ما بين السوق السوداء والسعر الرسمي.. ما القيمة العادلة للدولار؟
انخفض سعر الدولار في مصر في السوق السوداء خلال الـ48 ساعة بشكل ملحوظ؛ حيث فقد نحو 15 جنيهاً من قيمته المتداولة.
وقال متعاملون في سوق الصرف على دراية بما يحدث في السوق السوداء "الموازية" للدولار إن ما حدث من هبوط ناتج عن قرار البنك المركزي المصري برفع سعر الفائدة 2%، إلى جانب الحديث عن التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن زيادة القرض إلى 10 مليارات دولار.
يأتي ذلك في وقت يتساءل فيه غالبية الاقتصاديين والمتابعين عن السعر العادل للدولار، في ظل أزمة شح السيولة الدولارية .
"العين الإخبارية" استطلعت آراء عدد من الاقتصاديين والمصرفيين حول القيمة العادلة للدولار، ووفقا لآراء الخبراء فإن السعر العادل للدولار يتراوح بين 40 و45 جنيهاً.
يقول الخبير المصرفي عز الدين حسانين، إن سعر الدولار العادل وفقاً للأبحاث الاقتصادية يدور حول 40 إلى 45 جنيهاً، لكن ما يحدث من مضاربات في السوق السوداء تُشعر المتابعين بوجود قيمة أعلى من ذلك.
ورجح حسانين أن يقوم البنك المركزي المصري بتحريك تدريجي لسعر الصرف على مرحلتين الأولى يصل خلالها سعر الدولار إلى 37 جنيهاً، فيما تكون المرحلة الثانية لاحقاً يصل سعر الدولار إلى 47 جنيهاً، مؤكدا أن المرحلتين بينهما حالة استقرار لمدة تزيد على الشهر لتدبير سيولة دولارية مرتفعة.
وتسعى الحكومة لتوفير سيولة دولارية من خلال عدد من الخطوات بينها طرح مشروعات استثمارية كبيرة على مستثمرين أجانب، إلى جانب إطلاق بوابة الفرص الاستثمارية في القطاع العقاري للمدن الجديدة، خلافاً لبرنامج الطروحات الحكومية التي تحاول الحكومة الإسراع فيه.
وتوصلت مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولي لزيادة قيمة القرض إلى 10 مليارات دولار من المقرر أن يتم الإعلان عن تفاصيله خلال الفترة المقبلة.
وقال حسانين إن البنك المركزي سيعمل على توفير كافة احتياجات البنوك من النقد الأجنبي، مؤكداً أن الدولار سيتراجع إلى مستويات 37 جنيهاً مع استقرار الأوضاع.
وتقول الحكومة المصرية إن سعر الدولار سيصل إلى مستويات 37 جنيهاً في 2024، وفقاً لوثيقة السياسات الاقتصادية التي أعلنت عنها بداية العام الجاري والتي تستهدف إيرادات دولارية بقيمة 300 مليار دولار حتى 2030.
السعر العادل للدولار
عضو الهيئة الاقتصادية الاستشارية لمركز مصر للدراسات، الدكتور أحمد شوقي، أكد أن سعر الصرف الفعلي للدولار يعكس وضع الاقتصاد المصري، الذي يعاني حاليًا من بعض الاضطرابات سواء كانت الخارجية أو الداخلية المتمثلة في عجز بميزان المدفوعات نتيجة زيادة فاتورة الاستيراد عن التصدير.
وشدد على أن هناك اضطرابًا كبيرًا بين المؤسسات الدولية، التي تصدر بين الحين والآخر، تقارير تحدد فيها القيمة العادلة للدولار أمام الجنيه المصري، موضحًا أن المؤسسات المالية العالمية تطالب بخفض قيمة الجنيه أمام الدولار ليتراوح بين 40 و45 جنيهًا.
وقال لـ"العين الإخبارية" إن أزمة الدولار حلها في توفير سيولة دولارية تُنهي أزمة السوق السوداء، مؤكداً أن نفس سيناريو 2016 قد يتكرر عندما حصلت مصر على دفعة قيمتها 2.7 مليار دولار من قرض الـ12 مليار دولار لإنهاء أزمة السوق الموازية.
وأرجع شوقي عودة السوق الموازية بشكلها الحالي مجددًا إلى حدوث العديد من الأزمات بدءا من فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وصولاً للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتداعياتها على البحر الأحمر والتي أدت لانخفاض إيرادات مصر من قناة السويس، وكذلك السياحة.
وأكد صندوق النقد الدولي، في وثيقة له بداية من شهر يناير/كانون الثاني 2024، أن متوسط سعر صرف الجنيه مقابل الدولار هو 36.83 جنيه خلال الفترة 2024 -2028. وفي المقابل تشير تقديرات مؤسسات مثل “فيتش سوليوشنز” ووكالة “موديز” وبنك "اتش.اس.بي.سي"، إلى تراجع الجنيه رسميًا إلى مستويات تتراوح بين 40 و45 جنيهًا للدولار، ليضاف هذا لتراجعه خلال العام الماضي بنسبة 25% وفي 2022 بنحو 60%.
أسعار متباينة للدولار
وقالت الخبيرة المصرفية، سهر الدماطي، إنه لا يمكن، في الوقت الحالي، تحديد قيمة عادلة فعلية للدولار أمام الجنيه، لا سيما أنه يتم تداوله بأسعار مختلفة في عدد من الأسواق، موضحة أن سعر الأخضر في سوق الذهب يختلف عن سوق الحديد وكذلك سوق السيارات، مضيفة: “كل ذلك يمكن تسميته بالسوق السوداء”.
وأضافت أن ما يحدث حاليًا في أسواق العملات لم تشهده مصر على مدار تاريخها، مشيرة إلى أن القيمة العادلة لأسعار الصرف يحددها السعر التوازني بين العرض والطلب، إذ توجد موارد دولارية تكفي احتياجات الدولة من العملة الصعبة.
وأوضحت أن أسعار الدولار في السوق السوداء مبالغ فيها ولا تعبر عن السعر الحقيقي أو الفعلي للدولار أمام الجنيه، وإنما هي نتاج نقص كبير في السيولة الدولارية في السوق الرسمية للعملة.
aXA6IDE4LjE4OC4yMjcuNjQg جزيرة ام اند امز