أمين عام أبرز مؤسسة دولية في طاقة الرياح لـ"العين الإخبارية": العرب مؤهلون لقيادة القطاع عالميا (حوار)
كشف ستيفان ينيار Stefan Gsanger الأمين العام للجمعية العالمية لطاقة الرياح WWEA في حوار مع "العين الإخبارية" عن ثورة مرتقبة في مشاريع الطاقات المتجددة حول العالم نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
واعتبر أن دول الخليج نجحت فيما فشلت فيه روسيا من خلال تنويع مصادر الطاقة بحيث لا تكتفي بالاعتماد على النفط، مشيرا إلى أن العرب مؤهلون لقيادة القطاع عالميا من خلال محور رابع جنبا إلى جنب مع أمريكا والصين وأوروبا.
واعترف الأمين العام بخسارة أوروبا لموقعها الريادي في تكنولوجيات الطاقات المتجددة لصالح واشنطن مؤخرا.
وWWEA هي جمعية دولية غير ربحية تتبنى قطاع الرياح في جميع أنحاء العالم، وتضم أكثر من 600 عضو في حوالي 100 دولة. وتعمل WWEA على الترويج لتكنولوجيا طاقة الرياح ونشرها في جميع أنحاء العالم.
قطاع طاقة الرياح حول العالم، كيف تراه، قبل وبعد كارثة الطاقة الحالية في أوروبا؟
سوق الطاقة العالمي تأثر بحرب شرق أوروبا إذ تعطلت إمدادات الغاز الطبيعي لأوروبا وحدث نقص حاد عوضته أوروبا بالاتجاه لأسواق أخرى لتعويض نقص الغاز الطبيعي الروسي.
تأثرت قطاعات الطاقات المتجددة عالميا، ما بين مدى قصير نتائجه غير واضحة حتى الآن، ومدى بعيد سيكون له تأثيرات إيجابية، في تكرار لما حدث بعد وباء كوفيد 19، إذ ذهبت التوقعات لانخفاض إنتاج الطاقات المتجددة خصوصا بسبب اضطرابات سلاسل الإمداد بالإضافة لطول مدة إصدار تراخيص مشاريع الطاقات المتجددة والجديدة.
لم تحدث التوقعات السلبية، بل على العكس حدثت قفزة في إنتاج طاقة الرياح في 2022 ومستمرة للعام الحالي حسب مسح أجرته الجمعية الدولية لطاقة الرياح WWEAفي سبتمبر/ أيلول الماضي.
ونتيجة لحرب شرق أوروبا، أصبحت العديد من الدول أكثر اعتمادا علي مصادر الطاقات المحلية لديها، بمجرد صدور تشريعات جاذبة، سيحدث دخول لاستثمارات في مجال إنتاج وتوزيع الطاقة الجديدة، وهذا تأثيره ممتد لعدة سنوات قادمة خصوصا مع كارثة المناخ، التي تعمل كحافز قوي لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
طاقة الرياح أكبر مصدر رئيسي لتوليد الكهرباء في ألمانيا، كيف وصلت مزارع الرياح لهذا الموقف؟ ما الخطوة التالية؟
نعم طاقة الرياح تمثل حوالي 25% من الكهرباء المولدة في ألمانيا، أكثر من محطات الفحم. إنتاج الكهرباء من مزارع الرياح شهد ارتفاعا منذ ثمانينيات القرن الماضي، مع قفزة نوعية في 1991 بسبب اعتماد نظام التعريفة المميزة في ذلك العام F- i- T، ثم القفزة الكبرى في الاستثمارات في العام 2000 مع تبني قانون للطاقات المتجددة EEG، لتصبح ألمانيا دولة رائدة عالميا.
للأسف حدث تباطؤا في نشر محطات الرياح وأخذت الصين موقع الريادة بسبب طول الإجراءات الروتينية الألمانية التي مثلت حواجز لنشر محطات الرياح، بالإضافة لاعتماد نظام المزادات في العام 2017 الذي عقّد موقف نشر محطات الرياح أكثر في أكبر اقتصاد في أوروبا.
الآن هناك أكثر من 100 غيغاواط من كهرباء مزارع الرياح في ألمانيا، ونتوقع زيادتها بمقدار 7 إلى 10 غيغاواط خلال العامين المقبلين.
هل تكنولوجيات طاقة الرياح ناضجة بما فيه الكفاية لتصبح مجال استثمار مربح؟
نعم قدرات توليد الكهرباء من مزارع الرياح ناضجة مع اختلاف نسب مشاركتها في توليد الكهرباء من دولة مثل الدنمارك، النسبة أعلى، لدولة مثل ألمانيا وإسبانيا، بنسب أقل. مع التشديد على أن طاقة الرياح والطاقة الشمسية أرخص مقارنة بالوقود الأحفوري.
المشكلة هنا في وجود بنية تحتية مرتبطة بالطاقات التقليدية والطاقة النووية، الأسوأ أن هذه الطاقات تتمتع أيضا بدعم مادي في حين أن الطاقات المتجددة أرخص وقادرة على خفض أسعار بيع الكهرباء للمستهلك.
هل استفادت استثمارات الطاقات المتجددة من حرب شرق أوروبا؟
سبق وأجبت على هذا السؤال جزئيا، نعم بسبب حرب لم نتوقع أن تحدث في القرن الواحد والعشرين توقفت أنابيب الغاز الروسي وبعضها تعرض للتدمير، وأصبحت أوروبا تسعى لإمدادات طاقة بديلة من طاقات شمسية ورياح مع انخفاض تكلفتها اقتصاديا بالتالي نعتقد أن حرب شرق أوروبا ستكون حافزا لثورة في نشر تطبيقات الطاقات المتجددة.
هنا أود الإشارة لاعتماد اقتصاد روسيا بشكل شبه كلي على تصدير الوقود الأحفوري، عكس دول الخليج التي استثمرت بقوة في مشاريع الطاقات المتجددة داخل الخليج وخارجه، وهذا ما لم تفعله روسيا اليوم.
ما الذي يتعين على دول الخليج القيام به من مبادرات لاستغلال الطاقات المتجددة لديها؟
بالطبع هناك وفرة في مصادر الطاقة الشمسية تليها طاقة الرياح في دول الخليج، بعض مزارع الرياح القديمة ما زالت تعمل كأثر تاريخي هناك، لجلب الاستثمارات لا بد من إطار تشريعي مستقر يشجع على الاستثمار في مشاريع الطاقات المتجددة لتحقيق أرباح معقولة مع تسهيل الربط بالشبكة العامة، مما يؤدي لبناء الثقة لدى المستثمرين لضخ المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
ما هي رسالتك لمجتمع الأعمال العربي وحكومات المنطقة وجهاتها العلمية؟
هناك حزام للشمس يمتد بين عدة دول بالمنطقة، يمكنها من تصدير الطاقة الشمسية لأوروبا، المغرب نموذجا بهذا الخصوص، ومصر على الطريق.
هناك تحولات دولية، والمنطقة جزء منها، النجاح في التعامل معها يشترط تعاون كل أصحاب المصلحة من سياسيين وأكاديميين، أحدهم من مصر عضو مجلس إدارة جمعية طاقة الرياح الدولية WWEA، ورجال أعمال للتعاون المفيد فيما بينهم وخصوصا لوجود روابط مشتركة بينهم مثل اللغة.
وقيادة تكنولوجيات الطاقات المتجددة، حاليا، تتركز في أوروبا والولايات المتحدة خصوصا بعد قانون خفض التضخم I. R. A الذي شجع على توجيه استثمارات هائلة لمشاريع الطاقات المتجددة الأمريكية، بالإضافة للصين اللاعب الرئيسي حاليا، التي تصنع مليون ميغاواط/ عام من مستلزمات الطاقة الشمسية، لتتركز المنافسة الدولية فيما بين الثلاثة.
في حين لدى المنطقة العربية الفرصة والإمكانات لتكون محور رابع على خريطة قيادة تحول الطاقة في العالم، وحكومات المنطقة عليها مسؤولية تحقيق ذلك، ومحاولة التخلص من دعم الوقود الأحفوري وإدارة التغير والسياسيات بنجاح.
أخيرا، شكرا لإتاحة الفرصة لي للتحدث للمجتمع العربي عبر موقعكم الإخباري المتميز.