الأراضي الرطبة.. بالوعة كربونية لكنها مصدر لغاز الميثان!
زاد الاهتمام بالأراضي الرطبة خلال السنوات الماضية، لأنها قادرة على حبس الكربون، لكن كشفت دراسة حديثة أنها قد تكون مصدرًا للميثان.
تعمل الأراضي الرطبة كبالوعة كربونية، يمكنها امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وحبسها، ما يُساهم في تقليل غازات الاحتباس الحراري؛ لذلك يجتهد العلماء في إيجاد طرائق للحفاظ عليها والاستفادة منها لحل أزمة المناخ التي يعاني منها البشر اليوم.
لكن، ماذا إذا كانت نفس الأراضي الرطبة مصدرًا لغاز من أقوى الغازات الدفيئة، ويُقدر الباحثون أنه أخطر من ثاني أكسيد الكربون 80 مرة. إنه غاز الميثان، وهذا ما كشفت عنه مجموعة بحثية من «مختبر لورانس بيركلي الوطني» و«جامعة كاليفورنيا في بيركلي». وأوضح الباحثون ذلك خلال الورقة البحثية التي نشروها في دورية «إم سيستم» (mSystem) في 3 يناير/كانون الثاني 2024.
افتراض خاطئ
في الماضي، كان يظن العلماء أنه مع ارتفاع مستوى سطح البحر؛ نتيجة الاحترار العالمي، وتتدفق مياه البحر المالحة نحو الأراضي الرطبة؛ فهذا يجعل تلك المناطق غير صالحة لعيش الميكروبات المُنتجة للميثان. لكن، اتضح أنّ هذا الافتراض غير صحيح. ووجد الباحثون أنّ الأراضي الرطبة المعرضة لمياه البحر، ولو بكميات قليلة جدًا، كانت تنبعث منها مستويات عالية من غاز الميثان، أكثر من أي موقع من مواقع المياه العذبة.
محاولة للفهم
جمع الباحثون 11 عينة من الأراضي الرطبة عند خليج سان فرانسيسكو والدلتا، وفحصوا الميكروبات الموجودة في العينات، قارنوا بين كمية الميكروبات التي تُنتج الميثان (Methanogens) الموجودة في العينات، مع نسبة الميثان التي رصدوها، لكنهم وجدوها غير متكافئة. وعندما قارنوا كمية الميكروبات التي تتغذى على الميثان (Methanotroph) مقارنة بالأخرى التي تُطلق الميثان، لم يجدوا تفسيرًا أيضًا.
ما السر إذًا؟
حسنًا، راح الباحثون يحللون الحمض النووي لعدة أنواع من الكائنات الحية من العينات التي جمعوها، بما فيها: بكتيريا، فطريات، فيروسات. وفحصوا تسلسلات الجينات جيدًا، بغرض الوصول إلى الجينات التي تُساهم في دورتي النيتروجين والكربون. ثم صنعوا نموذجًا يجمع بين تلك المعلومات الجينية والعوامل الكيميائية في المياه والتربة، ربما يجدون تفسيرًا لكيفية عمل تلك العوامل كلها معًا لإنتاج الميثان.
وخلصوا إلى أنّ كمية الميثان المنبعثة من التربة الرطبة يزداد، عندما تقل درجة ملوحة المياه، بينما تقل كمية الميثان المنبعثة عندما تزداد درجة ملوحة المياه.
تلعب الأراضي الرطبة دورًا مهمًا في حفظ التوازن البيئي، ويحاول البشر استرداد الأراضي الرطبة التي تحولت إلى أراض عشبية، لكن للأسف، يصعب الحصول على فوائدها في امتصاص وحبس غاز ثاني أكسيد الكربون قبل 100 إلى 150 سنة.