مع تضاؤل فرص إنجاز الاتفاق النووي مع إيران، برزت تصريحات إسرائيلية لافتة تتحدث عن اقتراب طهران من امتلاك الأسلحة النووية.. والأهم الحديث عن استراتيجية إسرائيلية جديدة لاستهداف إيران.
أبرز تلك التصريحات ما نقلته مجلة "الإيكونيميست" عن نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي قال إن بلاده كانت تنتهج استراتيجية استهداف الأخطبوط بالتعامل مع الأذرع الإيرانية بالمنطقة.. والآن قررت إسرائيل استراتيجية استهداف "رأس الأخطبوط".
وصرح "بينيت" مؤخرًا: "لسبب ما تمتع رأس الأخطبوط بالحصانة، واليوم انتهى عصر حصانة النظام الإيراني".
وقال في تصريح خلال اجتماع لجنة الشؤون الخارجية والدفاع: "لقد انتقلنا إلى سرعة أعلى.. نحن نتصرف في جميع الأوقات والأماكن، وسنواصل القيام بذلك".
وعليه فإن هذه التصريحات تعني أن استراتيجية الردع الإسرائيلية قد تغيرت، وبدلاً من استهداف مليشيات طهران في المنطقة، فإن إسرائيل قررت التوجه مباشرة إلى "رأس الأخطبوط"، أي استهداف إيران نفسها.
الملاحظ أن هناك تصاعدًا ملحوظًا للعمليات الإسرائيلية داخل إيران، وليس ضد شخصيات بارزة مرتبطة بالبرنامج النووي فحسب، بل طال الأمر عسكريين وعلماء من المستوى الأدنى.. وبعض حالات الاغتيال تلك لا تعلن عنها إيران تجنبًا للحرج.
وكما أوردت صحيفة "الشرق الأوسط" بالأمس عن محلل الشؤون الإيرانية في مجموعة "أوراسيا"، هنري روما، فإن "طهران توسع نفوذها حول إسرائيل، وتل أبيب توسع نفوذها أعمق داخل إيران". وبذلك تحول ما عرف بـ"حرب الظل" إلى استهداف "رأس الأخطبوط".
وكل ذلك يعني أننا في لحظة تصعيد بالمنطقة، ما قد يعني اندلاع مواجهة عسكرية، وربما غير مخطط لها بين إيران وإسرائيل.
وهنا لا بد من الحديث بعيدًا عن العاطفة، ففي حال وقعت حرب من هذا النوع ستكون تداعياتها حقيقية على المنطقة، ما بعدها لن يكون كما قبلها، لكنه أمر متوقع، وليس بغريب.
حيث واصلت إيران تمددها وتماديها بالمنطقة دون لحظة عقلانية سياسية، بل إن طهران تواصل، ومنذ عام 2003، التصعيد، ولعب سياسة حافة الهاوية دون خشية أي عواقب.. وكان قاسم سليماني مثلاً قبل اغتياله يتصرف وكأنه قائد المنطقة، لا قائد مليشيا.
ولم تلتزم إيران أي اتفاق، وفوتت فرصة الاندفاع الأمريكي بالملف النووي شبه المعطل الآن، ليس لأن إيران لا تريد إنجاز الاتفاق، بل لعجزها عن اتخاذ قرارات حقيقية وسط صراع على من يخلف المرشد الأعلى، ومحاولة "الحرس الثوري" فرض هيمنته هناك.
لذا فمن الطبيعي أن نصل إلى لحظة المواجهة المتوقعة، التي تسببت بها إيران نفسها، وسبق أن قيل في منطقتنا لإدارة أوباما إنه لا حل إلا بـ"قطع رأس الأفعى"، وليس دفاعًا عن إسرائيل، بل بسبب تدمير إيران لدولنا العربية والاستمرار في استهداف أمنها.
وبالتالي، ومع نهج استهداف رأس الأخطبوط، نكون أقرب من أي وقت مضى لحدوث مواجهة عسكرية إسرائيلية-إيرانية، والمطلوب الآن، وكتبتها مرارًا، التحسب للعواقب، لأن إيران، وكالعادة، لا ترد على إسرائيل مباشرة.
وكلما استهدفت إسرائيل إيران، في أي مكان، ترد طهران في العراق، أو بإحراق غزة ولبنان، أو استهداف الخليج، وبالتالي فإن ذلك يتطلب استعدادًا ويقظة.
نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة