بعد دخوله نفق الركود.. 7 أزمات تحاصر الاقتصاد الأمريكي
انكماش اقتصاد أمريكا يضرب المؤشرات الحيوية من عجز الموازنة والدين العام وصولا إلى البطالة وضغوط إنفاق المستهلكين والدولار
يحمل الانكماش التاريخي لاقتصاد الولايات المتحدة خلال الربع الثاني من 2020 بمقدار 32.9% الكثير من المؤشرات التي ستنعكس على المواطن الأمريكي والشركات والكيانات الاقتصادية داخل البلاد حتى نهاية العام.
هذا الانخفاض الفصلي هو الأكبر من نوعه على الإطلاق منذ أن بدأت الولايات المتحدة تحتفظ بالسجلات في عام 1947، ويمثل خسارة للناتج المحلي للبلاد بنحو تريليون دولار، وبما يعادل 3 مرات للمستوى القياسي السابق المسجل في عام 1958 حين تراجع الاقتصاد بمعدل 10%.
ويأتي تراجع الأداء الاقتصادي بعد انخفاض فصلي آخر بالربع الأول من العام الجاري بمقدار 5%، بما يعكس الأضرار الجسيمة الناجمة عن فيروس كورونا المستجد وإغلاق الاقتصاد لعدة أشهر.
ويطال الركود الأمريكي العديد من القطاعات والمؤشرات الرئيسية التي يبدو أنها ستعاني الفترة المقبلة، وتتلخص أبرز المعضلات التي ستواجه الاقتصاد الأكبر بالعالم في الـ7 نقاط التالية:
استمرار الركود
أبدى الخبراء قبل شهرين حالة من التفاؤل بشأن تعافي الاقتصاد مع بدء الفتح التدريجي لأغلب الأنشطة، ولكن مع تصاعد حالات الإصابة بالفيروس في الولايات المتحدة وإعادة فرض بعض المناطق قيودا على النشاط، توقفت علامات الانتعاش.
وقال صندوق النقد الدولي إن التحسن في أداء الاقتصاد الأمريكي في النصف الثاني من 2020 لن يمنع من وقوع انكماش بواقع 6.6% بنهاية 2020، مع تزايد الديون ومعدلات الفقر.
ودفعت النظرة المستقبلية المتشائمة لأكبر اقتصاد في العالم، وكالة فيتش للتصنيف الائتماني لتخفيض درجة الآفاق الاقتصادية للولايات المتحدة من "مستقرة" إلى "سلبية"، على خلفية التدهور المستمر للمالية العامة.
عجز الموازنة
يتصدر ارتفاع عجز الموازنة مؤشرات الركود الاقتصاد، والذي بلغ في يونيو/ حزيران الماضي 846 مليار دولار في ظل زيادة نفقات الميزانية الأمريكية لمواجهة تداعيات كورونا، والتي تخطت حاجز 5.2 تريليون دولار، لتكون أكبر ميزانية في تاريخ البلاد.
ويأتي ذلك وسط توقعات للمحللين بأن يناهز العجز الشهري تريليون دولار، في سابقة هي الأولى من نوعها بتاريخ الاقتصاد الأمريكي.
الدين الحكومي
وبالتوازي مع زيادة الإنفاق الحكومي، تتوسع الولايات المتحدة في الاستدانة لتغطية النفقات المتزايدة، حتى قدرت وكالة فيتش نسبة الدين العام بمقدار 130% من إجمالي الناتج المحلي الأمريكي بحلول عام 2021، وهي النسبة الأعلى بين أي دولة ذات تصنيف AAA.
ووفقا لأحدث بيانات وزارة الخزانة الأمريكية الصادرة في يونيو/ حزيران سجل الدين الحكومي مستوى قياسي بلغ 26 تريليون دولار.
وحذر خبراء صندوق النقد الدولي مؤخرا بعد إتمام إحدى المراجعات طبقا للمادة الرابعة لأكبر اقتصادات العالم من زيادة مستويات الدين الحكومي وديون الشركات بشكل كبير مع احتمالات تضخم منخفض أو ربما سالب.
البطالة
يترجم الارتفاع الحاد في البطالة وطلبات الإعانة بين الأمريكيين الركود الاقتصادي، وأظهر تقرير وزارة العمل الأمريكية تراجع معدل البطالة إلى 11% في يونيو/حزيران الماضي، بعد إضافة 4.8 مليون وظيفة.
غير أن هذا التحسن لم يستمر بعد ارتفاعات طلبات إعانة البطالة إلى 1.4 مليون مطالبة في الأسبوع المنتهي في 16 يوليو/ تموز الماضي، وهو أعلى من مطالبات الأسبوعين السابقين عليه حين استقبل مكتب العمل 1.3 مليون مطالبة.
ويعاني الاقتصاد الأمريكي من وجود حوالي 30 مليون عاطل يحصلون على إعانة بطالة، بما يمثل قرابة 20% من قوة العمل.
واعتبر مادافي بوكيل نائب رئيس وكالة موديز إنفستورز سيرفيس، أن الارتفاع الأخير في مطالبات البطالة أمر مثير للقلق ويؤكد أن انتعاش الاستهلاك معرض للخطر.
كما أشار ديفيد سولومون الرئيس التنفيذي لبنك جولدن مان ساكس، في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي إلى أن الاقتصاد سيواجه معدلات بطالة مرتفعة جدا لفترة طويلة، خاصة بقطاع الخدمات.
سداد الديون
فيما حذر تقرير صادر عن بنك أوف أمريكا من حدوث موجة كبيرة بين الأمريكيين للتخلف عن سداد الديون، بما في ذلك مدفوعات بطاقات الائتمان وقروض السيارت والرهن العقاري.
وربط البنك حدوث هذه الموجه بنفاذ الدعم الحكومي غير المسبوق المقدم في هيئة مدفوعات نقدية وإعانات إضافية للعاطلين عن العمل، وكذلك برنامج دعم الشركات الصغيرة.
يعتقد مارك زاندي كبير الاقتصاديين في وكالة موديز أناليتيكس، أنه إذا سمح الكونجرس بانتهاء إعانات البطالة الإضافية التي تبلغ 600 دولار بدون تمديد، فقد يعرقل إنفاق المستهلكين ويدفع الاقتصاد إلى ركود مزدوج مريع.
حجم الإنفاق
على الرغم من ارتفاع الاستهلاك الشخصي بنسبة 8.5% و5.6% خلال مايو/ آيار ويونيو/ حزيران، غير أن خبراء الاقتصاد أعربوا عن قلقهم من تراجع حجم الإنفاق، لاسيما مع انخفاض الدخل في الشهر قبل الماضي بنسبة 1.1% نتيجة انخفاض المساعدات الفيدرالية للعائلات.
ونقل موقع ماركت ووتش عن الخبير الاقتصادي سال جواتيري من شركة بي إم أو كابيتال ماركتس، أن المؤشرات تشير إلى تباطؤ الاستهلاك في يوليو/ تموز بسبب التراجع الجزئي بخطة إعادة الفتح بعدة ولايات.
فيما قال كبير الاقتصاديين جريجوري داكو بجامعة أكسفورد إيكونوميكس: إنه مع انتهاء صلاحية العديد من برامج المساعدة، واستمرار الأزمة الصحية، فإن الإدارة الأمريكية ستقيد الإنفاق على الخدمات، لذا من المرجح أن تكون المرحلة الثانية من الانتعاش أبطأ بكثير.
ضغوط على الدولار
نتيجة الموقف الاقتصادي الصعب فقد الدولار الأمريكي قرابة 9% من رصيده منذ مارس/ آذار 2020، وفي المقابل ارتفع اليورو الجمعة إلى 1.19%.
وقال وزير الخزانة الأمريكي السابق هنري بولسون، إن مستقبل الدولار يعتمد بشكل مباشر على مدى استعداد الإدارة الأمريكية لوضع استراتيجية لمعالجة المشاكل المتعلقة بالديون والعجز في الميزانية مع مرور الوقت.
وحذر الرئيس التنفيذي لبنك جولدن مان ساكس من ضعف الدولار الفترة المقبلة نتيجة تباطؤ النمو وتفاقم الدين.
aXA6IDE4LjIyNy4xMTQuMjE4IA==
جزيرة ام اند امز