طاقة الأمواج.. قوة بحرية كامنة تكفي لتشغيل الكوكب بأكمله
يمكن أن تلعب طاقة الأمواج دورًا مهمًا في التخفيف من تغير المناخ، وتوفر مصدرا ثابتا ومتجددا للطاقة، إلى جانب تأثيرها البيئي المنخفض، ما يجعلها حلاً واعدًا في الانتقال إلى مستقبل الطاقة المستدامة.
وهذه الأفكار التي ما زالت حبيسة معامل الاختبارات ليست وليدة اليوم، فهي موجودة منذ القرن الثامن عشر وتحديدا 1799 عندما حصل الفرنسي فير سيمون جيرارد، على أول براءة اختراع على آلة اخترعها وابنه في تحويل طاقة الأمواج إلى طاقة تشغل مضخات المياه والمعدات الصناعية.
ومع تزايد الحاجة إلى مصادر طاقة بعيدة عن الوقود الأحفوري سرع العلماء ومراكز الأبحاث اختبارات طاقة الأمواج، وإن كانت تسير بشكل بطيء مقارنة بمسارات مصادر الطاقة المتجددة الأخرى.
ويعد القلق بشأن الاستثمار وتمويل هذه التقنيات أحد أهم العوائق أمام انتشارها بشكل تجاري.
وتتطلب هذا التقنيات استثمارًا مستمرًا في البحث والتطوير والسياسات الداعمة وزيادة الوعي مع استمرار العالم في التصدي لتأثيرات تغير المناخ.
قوة الأمواج
طاقة الأمواج هي شكل من أشكال الطاقة المتجددة التي يتم تسخيرها من قوة أمواج البحر، ويتم الاعتراف بها بشكل متزايد لدورها المهم في التخفيف من تغير المناخ.
وعلى عكس مصادر الطاقة المتجددة الأخرى مثل الرياح والطاقة الشمسية، يمكن التنبؤ بطاقة الأمواج ويمكن أن تولد الطاقة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وتعد الكنز المفقود خاصة إذا كانت الأمواج تولّد 2700 غيغاواط من الطاقة، مقابل استغلال 500 غيغاواط، حاليا عن طريق تقنيات طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية .
وتوجد 31 دولة على مستوى العالم تستفيد من طاقة الأمواج أو مياه البحر، تستحوذ أوروبا وحدها على 75% من هذه التقنيات، وإن كانت التكلفة حتى الآن تصل تقريبا لإنتاج 1 كيلوواط من الكهرباء من طاقة الأمواج لنحو 40 سنتا من الدولار، مقابل أن طاقة الرياح لا تكلف أكثر من 6 سنتات من الدولار لإنتاج نفس الكمية من الكهرباء.
تشغيل الكوكب
تشير التقديرات إلى أن الطاقة المخزنة في الأمواج قبالة سواحل محيطات العالم تصل إلى 32000 تيراواط ساعة في السنة، هذا يكفي لتشغيل الكوكب بأكمله، ومع ذلك، يكمن التحدي في تطوير التكنولوجيا التي يمكنها تحويل هذه الطاقة بكفاءة وفعالية من حيث التكلفة إلى كهرباء.
ومع ذلك، تم تحقيق خطوات كبيرة في هذا المجال. تعمل الشركات والباحثون في جميع أنحاء العالم على تطوير حلول مبتكرة لتسخير طاقة الأمواج.
على سبيل المثال، أصبحت محولات طاقة الأمواج، وهي أجهزة تحول الطاقة الحركية للمحيطات إلى كهرباء، أكثر كفاءة وفعالية من حيث التكلفة. مع تحسن هذه التقنيات، تزداد إمكانية مساهمة طاقة الأمواج في مزيج الطاقة العالمي.
تأثير بيئي أقل
علاوة على ذلك، فإن طاقة الأمواج لها تأثير بيئي أقل مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى، لا ينبعث منها غازات الدفيئة، وللبنيتها التحتية الحد الأدنى من البصمة، مما يقلل من تأثيرها على النظم البيئية البحرية، هذا يجعلها خيارًا جذابًا بشكل خاص في مكافحة تغير المناخ.
ومع ذلك، على الرغم من إمكاناتها، لا تزال طاقة الأمواج موردًا غير مستغل إلى حد كبير. ويرجع ذلك جزئيًا إلى التحديات الفنية المرتبطة بتسخير طاقة الأمواج، ولكن أيضًا إلى نقص الوعي والاستثمار في هذا القطاع، لتحقيق إمكانات طاقة الأمواج بالكامل، هناك حاجة إلى مزيد من البحث والتطوير، وكذلك السياسات التي تشجع الاستثمار في الطاقة المتجددة.
ومع اختلاف قوة حركة الأمواج من منطقة إلى أخرى واختلافها فين البحار والمحيطات، فإن الأمواج التي تضرب السواحل في البحار قد تولد طاقة من 30 إلى 40 كيلووات/ متر، وترتفع هذه النسبة في المحيطات لتصل إلى أكثر من 30 ميجاوات من الطاقة في نصف ميل بحري، ما يكفي لتزويد 20 ألف منزل بالطاقة الكهربائية في الدول المتقدمة.
تكلفة مرتفعة
لكن هذه التكنولوجيا ما زالت قيد البحث والتطوير بما يجعلها حاليا عالية التكلفة، وإن كانت على المدى الطويل تعتبر أقل مع الأخذ في الاعتبار عدم الحاجة لحرق وقود أحفوري، أو تكاليف صيانة وتشغيل كثيرة، بجانب المكاسب البيئية ، والتنموية لمثل هذه التقنيات، إلا أن أضرارها على البيئة البحرية أقل خاصة إذا كانت في الجزء الأعلى من مياه البحر أو المحيط بعيدا عن الأعماق والأحياء البحرية.
كما أنها يمكن أن تتركز في مسارات بعيدا عن الشحن البحري أو مسارات السفن أو حركة السياحة الشاطئية، وخاصة في المناطق المهجورة أو بعيدا عن المدن الساحلية.
علاوة على ذلك، فإن دمج طاقة الأمواج في شبكة الطاقة الحالية يطرح مجموعة من التحديات الخاصة به، تعني الطبيعة المتقطعة للموجات أن إنتاج الطاقة يمكن أن يكون غير متوقع، مما يجعل من الصعب الاعتماد على طاقة الأمواج كمصدر ثابت للطاقة.
ومع ذلك، مع التقدم في تكنولوجيا تخزين الطاقة، يمكن التغلب على هذا التحدي.
تمتلك طاقة الأمواج أيضًا القدرة على تحفيز النمو الاقتصادي. حيث يمكن لقطاع طاقة الأمواج أن يخلق وظائف في التصنيع والتركيب والصيانة، مما يساهم في الاقتصاد الأخضر.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن توفر طاقة الأمواج مصدرًا للطاقة للمجتمعات الساحلية النائية، مما يقلل من اعتمادها على الوقود المستورد باهظ الثمن.