ماذا يحدث في بورصة مصر؟.. مذبحة أسهم و42 مليار جنيه خسائر خلال 10 ساعات
ما الذي يحدث في بورصة مصر هذا الأسبوع؟، سؤال باتت إجابته غامضة بعد أن فقد رأس المال السوقي نحو 42 مليار جنيه.
وخسرت البورصة المصرية في أقل من 10 ساعات خلال جلستين ونصف الجلسة نحو 40 مليار جنيه من قيمتها السوقية، بينما نزل مؤشر EGX30 لأدنى مستوياته منذ مطلع يونيو 2020.
ويبدو أن عزوفا وتوجهات بيعية للمستثمرين الأجانب تقود سوق الأسهم المصرية لموجات عنيفة من التراجع تزامنا مع اتجاه شركات الوساطة لتسوية المراكز الشرائية للمستثمرين الأفراد.
وسط غياب مؤسسي وعزوف الكبار وترقب وحيطة المستثمرين الأجانب يبدو أن صغار المضاربين الذين تحولوا إلى جني الأرباح باتوا هم الفاعل الأساسي في سوق الأوراق المالية المصري.
سيطرة الأفراد
من هنا تقول رضوى السويفي من بنك الاستثمار "فاروس"، إن سيطرة الأفراد على السوق ليست في صالح السوق المصري.
وأمس سيطر المصريون على 81% من المعاملات والأجانب على 13% والعرب على 6%، وبلغ رأس المال السوقي للأسهم 641.216 مليار جنيه.
وأضافت السيوفي أن ثمة غيابا للمستثمرين الأجانب بسبب عدم وجود طروحات أولية قادرة على جذبهم للسوق المصرية.
وقالت محلل بنك الاستثمار فاروس إن الأسعار بالسوق أصبحت جاذبة جدا للشراء لكن الوضع العام يقول إن الهبوط لم ينته بعد.
خلل يقود لفشل
بينما ترى رانيا يعقوب رئيسة مجلس إدارة شركة ثري واي لتداول الأوراق المالية أنه لا يوجد أي تطور سياسي أو اقتصادي في البلاد يمكن أن يؤدي لتلك الخسائر العنيفة.
أضافت يعقوب أن المبيعات كلها من الأفراد بالسوق الذين أصبحوا يتحكمون بالسوق كيفما شاءوا.
وتعزو رئيسة مجلس إدارة شركة ثري واي التراجعات الأخيرة إلى آلية المارجن، لأن التراجع المتتالي لمؤشرات البورصة خلال الأيام الماضية أدى إلى اختلال في نسب الشراء بالهامش للعملاء.
وتابعت يعقوب أن هذا يأتي تزامنا وأن هناك العديد من العملاء اقترضوا بنسب أعلى من المسموح بها، ومع الهبوط العنيف للبورصة، اضطرت شركات وساطة المقرضة إلى بيع أسهم العملاء للحفاظ على حقوقها.
وهبط رأس المال السوقي للبورصة المصرية بقيمة 25 مليار جنيه خلال جلستين تداول فقط تمثلت في جلسة أول أمس الأحد وأمس الإثنين، وذلك في ظل التراجعات العنيفة التي يشهدها السوق، وارتفع الرقم إلى 42 مليار حتى كتابة هذا التقرير.
اليوم الثلاثاء أوقفت بورصة مصر التداولات خلال معاملات اليوم الثلاثاء لمدة 30 دقيقة بعد هبوط مؤشر إي.جي.إكس 100 بنسبة 5% بينما تراجع المؤشر المصري الرئيسي 1.99% ليصل إلى 10327.6 نقطة.
وتأتي التراجعات الحادة اليوم بعدما دفعت مضاربات المستثمرين الأفراد بورصة مصر لتكبد خسائر كبيرة خلال معاملات أمس الاثنين وأفقدت مؤشرها الرئيسي 2.45% وأسهمها أكثر من 17 مليار جنيه (1.1 مليار دولار) من قيمتها السوقية.
وبلغت قيم التداولات خلال معاملات اليوم وقبل إيقاف التداول 267.944 مليون جنيه.
مذبحة أسهم
وهوت اليوم أسهم أوراسكوم للاستثمار 7.4% وأوراسكوم المالية والقلعة 8.4% لكل منهما وعامر جروب 10% وطلعت مصطفى 5.7% وبايونيرز 5.6%.
وعلقت بورصة مصر منذ بداية الجلسة وحتى إيقافها اليوم التداولات على 80 سهما لمدة عشر دقائق بعد التراجع بأكثر من 5%.
وتعاني بورصة مصر في الآونة الأخيرة من مضاربات كثيفة للمستثمرين الأفراد مما أفقدها مكاسبها التي حققتها في يناير/كانون الثاني المنصرم وتمخض عن خسارة مؤشر الرئيسي 4.8 بالمئة منذ بداية العام الجاري.
إدارة الأزمة
وقالت داليا السواح خبيرة سوق المال عضو الجمعية المصرية للمحللين الفنيين، إن ما تشهده البورصة المصرية منذ ما يزيد عن ١٤ جلسه متتالية فقدت خلالها ما يزيد عن ١٠٠٠ نقطة بما يعادل حوالي 9% في غضون أيام قليله هي في الحقيقة انخفاض اقترب لنحو50% لغالبية الأسهم للحدود الدنيا مصاحبا لذلك اختفاء الطلبات من عليها في سابقه لا تحدث إلا في أوقات الكوارث.
وذكرت أن مصر الوحيدة التي أدارت حكومتها أزمة كورونا التي اجتاحت العالم في مارس 2020، ببراعة ليتحول مؤشر البورصة المصرية إلى الارتفاع مجددا معوضا خسائره السابقة معطيا ثقة كبيره للمستثمرين سواء العرب أو الأجانب و صناديق استثمارية لتشهد البورصة ارتفاع ملحوظ في قيم تداولاتها وذلك في خضم الأزمة الاقتصادية.
أضافت: "نبهنا كثيرا عن بوادر أزمة وتراجع الأسهم نتيجة انعدام الرقابة على معظم شركات تداول الأوراق المالية والتي تعمل مخالفة لتوجهات الرقابة لتعطي عملاء بعينها من ذوي الملاءة المالية المرتفعة مارجن أو ما يسمى بالرافعة المالية ضعفين وثلاثة أضعاف حجم محافظها المستثمرة في البورصة متخطيه الحد الأقصى والذي يسمح بـ100% حدا أقصى على معظم الأسهم و80%على أسهم أخرى غير مبالين بأي احتمالات لانخفاض السوق والذي يتأثر مباشرة بأي مخالفة في القوانين وقد تتسبب في انهيار السوق كما يحدث الآن نتيجة البيع الإجباري للعملاء من ذات الشركات للحفاظ على أموالها ودون النظر لصغار المستثمرين.
من الجاني؟
أكدت عضو الجمعية المصرية للمحللين الفنيين، أن ما فعلته شركات الأوراق المالية هو ما وضع السوق في هذا المأزق الآن وأصبح إيقاف شركة واحدة من كبرى الشركات المقيدة في السوق المصري كارثة على المستثمرين لأن مساهميها محملون فوق طاقتهم أزيد من أضعاف بالمارجن ليكون كل هبوط يمثل 10% في السهم يسبب خسائر تتجاوز 30% في غالبيه المحافظ المالية مما جعل السوق هشا وضعيفا أمام أي عوامل خارجية.
وتساءلت خبيرة سوق المال، هنا هل هناك بالفعل أزمة أم هو افتعال لأزمة؟ مطالبة الجهات المعنية التدخل لإيقاف هذا النزيف وطمأنة المستثمرين وعودة الثقة لهذا السوق الواعد.
وأكدت داليا السواح: "إذا كان هناك أزمة فعلية ونواجه مشكلة مع شركة واحدة أو عدد من الشركات فيجب أن تكون لدينا إدارة جيدة لتلك الأزمة أولا بإلزام شركات تداول الأوراق المالية بالرافعة المالية المقررة لكل سهم ومحاسبة من سمح بهذا التجاوز".
وأشارت إلى ضرورة وجود صناديق استراتيجية لمواجهه تلك الأزمات سواء كانت مفتعلة أو حقيقية، بالإضافة إلى مراجعه القرارات الحساسة واختيار توقيتاتها لأن توالي الأخبار السيئة أثره السلبي بالغ الأثر على هذا القطاع الحساس لأي دولة والذي يمثل مرآة اقتصادها.