الأهم في قانون قيصر وبدء عملية تطبيقه بشكل رسمي، هو التفاهمات العاجلة بين واشنطن وموسكو في الأيام القليلة الماضية
بعكس التصورات المتداولة هذه الأيام عن طبيعة قانون قيصر الذي أقره الكونجرس الأمريكي مؤخراً حول سوريا وصادق عليه الرئيس دونالد ترامب، ليس هذا القانون مجرد عقوبات اقتصادية آنية أو حزمة مواقف مباشرة للإدارة الأمريكية حيال الحكومة السورية.
القانون الآنف الذكر هو رؤية شاملة للحل في سوريا من وجهة نظر أمريكية بحتة، تمت دراستها والعمل على إنتاجها خلال الأشهر الماضية.
وإدارة ترامب التي تستعد للانتخابات الرئاسية المقبلة نهاية هذا العام، لطالما أجلت التعامل مع الملف السوري بشكل كاف لتجعل منه ورقة رابحة، ترمي بها في آخر لحظة قبيل التجديد المفترض لترامب نفسه، في ظل استحالة فوز خصمه الديمقراطي بايدن، أقله بحسب استطلاعات الرأي الأمريكية المنشورة، لأن تساهل الحزب الذي ينتمي له المرشح الرئاسي مع النشاط الإيراني المزعزع لأمن المنطقة أمرٌ معروف لدى الناخب الأمريكي.
والأهم في قانون قيصر وبدء عملية تطبيقه بشكل رسمي، هو التفاهمات العاجلة بين واشنطن وموسكو في الأيام القليلة الماضية، وآخرها الاتصال المطول والمباحثات الموسعة التي جرت بين "سيرغي فيرشينن" نائب وزير الخارجية الروسي و "جيمس جيفري" مبعوث الخارجية الأمريكية للشأن السوري، لأن تعهد الولايات المتحدة الأمريكية بحفظ المصالح الروسية في سوريا كان مشروطاً بالعمل سويةً بين الطرفين بغية طرد إيران من سوريا .
ومن خلال ذلك يستنتج المراقبون، بأن أمريكا ترى الدور التخريبي لإيران في سوريا دوراً آن آوان انتهائه بشكل مباشر، وإحجام الروس مؤخراً عن التنسيق مع طهران حيال الوضع في سوريا ليس سببه مستجدات فيروس كورونا أو مقتل قاسم سليماني.
الأهم في قانون قيصر وبدء عملية تطبيقه بشكل رسمي، هو التفاهمات العاجلة بين واشنطن وموسكو في الأيام القليلة الماضية.
إنما قرار مباشر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يتبنى سياسة فصل المسارات، والحد من توسع عمل الميلشيات الإيرانية على كامل الأرض السورية، والسماح القديم الجديد من قبل قاعدة حميميم الروسية لتل أبيب بقصف المجموعات المسلحة الإيرانية ليلاً ونهاراً .
وتتسمُ النظرة الأمريكية لتركيا أيضاً في سوريا بعدم الثقة، والريبة من تحالفها مع طهران، وتنسيق مخابرات البلدين بشكل مكثف لتنفيذ أجندة أردوغان وخامنئي مسألة لايختلف حولها المشرعون الرئيسيون في الكونغرس مع صناع القرار في البيت الأبيض، وعليه فإن أنقرة بدت غير مدعومة من حلف شمال الأطلسي الناتو حين تدخلت في الشمال السوري، لأن التوصيف الوحيد لوجودها هناك في عواصم دول الحلف أنها تحتلُ تلك المناطق بطريقة غير شرعية أو قانونية .
وسيكون الإخوان المسلمون في سوريا أيضاً على موعد مع خسارة كبيرة بعد أن ظنوا بأن قانون قيصر هو طوق النجاة لهم كي يحكموا سوريا الجديدة، ويطبقوا نهج المغامرات العثمانية الأردوغانية الفاشلة، ومسارعتهم لترتيب صفوفهم داخل أجسام المعارضة للدفع بأشخاص معروفين بخلفياتهم الإخوانية مجرد خطط مكشوفة لايعول عليها أحد وستسقط لامحالة، لأن قيصر كقانون ورؤية شاملة تمت كتابته وتفصيل بنوده تحت عنوان لامغلوب في سوريا سوى إيران وتركيا ومن يواليهما من أطراف النزاع.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة