نقص المياه وارتفاع الحرارة وراء هجرة سكان أهوار العراق
هجرة سكان الأهوار أدت إلى انخفاض أسعار الجاموس في العراق من 3 ملايين دينار إلى نصف مليون دينار عراقي.
نقص المياه إلى مستويات متدنية في نهر الفرات أجبر سكان الأهوار الوسطى في العراق على الهجرة من مناطقهم فرادى وجماعات.
ويقول مدافعون عن البيئة وباحثون، إن "نقص المياه الذي يتزامن مع ارتفاع مستويات الملوحة يهدد أيضا النظام البيئي في تلك المناطق ومربي الجاموس بها".
ويشكو مربو الجاموس من أن متوسط تدفق المياه الحالي، الذي يبلغ 17 مترا مكعبا في الثانية، يكفي بالكاد لتغطية منطقة الأهوار الشاسعة، بما يهدد بإصابة أعداد هائلة من الجاموس بالمرض والهلاك ويجبر كثيرين على الهجرة.
ومن بين أكثر مناطق الأهوار الوسطى تضررا بسبب انخفاض مستوى المياه في نهر الفرات قرية إيشان حلاب، ويغذي نهر الفرات الأهوار حاليا بنحو 87 سنتيمترا مقارنة مع 1.28 متر قبل بضعة اشهر، الأمر الذي يجبر الناس على هدم منازلهم التقليدية وترك المنطقة للمدن القريبة، بحثا عما يمكنهم أن يقتاتوا عليه هم وقطعانهم.
وقال أحمد موحان، وهو أحد سكان قرية إيشان حلاب القليلين المتبقين فيها، لتلفزيون "رويترز": "هاجرت الناس ما طلت (لم تنظر للخلف)، بقينا إحنا كم بيت، الناس كانت، شوف هاي كانت متروسة ناس فوق المئة بيت هنا، كلها طشت الناس، ظلينا إحنا كم واحد هنا، حال الضيم حالنا الكرص (البعوض) ماكلنا، العطش ما خذنا. هاي حالتنا كلها بسبب الماء وكون الحكومة تجيب لنا الماء، الناس والله كانت متونسة، هنا حلالها، أسلاف هاي اللي تشوفها، تقول ولاية، السلف هذا به فوق ال ٢٠٠ بيت بس بحلاب".
ويزيد ارتفاع درجة الحرارة والسدود التي تقام على نهري دجلة والفرات وزيادة الأنشطة الزراعية من الضغط على موارد المياه الشحيحة في العراق.
وقال رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية رعد حبيب إن "هجرة سكان مناطق الأهوار أدت إلى انخفاض حاد في أسعار الجاموس من 3 ملايين دينار عراقي إلى مليون دينار، ثم إلى أقل من مليون دينار أو حتى 500 ألف دينار عراقي".
وأجبر نقص المياه من يربون الجاموس على شراء الطعام لحيواناتهم بمبلغ 440 ألف دينار عراقي للطن (نحو 369 دولارا)، بالإضافة إلى شراء مياه بما بين 12 ألفا و16 ألف دينار عراقي يومياً، ما فاقم أعباءهم المالية.
وقال رعد حبيب: "منطقة إيشان حلاب اللي هي المنطقة اللي إحنا واقفين بها الآن هي منطقة استيطان يومية تقريبا ما يقارب قبل ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر كان يسكنها تقريبا أكثر من 100 بيت، 100 عائلة كانت تسكن هنا، عدد الجاموس تقريبا أكثر من 6 آلاف جاموسة يعني متواجدة بهاي المنطقة. إلا أن هاي المنطقة تقريبا هُجرت بالكامل، كل مربي الجاموس هاجروا، ما بقي إلا بيت واحد أو بيتين وهم أصلا يجهزون أنفسهم للهجرة، لأن كل مصادر المعيش وكل مصادر تربية الجاموس خلاص انتهت".
وأضاف: "اللي موجودين الآن جاي ينقلون الماي (الماء) تقريبا مسافة عشرين كيلومتر من مركز القضاء الماي آرو الماء لهم شرب وللجاموس مالتهم (الخاص بهم)، وهذا يزيد من تكلفة تربية الجاموس، لأن الجاموس أصبح مستهلكا، يعني زاد على كاهل مربي الجاموس يعني غير منتج. صراحة الآن الجاموس يصرف يعني بجد أضعاف سعرها، يصرفون عليها من أجل أن يحافظوا على الجاموس مالتهم، وهذا زاد من كاهلهم، بالإضافة إلى زيادة يعني زيادة مستويات البطالة بين سكان الأهوار، يعني بشكل أعداد مخيفة، لأن تعرف أنت مناطق الأهوار بتعتمد مصدر الرزق مالتها بتربية الجاموس، صيد الأسماك، الطيور، السياحة. الآن كل هذه المصادر أصبحت معدومة بشكل تام".
وحول ما يتعلق بعدد الذين يهجرون منطقة الأهوار الوسطى، قال جاسم الأسدي مدير العمليات الجنوبية لمنظمة طبيعة العراق المعنية ببيئة الأهوار في قضاء الجبايش: "ليس هناك رقم محدد، بس بكل تأكيد الهجرة مئات العوائل، ليس عشرات العوائل، مئات العوائل. نستطيع أن نقول فقط إيشان حلاب وإيشان قبة تجاوز العدد الـ150 عائلة، كذلك الحال بالنسبة لهور الحّمار الغربي، فكل آل البحر الذين كانوا يسكنون في هور الحّمار الغربي قد هجروها. كما ترى البيت القريب علينا هدا مهاجر من هور الحّمار جاء لأن ثمة قليلا من المياه في هذه القناة العميقة".
وأضاف الأسدي: "بكل تأكيد اليوم لن تجد مربي جاموس داخل الأهوار الوسطى، كثيرون أنا باعتقادي 96، 90% من مربي الجاموس في عمق في هور الحّمار قد هاجروا تماما إلى الفرات، قريب مدينة الجبايش، وكثير من الذين يسكنون داخل الأهوار الوسطى قد هاجروا إلى أماكن أيضا بعيدة، قسم منهم هاجروا إلى المشرح والكحلاء ثم عادوا مرة أخرى، لأنه كذلك الحال المشرح الآن منطقة منكوبة، منطقة جافة تماما وكذلك الحالب بالنسبة للكحلاء".
وانزعج العراق عندما بدأت تركيا في تخزين مياه نهر دجلة خلف سد إليسو الشهر الماضي. ويعاني البلد بالفعل من جفاف قلص مستويات المياه في البحيرات والأنهار. وتحمل بغداد تركيا معظم المسؤولية.
وكانت الأهوار تغطي 9 آلاف كيلومتر مربع في سبعينيات القرن الماضي، لكنها تقلصت إلى 760 كيلومترا مربعا بحلول عام 2002. وبحلول سبتمبر/أيلول 2005 جرت استعادة نحو 40% من المنطقة الأصلية، ويقول العراق إنه "يستهدف استعادة 6 آلاف كيلومتر مربع في المجمل".
aXA6IDMuMTQ0LjEyMi4yMCA= جزيرة ام اند امز