مياه وزحام وتلوث.. ثلاثي يجرد جاكرتا من لقب العاصمة
الفيضانات تعد عملة سائدة في جاكرتا خلال موسم الأمطار، ومن المرتقب أن تتفاقم هذه الظاهرة مع ارتفاع مستوى البحار جرّاء التغير المناخي.
اقترح الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، الجمعة، على البرلمان نقل العاصمة من جاكرتا إلى جزيرة بورنيو.
وطرح الرئيس الاقتراح في خطاب حالة الاتحاد قبل يوم واحد من احتفال البلاد بالذكرى الـ74 لاستقلالها، واقترح إقامة العاصمة الجديدة في كاليمانتان على الجانب الإندونيسي من جزيرة بورنيو التي تتقاسم جاكرتا السيادة عليها مع ماليزيا وبروناي.
ويأتي هذا الاقتراح بعد أن انهارت تربة جاكرتا تحت ثقل أبنيتها فيما باتت أساساتها ضعيفة جراء ضخ المياه الجوفية وارتفاع مستوى البحار، لكن السواد الأعظم من سكان العاصمة المقدر عددهم بـ10 ملايين نسمة محكوم عليهم بالبقاء في هذه المدينة المكتظّة والمهدّدة.
وإذا ما استمرّ الوضع على هذا المنوال، فإن المياه قد تغمر ثلث المدينة بحلول عام 2050، بحسب خبراء بيئيين.
وفي ظلّ هذه الشجون التي تضاف إليها زحمات سير خانقة وتلوثّ ومخاطر هزّات أرضية، أعلنت الحكومة في مايو/أيار أنها ستبتّ هذه السنة في موقع العاصمة السياسية للبلاد.
وقد تعلن الحكومة عن خيارها عما قريب، بحسب وسائل إعلام إندونيسية، علما أن جاكرتا في جزيرة جاوة ستبقى العاصمة الاقتصادية.
وقال رشدي صاحب كشك لبيع المأكولات: "في كلّ مرّة تحدث فيضانات، يتملّكني الخوف".
وأضاف من منزله الواقع بالقرب من المرفأ: "كدت أغرق في عام 2007 وجرفت المياه كلّ ما أملك، واضطررت للبدء من خانة الصفر".
وتعد جاكرتا التي أقيمت على مستنقعات بالقرب من ملتقى 13 نهرا ضعيفة الأسس، وزادت الضغوطات على أساساتها الهشّة نتيجة التوسّع العمراني الفائق السرعة مع مبان جديدة وناطحات سحاب وحركة سير كثيفة وتخطيط مدني سيئ.
وتفتقر الأحياء الشمالية في جاكرتا إلى إمدادات مياه، فتلجأ المصانع المحلية والمنازل السكنية إلى المياه الجوفية.
وتغور جاكرتا 25 سنتيمترا في السنة في بعض المواقع، أي ضعف المتوسّط العالمي المسجّل في المدن الساحلية الكبرى، وباتت بعض أجزاء المدينة دون مستوى سطح البحر بـ4 أمتار فيما ملايين السكان تحت رحمة الكوارث الطبيعية.
وتعد الفيضانات عملة سائدة في المدينة خلال موسم الأمطار، لكن من المرتقب أن تتفاقم هذه الظاهرة مع ارتفاع مستوى البحار جرّاء التغير المناخي.
وتسعى السلطات المحلية جاهدة إلى إيجاد حلول لمشاكل جاكرتا، وتمّت الموافقة على مشروع تشييد جزر اصطناعية في الخليح من شأنها أن تقوم مقام حاجز يلجم ارتفاع مستوى بحر جاوة، فضلا عن إقامة جدار ساحلي واسع، لكن لا توجد ضمانات على أن هذا المشروع الذي تقدّر كلفته بـ40 مليار دولار والذي تأخّر تنفيذه سنوات عدّة، سيحلّ المشكلة.
وتم تشييد جدران أسمنتية في منطقة رشدي وغيرها من الأحياء المعرّضة لخطر كبير، لكن المياه بدأت تتسرب إلى الأزقة الضيقة وأكواخ الأحياء الفقيرة.
وقال عالم الجيولوجيا هري أندرياس من معهد التكنولوجيا في باندونج: إن تشييد الجدران ليس حلّا مستداما، ولا بدّ من إعادة النظر في طريقة إدارة المياه.
وأشار إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في الاستخراج المفرط للمياه الجوفية، مؤكدا أنه لا سبيل لحلّ الوضع من دون شبكة كاملة للإمدادات المائية.