غزة بعد الحرب.. سيناريوهات قاتمة ومعاناة مستمرة
مع استمرار الحرب في غزة، شكك خبراء إقليميون في قدرة إسرائيل على طرد حماس من القطاع بشكل نهائي، وحتى وإن نجحت في الإطاحة بها من السلطة.
ويرى الخبراء، وفقا لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أن "الإطاحة بحماس من شأنها أن تخلف في أعقابها فراغاً في الحكم وفراغاً سياسياً، فضلاً عن أزمة إنسانية ذات أبعاد لا يمكن تصورها".
- غزة ما بعد الحرب.. أردوغان يعرض مقاربة تركيا للسلام
- خبز مغمّس بالدم في مدرسة.. ملاذ نازحي غزة يتحول لجحيم (صور)
وأجرت المجلة مقابلات مع نحو 12 من الدبلوماسيين الأمريكيين والإسرائيليين الحاليين والسابقين ومسؤولي المخابرات والباحثين الفلسطينيين والخبراء الإقليميين حول مستقبل غزة، عبروا جميعهم فيها عن شكوك عميقة واستشرفوا مجموعة من السيناريوهات القاتمة خلال عملية الإطاحة بحماس.
هل تستطيع إسرائيل تدمير حماس؟
بعيداً عن التضاريس العسكرية الصعبة، شكك الخبراء في قدرة إسرائيل على القضاء على حماس برمتها. فبالإضافة إلى الجناح العسكري للحركة، يدير عشرات الآلاف من أعضاء حماس وبعضهم بيروقراطي، السلطة الفلسطينية والمدارس والمستشفيات والنظام القضائي المخصص.
وقال خليل الشقاقي، مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية: "نحن نتحدث الآن عن حوالي 60 ألف شخص. إنهم يديرون الفصول والمدارس، وهم أطباء وممرضون وأشخاص يعملون في الخدمات الاجتماعية، ويوفرون المياه والكهرباء. لماذا تلاحق إسرائيل هؤلاء الأشخاص؟”.
ومع ارتفاع عدد القتلى والمعاناة الإنسانية في القطاع، هناك احتمال كبير أن يؤدي سعي إسرائيل إلى تحقيق الأمن الآن إلى زرع بذور انعدام الأمن في المستقبل.
تحدي إعادة الإعمار
يضع القادة العسكريون الإسرائيليون بالفعل الأساس لسيناريو مؤقت يشرفون فيه على الأمن والحياة المدنية في القطاع ويدرسون بالفعل نقل أفراد من تنسيقية الأنشطة الحكومية في الأراضي، وهي وحدة عسكرية تتعامل مع القضايا المدنية في القطاع والضفة الغربية، إلى أدوار مؤقتة في غزة.
وعلى المدى الطويل، يشير الخبراء إلى تحالف محتمل من عدة دول يمكن أن يكون بمثابة قوة مؤقتة لملء الفراغ الأمني والحكم في غزة بدعم من إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وهناك التحدي الهائل المتمثل في إعادة الإعمار، والذي يتوقع أن تصل تكلفته إلى مليارات الدولارات. ووسط اندلاع القتال بين إسرائيل وحماس خلال العقد الماضي، كانت غزة في حالة شبه مستمرة من إعادة الإعمار.
وقد تعرقلت الجهود الرامية إلى إعادة بناء المنازل والبنية التحتية التي دمرتها الحرب بسبب عدم الوفاء بتعهدات المانحين وآليات الفحص المعقدة التي تم وضعها لمنع سقوط مواد البناء في أيدي حماس.
السياسات بعد حماس
وفي حال تمكنت إسرائيل من الإطاحة بحماس من حكم قطاع غزة، فإن المرشح الأكثر وضوحاً لملء الفراغ هو السلطة الفلسطينية.
لكن هذا ليس السيناريو الأفضل، إذ لا يرجح أن تتبنى السلطة الفلسطينية فكرة العودة في أعقاب حملة عسكرية إسرائيلية عقابية لإسقاط منافستها.
وقالت زها حسن، زميلة مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، والتي تركز أبحاثها على السلام الفلسطيني الإسرائيلي: "إنهم لا يريدون أن يُنظر إليهم على أتوا على متن دبابة إسرائيلية للاستيلاء على قطاع غزة".
ثم هناك مسألة الشرعية، فلم تعقد السلطة الفلسطينية انتخابات رئاسية منذ عام 2005، عندما تم انتخاب محمود عباس البالغ من العمر 87 عامًا لأول مرة. وترى الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين أن السلطة الفلسطينية «غير فعالة»، في حين يُنظر إلى تعاونها الأمني مع إسرائيل في الضفة الغربية بعين الشك العميق مع استمرار المستوطنين الإسرائيليين في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.
ورغم التوقعات أن يوجه الغزو البري الإسرائيلي ضربة مدمرة لقادة حماس وجنودها ومخابئ أسلحتها، يرى العديد من المحللين أن الحل الوحيد على المدى الطويل لمعالجة حاجة إسرائيل للأمن وآمال الفلسطينيين في تقرير المصير هو العمل على إيجاد حل سياسي للصراع.
واختتمت المجلة بتصريح عامي أيالون، مدير الشاباك السابق: "إذا أردنا أن نرى دولة إسرائيل آمنة ودون أن نفقد هويتنا كديمقراطية يهودية، ينبغي التوصل إلى حل الدولتين، وبخلاف ذلك سنقيم دولة فصل عنصري، ولن نكون آمنين أبدا”.