تدعم تركيا وبكل صراحة ووضوح العديد من وسائل الإعلام والصحافيين المصريين المنتمين لجماعة "الإخوان" الإرهابية.
منذ أيام والإعلام التركي الرسمي المؤيد للرئيس رجب طيب أردوغان، يروج باحتفاء لما أسماها "مباحثاتٍ أمنية بين الاستخبارات التركية والأجهزة الأمنية المصرية، وذلك تمهيداً لإجراء مفاوضاتٍ شاملة في محاولة لإعادة العلاقات بين تركيا ومصر" بعد قطيعةٍ منذ أكثر من 7 سنوات، فما الذي حصل؟
قابل الضجيج الإعلامي التركي والترحيب المبالغ فيه، نفي قاطع للرواية المتداولة على الإعلام الأردوغاني من قبل القاهرة، التي كذّبت الأمر جملةً وتفصيلاً وأكدت عدم حصول أي لقاءاتٍ استخباراتية بينها وبين أنقرة، كما كشفت أن كل ما تمّ الحديث عنه، لم يتجاوز على أرض الواقع حدود تبادل بعض الرسائل بين الجانبين.
ومعلوم أن لدى القاهرة شروطاً مصيرية ينبغي على أنقرة تنفيذها مسبقاً قبل البدء بأي حوارٍ أو مفاوضاتٍ معها، وتتمثل بتسليمها كبار إرهابيي جماعة "الإخوان المسلمين" الفارين من مصر والمقيمين على الأراضي التركية منذ سنوات.
ويبدو أن أنقرة ترغب بقوة في استعادة علاقاتها السابقة مع القاهرة وليس العكس. ومع ذلك قامت وسائل الإعلام المحسوبة على الحكومة التركية، بتشويه الحقائق وتزوّيرها كالعادة، إذ حاولت من خلال البروباغندا نشر شروطٍ تركية للتفاوض مع مصر وكأن الأخيرة هي من طرقت أبوابها.
والمضحك في الأمر، هو حديث بعض المحللين السياسيين الداعمين للرئيس التركي عن وجود دعمٍ مصري لحركة "الخدمة"، التي يقودها الداعية التركي فتح الله غولن، المتهم بالوقوف وراء الانقلاب المزعوم على حكم أردوغان قبل أكثر من 4 سنوات، لكن هذا الاتهام لا يحتاج إلى الكثير من الأدلة والمعلومات لنفيه، فكل الوقائع على الأرض تؤكد أنه غير صحيح بتاتاً.
وفي عرض مبسط لبعض المجريات، يمكن ملاحظة غياب أي وسيلة إعلامية تعمل لصالح حركة غولن في مصر، كذلك لم يحصل أي من أعضائها على اللجوء السياسي في القاهرة ولا على الجنسية المصرية. إضافة إلى أن القاهرة ليست في وارد دعم أعضاء مسلّحين من حركة "الخدمة" لشنّ هجماتٍ داخل الأراضي التركية للإطاحة بأردوغان.
بينما في المقابل، تدعم تركيا وبكل صراحة ووضوح العديد من وسائل الإعلام والصحافيين المصريين المنتمين لجماعة "الإخوان" الإرهابية، عبر بث القنوات لبرامج سياسية متنوعة هدفها الأساسي مهاجمة القاهرة من داخل اسطنبول. كذلك منحت السلطات التركية جنسية بلادها للعديد من أعضاء الجماعة الهاربين من مصر. إضافة إلى دعمها العلني والمفضوح للهجمات الإرهابية التي تحصل باستمرار في العريش وسيناء.
وببساطة شديدة، تفشل أنقرة في لعب دور الضحية وإلباس ثوبها الأسود للقاهرة، وما هذه الاتهامات الباطلة عبر الإعلام إلا محاولات بائسة لحفظ ماء الوجه أمام أنصار أردوغان، خاصة وأنه أراد التفاوض مع القاهرة، والأخيرة رفضت ذلك.
وكذلك سلّطت وسائل إعلامٍ تركية في محاولاتٍ فاشلة الضوء على زياراتٍ للزعيم الكردي السوري صالح مسلم إلى القاهرة واعتبرت أن حصول هذا الأمر يشبه إقامة عناصر من "الإخوان المسلمين" على أراضيها، لكنها تجاهلت أن مسلم سوري الجنسية ولا يقيم في القاهرة ولا توجد أي صلة تربطه بأنقرة وأن القاهرة تتمتع بعلاقاتٍ جيدة مع الحكومة السورية ومعارضتها التعددية ومن حقها استقبال من تريد.
باختصار، هذا التركيز الأعمى من قبل أنقرة على الترويج لدعمٍ مصري لغولن والأكراد دليل على إفلاسها السياسي وخسارتها لكل أوراق اللعبة، وهو أيضاً مؤشر على أنها غير جادة في التفاوض مع القاهرة، ويعني أنها ستنتظر كثيراً حتى تحظى بقبول القيادة المصرية على إجراء مباحثاتٍ معها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة