تشهد الاتصالات الدبلوماسية بين تركيا وإسرائيل حركة نشطة هذه الأيام.
إذ من المقرر أن يزور الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، تركيا في الأيام المقبلة، فيما تحدثت الصحافة التركية عن أن الرئيس التركي، أردوغان، سيرد الزيارة بزيارة مماثلة إلى إسرائيل "في أقرب وقت".
وقبيل الإعلان عن الزيارتين جرت اتصالات هاتفية بين كبار مسؤولي البلدين، بغية تقوية العلاقات بينهما، والتي كانت في الحقيقة ممتازة طوال العقود الماضية، رغم خلافات بسيطة شابت وهيمنت على علاقات البلدين خلال العقد الأخير.
قبل نحو عام، قال المستشار الرئاسي التركي، مسعود كاسين: "إذ خطت إسرائيل خطوة واحدة، فربما تخطو تركيا خطوتين"، وفي الحقيقة خطت تركيا خطوات خلال الفترة الماضية للتقرب من إسرائيل.. إذ حدثت اتصالات ورسائل إيجابية في ظل غياب التصريحات السلبية للمسؤولين الأتراك تجاه إسرائيل خاصة ما يتعلق بالأحداث في الأراضي الفلسطينية، ما يوحي بأن صفحة جديدة بين البلدين باتت قريبة أكثر من أي وقت مضى، والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي يقف وراء هذا التطور في العلاقات بين البلدين.
في الواقع، ثمة معطيات وتطورات كثيرة تقف وراء هذا التطور المهم في العلاقات التركية-الإسرائيلية، لعل أهمها:
1-التحول الذي تشهده السياسة الإقليمية التركية منذ فترة، فمن محاولات إصلاح العلاقة مع مصر، وصولا إلى الانفتاح والتفاهم مع دول عربية، كلها مؤاشرات توحي بأن هذا المسار سينسحب على العلاقات التركية-الإسرائيلية، لا سيما بعد اتفاقيات ومعاهدات السلام، التي عُقدت بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.
2- ربما يكون الغاز أحد أسباب التقارب بين تركيا وإسرائيل، وذلك عبر تعاونهما في نقل الغاز إلى أوروبا، خاصة أن هذا الأمر يحظى بأهمية خاصة لتركيا في ظل صراعها مع اليونان وقبرص في شرق المتوسط، وربما يوفر هذا فرصة لإطلاق جهود حل المشكلة القبرصية، التي تعد بوابة لمشاريع الطاقة في "المتوسط" إلى أوروبا.
3- أهمية العلاقات الاقتصادية والتجارية والعسكرية بين تركيا وإسرائيل، فرغم توتر العلاقات السياسية والدبلوماسية بين البلدين أحيانا خلال الفترة الماضية فإن العلاقات الاقتصادية والتجارية حافظت على زخمها، ويكفي هنا الإشارة إلى أن التقارير تشير إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ قرابة سبعة مليارات دولار، وعلى المستوى العسكري تشكل تركيا على الدوام سوقا للأسلحة العسكرية الإسرائيلية.
4- اعتقاد تركيا بأن فتح صفحة جديدة مع إسرائيل سيسهم في تحسين العلاقات التركية- الأمريكية، خاصة أن هذه العلاقة تنتظر ما ستسفر عنه التوترات الأمريكية-الروسية بسبب الأزمة الأوكرانية، إذ تحتل تركيا أهمية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة في هذه الأزمة، ولعل هذا ما يفسر الهدوء الذي يسود العلاقات الأمريكية-التركية حاليا.
5- في مقابل الدوافع التركية هذه، ثمة دافع أساسي لدى إسرائيل في السعي لإعادة تقوية العلاقة مع تركيا، وهو دافع يتعلق بالقضية الفلسطينية، وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
المعطيات السابقة تشي بتطورات مرتقبة على ساحة العلاقات التركية-الإسرائيلية، بحثا عن صفحة جديدة ستكون لها انعكاسات على التطورات الجارية في المنطقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة