لدى الإرهابيين في أفريقيا أساليب مختلفة للتزوّد بالسلاح.
ففي منطقة الساحل، مثالا، فإن 17٪ من الأسلحة المتداولة مصدرها مخازن الجيوش الوطنية في النيجر ونيجيريا وتشاد. أما الذخيرة فيأتي 23٪ منها من نيجيريا وحدها.
وقد ذهب تقرير أصدرته منظمة أبحاث تسليح الصراعات إلى أنه تم رصد وصول الأسلحة بشكل غريب من رواندا إلى النيجر. ورغم أنه قد يبدو ألا يوجد اتصال كبير بين البلدين، فإن العارفين بخبايا القارة الأفريقية يُصنّفون ذلك ضمن حالات "الصداقات الخطيرة".
وتم تسجيل حالات أخرى ظهرت فيها أسلحة من بلغاريا في أيدي تجار أو بيعت في أسواق أفريقية محلية، لكنها جاءت في الواقع من مخازن نيجيريا.
وفي بولندا عثرت السلطات على حالتين مشابهتين:
الأولى كانت عندما انسحبت قواتها من لبنان عام 2009 بعد مشاركتها ضمن قوات حفظ السلام، وتركت الكتيبة البولندية أسلحتها في البلد الشرق أوسطي. وظهر بعض تلك الأسلحة لاحقا في شمال مالي.
والثانية، ظهرت فيها بنادق KBK-AKMS في أيدي تنظيم "داعش" الإرهابي عام 2015. وكانت بولندا قد صدّرتها بشكل قانوني إلى دولتين في شمال أفريقيا. لا ينبغي هنا إلقاء اللوم على البُلدان المُصنّعة بشكل مباشر لأنه في مناسبات عديدة، كما رأينا، ربما كان مهربو الأسلحة وزراء في حكومات سابقة أو مسؤولين مباشرين عن مخازن الأسلحة.
وبالإضافة إلى إدخال الأسلحة إلى منطقة الساحل الأفريقي تشير التقديرات إلى أن بعض شحنات البنادق الهجومية ربما وصلت من العراق عبر كوت ديفوار. وهي شحنات موجهة إلى تنظيم "القاعدة" الإرهابي وجمهورية أفريقيا الوسطى خلال عامي 2015 و2016.
ويتوافق الترقيم التسلسلي لهذه الأسلحة مع البنادق الهجومية الصينية الأخرى، التي تم الاستيلاء عليها بأيدي إرهابيي "داعش" في سوريا سنة 2015، مما يشير إلى وجود مورّد واحد في العراق وسوريا لصالح "داعش" و"القاعدة في منطقة الساحل الأفريقي".
وفي كوت ديفوار، دائما ما تؤكد السلطات أن الترقيم التسلسلي للذخيرة التي استخدمها الإرهابيون في بوركينا فاسو وكوت ديفوار ومالي يتوافق مع شحنات مستوردة بطريقة قانونية من قبل بوركينا فاسو وكوت ديفوار.
وتشير هذه التفاصيل إلى وجود خطوط إمداد أخرى في الساحل غير الأسلحة التي تم نهبها من ترسانة الجيش الليبي في أثناء أحداث 2011.
الأسلحة المُستولَى عليها من مخازن الجيش الليبي، بما في ذلك بعض صواريخ أرض-جو روسية الصنع SA-24، والتي تم تهريبها من ليبيا إلى الساحل، وصلت أيضا إلى لبنان وسوريا وانتهى المطاف بالعديد منها في أيدي تنظيم "داعش" الإرهابي. وبعد مصادرة سفينة "لطف الله 2"، ثبت أن الأسلحة الليبية كانت تستخدم لاحقا في سوريا والعراق.
كانت هناك حالة غريبة لبندقية هجومية ضمن الشحنة التي نقلتها السفينة "لطف الله 2"، ظهرت في أمريكا الوسطى، وهي الحادثة التي يمكن أن تساعدنا في فهم حجم وخطر ظاهرة تهريب السلاح.
في السنوات الأخيرة، بدأ الإرهابيون في غرب أفريقيا استخدام نظام آخر لتزويد أنفسهم بالأسلحة.. إذ يتعلق الأمر بهجمات على قواعد عسكرية أو ثكنات أو نقاط تفتيش في بوركينا فاسو ومالي والنيجر ونيجيريا، حيث يسعون إلى الحصول على الأسلحة والذخائر لبنادق هجومية من عيار 7.62 × 39 ملم.
من الصعب تصديق أن المحللين الذين أشادوا بالربيع العربي المزيف وعملية الناتو في ليبيا لم يشعروا أو لم يتوقعوا ما سيحدث لمخازن الأسلحة الليبية.
وتكفي الإشارة إلى أنه لا يزال مصير 20000 صاروخ أرض-جو من طراز Grinch SA-24 Igla-S مجهولاً بعد سرقتها من المخازن الليبية.
وبالاستناد إلى تقارير استخباراتية، يُعتقد أنه تم تدمير 575 صاروخا في هجمات الناتو.. أما الباقي فيفترض أنه نُقِل إلى سوريا والعراق ومنطقة الساحل الأفريقي.
وتم دق ناقوس الخطر بعد توقيف العديد من الشاحنات في النيجر محمّلة بأسلحة ليبية.. وبعد فترة وجيزة حذرت استخبارات النيجر وتشاد من أن وجهة هذه الأسلحة هي تنظيم "القاعدة"، وهي أسلحة يتم تداولها بالفعل في بلدان الساحل الأفريقي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة