"ما خفي أعظم"بالجزيرة .. سقطات وفبركات وفشل ذريع
البرنامج الذي أذاعته الجزيرة اعتمد على ٣ شهادات لترويج أكاذيب حول أن البحرين تعاونت مع قيادي بالقاعدة عام 2003 لاغتيال نشطاء المعارضة
"كرسي الاعترافات المزعومة ووثيقة المجنسين والسيناريو المهلهل وتوقيت البث"... 4 دلائل تؤكد كذب ما تضمنه برنامج قناة "الجزيرة" القطرية "ما خفي أعظم"لتزييف الحقيقة حول البحرين.
البرنامج اعتمد على ٣ شهادات رئيسية لترويج أكاذيبه، حول أن السلطات البحرينية تعاونت مع قيادي في القاعدة عام 2003 لاغتيال نشطاء المعارضة، دون الكشف عن اسم شخص واحد تم اغتياله.
- بعد التصريحات البحرينية.. "العين الإخبارية" تسرد وقائع مؤامرات "الجزيرة"
- وزير إعلام البحرين: "الجزيرة" تستهدف الشعوب بأسوأ السبل
كما بث البرنامج فيديو آخر يتضمن شهادة لشخص ثانٍ يزعم أن البحرين جندته عام 2006 للتجسس على إيران.
وبغض النظر عن مضمون الشهادات المتناقضة مع نفسها، ورغم عدم وجود أي رابط في الأحداث أو الزمن بين الرجلين، فإن الجزيرة تريد أن تقنع المشاهد بأن "الرجلين قررا في الوقت نفسه والمكان نفسه توثيق اعترافاتهما"، وهو ما يؤكد مسؤولية النظام القطري عن إعداد تلك الشهادات.
أما الشهادة الثالثة فتأتي من شخص تقدمه القناة على أنه ضابط بحريني سابق، دون أن تكشف أنه يحمل حاليا الجنسية القطرية، واسمه كان من بين ١٢ عسكريا بحرينيا جنستهم قطر، حيث وردت أسماؤهم في وثيقة نشرت عام ٢٠١٧، تدين قطر بعدم الالتزام بما سبق أن تعهدت به في اتفاق الرياض عام 2013 واتفاق الرياض التكميلي عام 2014، وهو ما يعني أن شهادته مشكوك في صحتها.
أيضا دلالة توقيت بث البرنامج، فالبث يأتي بالتزامن مع الكشف عن تورط قطر في دعم الخلية الإخوانية الإرهابية الهاربة من مصر التي ضبطت في الكويت.
ولعل السيناريو غير المترابط الذي ظهر به" ماخفي أعظم" يكشف بشكل جلي أن "الجزيرة" بثت البرنامج على عجل، في محاولة للتغطية على فضيحة تورطها في دعم خلية الكويت، لشغل الرأي العام الخليجي والعربي عن فضيحتها.
كرسي الاعترافات
يبدأ البرنامج بحديث مذيع البرنامج تامر المسحال الذي يزعم فيه أنه سيكشف عن تسجيلات سرية مصورة بشأن استخدام الأمن الوطني البحريني لقيادات تنظيم القاعدة لاغتيال المعارضين في الداخل، والتجسس على من في الخارج.
وبث شهادتين لشخصين يدعيان "محمد صالح" عرف نفسه بأنه قيادي في تنظيم القاعدة، وكلف عام 2003 باغتيال المعارضين، وشهادة لشخص آخر يدعى "هشام هلال البلوشي" عرفه بأنه بحريني وعضو في جماعة جند الله الإيرانية المعارضة، وجندته السلطات البحرينية عام 2006 للتجسس على إيران.
ورغم عدم وجود أي رابط في الأحداث أو الزمن بين الرجلين، فإن "الجزيرة" تريد أن تقنع المشاهد أن الرجلين قررا في الوقت ذاته (10 يوليو/ تموز 2011) توثيق اعترافاتهما من على الكرسي نفسه، وفي الغرفة نفسها وبطريقة التصوير ذاتها، وللسبب ذاته، وهو خوفا أن تضحي بهما السلطات.
كرسي الاعترافات المزعومة يثبت بشكل واضح مسؤولية النظام القطري عن إعداد تلك الشهادات، ومضمونها، وهو ما يؤكد مجددا علاقة تنظيم "الحمدين" بالجماعات الإرهابية.
سيناريو مضحك
أما عن مضمون شهاداتهما المزعومة، فيبدو أن الجزيرة تتبع مع المشاهد قاعدة "حدث العاقل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له".
فمحمد صالح يقول "إن البحرين جندته لاغتيال قياديي المعارضة، وستمده بكل المعلومات عنهم وعن تحركاتهم"، لكنها رفضت إمداده بسلاح لتنفيذ عملية الاغتيال، وقالت له دبر نفسك.
وسمحت له بالتواصل مع عناصر القاعدة لجلب سلاح من هناك، وكأنه يعد لمعركة حربية، إلا أنه اعتقل على جسر الملك فهد، وتوسطت له السلطات لدى الرياض وأطلقت سراحه بعد عدة أشهر.
لكن هل عملية الاغتيال تتطلب كل هذا؟ ولو أرادت ذلك السلطات فعلا أتعجز عن توفير سلاح؟ ثم الأدهي أن الاسم الوحيد الذي ذكره البرنامج من المستهدفين في الاغتيال عبد الوهاب حسين وهو ما زال حي، ولم يثبت أصلا اغتيال أحد من المعارضة البحرينية.
أما حديث "هشام البلوشي" فينطبق عليه الأمر ذاته، بل من كتب له شهادته يبدو أنه كان صاحب خيال واسع، فالرجل يقول "إن الأمن البحريني جنده للتجسس على إيران، وعندما اكتشف الإيرانيون أمره هرب إلى باكستان عام 2008، وعندما توجه للسفارة البحرينية، قالت له أيضا رتب أمورك بنفسك"، وكأن كاتب الشهادتين للرجلين واحد، وأعطته ما قيمته 22 دينارا بحرينيا لا تكفي حتى قيمة التذكرة، وعندما عاد بطريقته الخاصة إلى البحرين عام 2010 أعطته السلطات مكافأة 500 دينار.
وبعد عام من ذلك التاريخ سجل شهادته في 10 يوليو/ تموز 2011، ثم ظهر بعد ذلك بعامين في إيران قائدا لجماعة أنصار الفرقان قبل أن تقتله إيران خلال عملية خاصة عام 2015، الرواية كلها تحمل من التناقضات والسخافات ما لا يحتاج أي تعليق، سوى فقط أن قطر تحاول أن تداهن نظام الملالي، وتقدم لهم خدمات مجانية كمبرر لتدخلاتهم في الشأن البحريني.
البحريني المزيف والقطري المجنس
الشهادة الثالثة للضابط البحريني السابق ياسر الجلاهمة الذي قدمته "الجزيرة" على أنه قائد فض اعتصام اللؤلؤة في البحرين إبان أحداث 2011، دون أن تكشف أنه يحمل حاليا الجنسية القطرية.
وكان اسمه كان ضمن ١٢ عسكريا بحرينيا جنستهم قطر ووردت أسماؤهم في وثيقة نشرت عام ٢٠١٧، تدين الدوحة بعدم الالتزام بما سبق أن تعهدت به في اتفاق الرياض عام 2013 واتفاق الرياض التكميلي عام 2014، وهو ما يعني أن شهادته مشكوك في صحتها من الأساس، وما تقوم به "الجزيرة" تزوير واضح.
الغريب أن الرجل الذي قال إنهم كرجال أمن ذهبوا مدججين بالسلاح والدبابات بل والطائرات التي كانت تدعمهم جويا، لفض الاعتصام، ومع كل تلك الحشود لم يتسببوا في إسقاط أي ضحية من المتظاهرين، بل على العكس تم تسجيل حالتي دهس لرجلي شرطة من قبل المتظاهرين، وهذه هي اعترافات رجل "الجزيرة" البحريني المزيف والقطري المجنس التي تبرئ البحرين من جانب وتحاول إدانتها من جانب آخر في تناقض ليس بغريب، على الشهادات المعدة مسبقا.
تخابر قطر
ومن الأهمية بمكان الكشف عن أن محاولة قطر تبرئة ساحة المحتجين التي ثبت بالدليل أنها كانت تدعمهم، وهي محاولة لتبرئة نفسها من تهمة التخابر ومحاولة قلب نظام الحكم في البحرين.
وعندما هبت رياح ما يسمى بـ"الربيع العربي" ووجدت فيها قطر ضالتها لاستهداف البحرين والتآمر ضدها، استغل بعض المتآمرين من المعارضة البحرينية الأحداث بزعامة الإرهابي علي سلمان أمين عام جمعية "الوفاق" المنحلة، بالتعاون مع قطر وإيران، لإطلاق احتجاجات وشغب في فبراير/شباط 2011، وتآمرت قطر مع الطائفيين لدعم تلك الاحتجاجات، وفتحت لهم "الجزيرة" لبث أكاذيبهم، ودعمتهم بتقارير كاذبة.
وخلال تلك الأحداث، رصدت البحرين اتصالا هاتفيا بين رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم والإرهابي علي سلمان، فضح التآمر القطري لقلب نظام الحكم في البحرين.
وتتضمن المكالمة عبارات تؤكد وجود تنسيق وترتيبات قطرية مع الإرهابيين الذين قادوا أعمال الإرهاب والتخريب في المملكة خلال عام 2011، إضافة إلى دور الدوحة الداعم للإرهابيين ضمن مؤامرة ثنائية مع إيرانية ضد المنامة، والتي حاول تنظيم الحمدين التبرؤ منها عبر إرسال قوات درع الجزيرة التي تأسست من أجل حماية دول الخليج العربي الذي تنتمي إليه قطر.
توضح المكالمة ما سعت قطر إليه خلال أحداث 2011، وهو قلب نظام الحكم وتشكيل حكومة ائتلافية وسحب قوات درع الجزيرة، والسيطرة على إذاعة وتلفزيون البحرين، والإفراج عن الموقوفين كافة على خلفية قضايا إرهابية.
أيضا في إطار الكشف عن التدخلات القطرية في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين التي كان يقصد منها قلب نظام الحكم، حيث عرض تلفزيون المملكة تسجيلا لعدة محادثات هاتفية جرت في شهر مارس/آذار 2011 بين مستشار أمير قطر حمد بن خليفة العطية وحسن سلطان مساعد علي سلمان، وبينت هذه المحادثات تآمرهما على إثارة الفوضى في البلاد وبثها في قناة "الجزيرة".
ورغم رصدها المؤامرة القطرية مع المعارضة أعطت الحكومة البحرينية فرصة لكليهما ولم تتخذ أي إجراء.
وبعد أن فاض الكيل من تصرفات قطر في ظل استمرار سياستها المزعزعة للأمن والاستقرار والداعمة للإرهاب في المنطقة، بث تلفزيون البحرين في يونيو/حزيران وأغسطس/آب 2017 التسجيلات الصوتية التي كانت بحوزة السلطات، والتي تظهر تآمر قطر والمعارضة لقلب نظام الحكم.
ويوم 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 أحالت النيابة العامة علي سلمان ومساعديه الاثنين إلى المحاكمة، ووجهت إليهم عدة تهم، من بينها "التخابر مع دولة أجنبية لارتكاب أعمال عدائية ضد مملكة البحرين، بقصد الإضرار بمركزها السياسي والاقتصادي، وبمصالحها القومية بغية إسقاط نظام الحكم في البلاد".
تم اتهامهم "بتسليم وإفشاء سر من أسرار الدفاع إلى دولة أجنبية، وقبول مبالغ مالية من دولة أجنبية مقابل إمدادها بأسرار عسكرية ومعلومات تتعلق بالأوضاع الداخلية بالبلاد".
وفي 28 من يناير/كانون الثاني الماضي، أيدت محكمة التمييز البحرينية حكما بالسجن المؤبد (25 عاما) ضد علي سلمان، أمين عام جمعية الوفاق المنحلة، واثنين من مساعديه بتهمة "التخابر مع قطر وإفشاء وتسليم أسرار دفاعية".
أيضا كان من الأهداف الرئيسية للجزيرة من هذا البرنامج هو إثارة الفتنة داخل المجتمع البحريني، وشق وحدة الصف الوطني، وهو ما فشلت أيضا في تحقيقه، وفي رد عفوي على البرنامج تصدر هاشتاج "بقيادتنا نحن أقوى" ترند الأعلى تغريدات على "تويتر" في البحرين.
ونشر المغردون على الموقع صورا لعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، مرفقة بكلمات الولاء والانتماء وأبيات من قصائد الشعر التي أكدت مشاعر المحبة للقيادة، في صفعة جديدة لـ"الجزيرة" تؤكد فشلها في تحقيق أهدافها.
خلية الكويت
أيضا كان لافتا توقيت بث قناة الجزيرة لبرنامج " ما خفي أعظم" حيث جاء بالتزامن مع الكشف عن تورط قطر في دعم الخلية الإخوانية الإرهابية الهاربة من مصر التي تم ضبطها في الكويت، في محاولة للتغطية على فضيحة تورطها، وفي محاولة لشغل الرأي العام الخليجي والعربي عن فضيحتها.
والجمعة الماضي، أعلنت وزارة الداخلية الكويتية ضبط خلية إخوانية يحمل أعضاؤها الجنسية المصرية صدر في حقهم أحكام قضائية من قبل السلطات في القاهرة في عملية أمنية استباقية.
وأوضحت أنه "بعد إجراء التحقيقات الأولية معهم أقروا بقيامهم بعمليات إرهابية وإخلال بالأمن في أماكن مختلفة داخل الأراضي المصرية".
وأعلنت الكويت أنه تم تسليم الخلية إلى السلطات المصرية.
وأظهرت التحقيقات الأولية مع الخلية الإخوانية الإرهابية بالكويت ارتباط نشاطها بدولتي تركيا وقطر، الحاضنتين لتنظيم الإخوان الإرهابي بشكل أساسي.
وكشفت التحقيقات أن أعضاء الخلية المتهمين بارتكاب جرائم بعدة مدن مصرية عقدوا عدة اجتماعات مع قيادات تنظيمية في دولتي قطر وتركيا، فضلا عن اجتماعاتهم المتواصلة في دولة الكويت.
وأكدت مصادر مصرية مطلعة على ملف القضية، لـ"العين الإخبارية"، أن الخلية كانت جزءا من التنظيم الذي تحركه الدولتان الداعمتان للإرهاب.