خطوة مهمة تلك التي اتخذها سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء الإماراتي وزير شؤون الرئاسة، بتأسيس "المكتب الوطني للإعلام".
لقد كانت الساحة الإعلامية في دولة الإمارات بحاجة إلى هذه النقلة النوعية التنظيمية، وذلك لتطوير وتيرة العمل الإعلامي وضبط إيقاع التدفقات الإعلامية، التي تسري عبر شرايين المنافذ الإعلامية الكثيرة والمتنوعة، التي تحتضنها الإمارات.
فبالتوازي مع تحول الإمارات -بوتيرة متسارعة في الأعوام الأخيرة- إلى وجهة عالمية للاستثمارات بمختلف أشكالها، وللسياحة وللإبداع وللتآخي الإنساني والتنمية البشرية بمختلف أنواعها، كان الإعلام الإماراتي بدوره ينمو ويزداد نضوجًا وحيوية ليواكب ويرسخ تلك المسيرة المزدهرة في كل المجالات.
وبمطالعة واقع الإعلام في دولة الإمارات حاليًّا، يتضح بدرجة كبيرة كيف صارت الساحة الإعلامية مجالا رحْبا يتمتع بكل مقومات النجاح والتفوق لأي وسيلة إعلامية مهنية وأي خبرة إعلامية محترفة.. وهو ما تجسَّد بالفعل في حالة الانتعاش التي تعيشها وسائل الإعلام بمختلف أشكالها، سواء التقليدية، مثل: الصحافة الورقية، والقنوات المرئية والمسموعة، أو وسائل الإعلام الجديدة كالمواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي.
في ظل كل هذا الوجود والحضور الإعلامي، يكون من المهم، بل من الضروري، تنظيم هذه الساحة المفتوحة والمليئة بالمنافذ والمنابر الإعلامية المتنوعة، لتعظيم قدراتها وتعميق فاعليتها داخليًّا وخارجيًّا، أي على المستويين الوطني والإقليمي.
فالهدف الأول والرئيس من تأسيس "المكتب الوطني للإعلام" هو تنظيمي بالأساس.. أي تأطير المنظومة الإعلامية الإماراتية، ووضع أنشطتها وتوجهاتها في إطار ملائم يساعد ولا يعوق تلك الأنشطة.. وبالتالي تصبح "بيئة العمل" الإعلامي مواتية ومشجعة ومهيأة لمزيد من التقدم.
والدلالة المهمة الكامنة وراء ذلك الهدف، هي أن تلك الخطوة تجسد عمليًّا حرص قيادة الدولة على تتويج الإنجازات الفعلية، التي تشهدها الإمارات وتقوم بها داخليًّا وخارجيًّا، وذلك بتأطيرها إعلاميًّا بالشكل المناسب واللائق بحجم ونطاق وأهمية تلك الإنجازات.. خاصة في ظل تعاظم الدور الذي تلعبه الإمارات حاليًّا في مختلف المجالات وعلى النطاقات كافة، وتحولها إلى قوة عالمية مؤثرة بمختلف المعاني والأشكال.
صار الإعلام صناعة كاملة تنطوي على منتج إعلامي له حسابات اقتصادية ومعايير مجتمعية وسياسية، ويتطلب بالتالي توافر مقومات تكنولوجية وقدرات بشرية متخصصة.. فضلا عن أن الإعلام -كأي قضية أو ظاهرة بشرية- يحتاج إلى أطر وقواعد عامة وقوانين منظمة.
وفي ضوء ذلك التكثيف والتداخل، وبحكم وجود كل هذه الجوانب المتخصصة، كان من الطبيعي أن يكون من أهم مهام "المكتب الوطني للإعلام" وضع الخطط الاستراتيجية الإعلامية واقتراح التشريعات واللوائح والقرارات المعنية بتطوير الإعلام.
ولأن هذه الجوانب الأساسية تمثل الأرضية التشريعية والتنظيمية للعمل الإعلامي، فمن المنطقي أن يستند المكتب في شأنها إلى الدراسات العلمية والبحوث الفنية ذات الصلة، ليكون القيام بذلك الجانب النظري هو المهمة الثانية له.
ولمّا كان التأسيس والتنظير مرحلة أولية لا بد منها قبل الانتقال إلى التطبيق العملي، فإن تدريب العاملين والراغبين في العمل هو أساس ومدخل إيجاد الكوادر المؤهلة للعمل الإعلامي على أسس علمية واحترافية حديثة.. بالتالي يأتي التدريب والتأهيل كأحد الجوانب المهمة في أدوار المكتب المستحدث.
ولأن أي عمل منظم وناجح يتطلب بالضرورة صلاحيات ومسؤوليات، فإن الاستراتيجيات الإعلامية والخطط العامة، التي ستعمل وسائل الإعلام الإماراتية في ظلها، تحتاج بالضرورة إلى متابعة يومية ومستمرة، فحصر هذه المسؤولية في "المكتب الوطني" من شأنه تسهيل وضمان استمرارية العمل الإعلامي بسلاسة وبوتيرة منتظمة يقوم بها المكتب دون عقبات.
ويساعد في نجاح هذه المهام، تولي "المكتب الوطني" مهمة التنسيق بين الجهات الإعلامية كافة بشأن القضايا الوطنية والخطوط العريضة للسياسات الإماراتية داخليًّا وخارجيًّا.
لذا فمن المتوقع أن ينخرط المكتب في عملية تشبيك وتفاعل مستمر مع مختلف الجهات الإعلامية المحلية والدولية.. وهو ما سيسمح بأن يصبح المكتب بسرعة وبثبات اللسان الرسمي للدولة أمام العالم.
أمام أهمية وقيمة هذه الأدوار والمهام، التي أنشئ من أجلها "المكتب الوطني للإعلام"، كانت تبعيته لوزارة شؤون الرئاسة وتحت إشراف مباشر لسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، إدراكًا من قيادة الدولة لضرورة أن يكون الكيان الجديد جزءًا من أعلى مستويات القرار.. وهو ما يدعو إلى الاستبشار بأن المكتب سيضطلع بأدواره وسيحقق أهدافه المرجوة في أسرع وقت، وستكون له إسهامات كبيرة في وضع إنجازات الدولة الداخلية والخارجية تحت أضواء مظلة إعلامية واسعة وفعالة ومنظمة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة