوى الوقود من الميثان، وتخفيض ثاني أكسيد الكربون المسبب للمشكلة، وكان دور باحثة الصيدلة مهما في تحديد نوع هذه المواد".
ويضيف: "من خلال دراسة باحثة الصيدلة فاطمة يحيى للبكتيريا المستخدمة في عملية التفاعل، تم اكتشاف أنها تفرز إنزيمات الحديد وأكسيد الزنك، فجاء التفكير في تجربة مواد نانومترية من هاتين المادتين، حتى يتم تحفيز عملية التفاعل نحو إنتاج مزيد من الميثان، وهو المكون الطبيعي للغاز الطبيعي، وتخفيض نسبة ثاني أكسيد الكربون المنتجة".
واختبر علام وفريق البحثي أكثر من خليط من المواد النانومترية، فاختبروا مواد مصنعة من الزنك والحديد بمفردهما، واختبروا مواد مصنعة من المادتين مضافا إليهما أنابيب الكربون الناموترية، فوجدوا أن أفضل خلطة هي التي تحتوي على الزنك والحديد فقط، حيث ساعدت على إنتاج وقود حيوي بنسبة 90% ميثان و10% ثاني أكسيد الكربون، وهي نسبة ضمنت استمرارية اللهب والحصول على وقود يقترب من كفاءة الغاز الطبيعي.
ويقول علام: "وجدنا عند مقارنة كمية الطاقة الناتجة من احتراق لتر من البيوجاز المحتوي على أقل نسبة من ثاني أكسيد الكربون (تقريبا ١٢%)، مع لتر من الغاز الطبيعي، أن البيوجاز يعطي ٩٠% من كمية الطاقة الناتجه من احتراق لتر من الغاز الطبيعي".
وانتقل الفريق البحثي بعد إثبات المواصفات الجيدة للوقود معمليا إلى خطوة عملية، لضمان عدم وجود أي شوائب بالوقود عند استخدامه بشكل عملي، وتعاونوا مع قسم الميكانيكا بالجامعة الأمريكية في تصميم آلة احتراق داخلي تضاهي ما يحدث في موتور السيارة للتأكد من التخلص من مشكلة عدم استمرارية اللهب، والتي تؤدي عند استخدمه كوقود للسيارات في توقف الموتور بعد تشغيله بشكل مستمر، كما تأكدوا من عدم وجود أي شوائب تؤثر على كفاءة الوقود، وجاءت النتائج إيجابية أيضا.
ويقول علام: " بحثنا نموذجا للتعاون بين أكثر من تخصص، وهي الهندسة والصيدلة والميكانيكا والكيمياء، ولولا هذا التعاون ما تمكنا من حل هذه المشكلة التي تعوق استخدام البواقي الزراعية كوقود فعال".
aXA6IDE4LjExNy4xNjguNzEg جزيرة ام اند امز