الدولة هي الأرض والعرض، هي احترام الآخرين وسماع آرائهم، هي رغيف الخبز المخصص لشخص ويكفي ثلاثة.
حكومتان وعلمان ووطن ممزق تنهشه الحرب كل يوم ألف مرة، يصرخ بنوه من الوجع لحظة تتبع أخرى، ويفقد بريقه كلما غربت شمس وأشرقت أخرى، ويأتيك من يصرخ بصوت متعجرف متعالٍ "نحن الدولة "، ويقيِّم إخلاصك لبلدك تبعا لهواه، ويقيس الوطنية على مزاجه ويمنحك شهادة حسن السلوك إذا أعجبه مظهرك وتأكد من أنك توافق هواه ولو عنوة.
"نحن الدولة" هي عبارة يعرفها السوريون أكثر من غيرهم، لعلها تقال في بلدان أخرى، ولكن وقعها خاص في سوريا، الوطن الواحد الذي لم يعرف أبناؤه فرقة أو شتاتا كالذي يعيشونه الآن وليس بالضرورة يكونون راضين عن هذا كله. ولكن ما يلفت الانتباه ويستحق التوقف عنده كثيرا بعد سنين ثمانٍ عجاف من حرب أتت على الأخضر واليابس، قتلت وشردت ويتمت وهجرت، هو أن يحمل بعض السوريين لواء مكتوبا عليه "نحن الدولة" وغيرهم لا يستحقون العيش فيها. والسؤال عن أي دولة تتحدثون ومن خولكم بها وهل "الدولة" قطعة أرض مطوية باسمكم!؟.
الدولة يا سادة هي الأرض والعرض، هي احترام الآخرين وسماع آرائهم، هي رغيف الخبز المخصص لشخص ويكفي ثلاثة، هي غرفة العناية الطبية التي تتسع الجميع، وهي الأم التي لا تنام وطفلها جائع هي الأب الذي يعود متعبا آخر الليل
هل يسمعكم من يحمي الدولة من عبث الخارج حين تتبجحون في حارات الشام القديمة وغيرها من أرض سوريا لحظة صراخكم في وجه الفقراء من أبناء وطنكم أنكم الدولة!؟
الدولة يا سادة هي الأرض والعرض، هي احترام الآخرين وسماع آرائهم، هي رغيف الخبز المخصص لشخص ويكفي ثلاثة، هي غرفة العناية الطبية التي تتسع الجميع، وهي الأم التي لا تنام وطفلها جائع، هي الأب الذي يعود متعبا آخر الليل ولا يهنأ سوى حينما يرمق فلذات كبده حتى وإن كان النوم قد سرقهم منه.
هذه هي الدولة يا رافعي لوائها، وأنتم حينما تنتصرون لذواتكم الجشعة وأفقكم الضيق بتخويف الآخرين لا تجنون سوى مزيد من الضجر حتى لا أقول الكره، ولا يمكن للظالم أن يستمر بغيه ولو ساعدته بعض مصائب القوم هنا وهناك.
الدولة التي تتحدث عنها يا صاحب الكتفين العريضين والشاربين غير المشذبين تناديني وتناديك لننهض بها مجددا بعد زحام الطائرات اللاتي يزرن سماءها كل ساعة .
تعاتبك وتعاتبني، كيف سمحنا للغير بوطء ترابها وكيف باتت أرضا يسكنها الغربان بعدما كانت دار الياسمين!؟
تبكي من شدة ألمها وتهمس خوفا لا وجلا خلصوني ممن جاء يدافع زورا وبهتانا عن "زينب"، وظلما وتطرفا عن عمر وعثمان والصديق، هم سيان عندي بالتطرف، هكذا تقول الدولة التي عاش بها جدك وجدي.
الدولة يا منتحل وسام الوطنية الذي علقه على صدرك المملوء حقدا وكراهية ثلة ممن يشبهونك أعمق بكثير من لفظ لسانك "نحن الدولة"، وأكبر من أن تختصرها بحزامك المخضب دما وسرقة ورشوة وفسادا وغير ذلك، الدولة فيها من الشرفاء ما تعجز عنه عيناك رؤية وعقلك إدراكا، كفاك توزيع الأوسمة على أبناء جلدتك، هذا وطني محب وآخر عكس ذلك .
تُدخل من تحب الجنة وتلقي من تكره النار، الدولة ليست أنت ولا أنا، الدولة اسمها سوريا وطن للجميع تلفظك وتلفظني ذات يوم إن تحدثنا باسمها، لتعش الدولة سوريا ولتذهب أنت حيثما تريد غير مأسوف عليك .
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة