قررت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" تعليق تبادلاتها المالية والتجارية مع دولة مالي، باستثناء الضروريات الأساسية.
مرّ شهر كامل على الانقلاب العسكري في مالي، والذي حدث في 18 أغسطس/ آب الماضي. ومنذ ذلك الحين، ظلّت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة على هامش الأحداث، واستمرت في تنفيذ هجماتها على غرار الهجوم الذي وقع في ألاتونا في التاسع من سبتمبر/ أيلول الجاري، والذي أودى بحياة 4 جنود. وبهذا الهجوم، أرادت "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" توجيه رسالة ضمنية مفادها أنها ستحافظ على تواجدها على بعد 70 كيلومتراً فقط من حدود مالي مع موريتانيا.
وقبل ذلك بأيام قليلة، وتحديداً في ليلة الخميس 3 إلى الجمعة 4 سبتمبر/ أيلول الجاري، قُتل عشرة جنود ماليين آخرين في كمين، في منطقة سيغو بالقرب من نيونيو بمحافظة كوليكورو. وبالتوازي مع هذه الهجمات، تتواتر أنباء تفيد بأن تنظيم داعش الإرهابي يتوسع أكثر فأكثر في منطقة الساحل والصحراء مستفيداً من الصراع الليبي. صحيح أن الجيش الوطني الليبي يضغط بشكل قوي ومستمر على الجماعات الإرهابية داخل مناطق سيطرته، لكن المشكلة تكمن في المناطق الواقعة خارج حدوده والتي يزدهر فيها النشاط الإجرامي والجريمة المنظمة والاتجار بالأسلحة والبشر.
ومن جهتها قررت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" تعليق تبادلاتها المالية والتجارية مع دولة مالي، باستثناء الضروريات الأساسية. وعلى الفور، تم استغلال تلك الظروف من قبل وزير خارجية تركيا، مولود جاويش أوغلو، الذي حلّ بمالي في العاشر من الشهر الجاري. وعلى الرغم أن فحوى الزيارة غير معروفة، إلّا أنه يمكن التكهّن بنتائجها.
وتواصل الإيكواس ممارسة الضغط على مالي لإرغام المجلس العسكري على تعيين رئيس مدني ورئيس للوزراء على الفور ضمن مهلة لا تتعدى يوم الثلاثاء 22 سبتمبر/ أيلول الجاري. وفي غضون ذلك، يجري تداول تسجيل صوتي في مالي، منسوب لأحد قادة "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم القاعدة، يؤكد فيه أن الجماعة لن تعترف بأي حاكم للبلاد سوى الإمام، محمود ديكو.
وبالتالي فإن نتائج هذا الحصار ستنعكس سلباً على السكان المحليين، الذين يعانون من اقتصاد البلد المنهك أصلاً. ومما يزيد الطين بلة، هو أنهم يلاحظون كيف تتناقص الحاجيات الأساسية في الأسواق يومياً. وينبغي أن تكون العقوبات التي تفرضها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا مدروسة، لأنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن هذا الخنق سيؤدي بلا شك إلى زيادة الهجرة، وهو ما ستكون له تداعيات أسوأ مما هو متوقّع بكثير.
وفي 16 من سبتمبر/ أيلول الجاري، اعتقل الجيش المالي 5 إرهابيين وصادر عتاداً حربياً في مدينة تولودجي بنامبالا وسط البلاد. وحتى لو أراد الإرهابيون وقف عملياتهم، إلّا أنهم لن يتمكنوا من ذلك بسبب الحرب الدائرة بين الجماعتين الإرهابيتين في مالي وبوركينا فاسو، داعش والقاعدة، من أجل السيطرة على الإقليم. وإذا استمرت الأطراف الحاكمة في مالي في تأخير تشكيل الحكومة، فقد تكون نتائج ذلك كارثية.
وعلى بعد 3500 كيلومتر شرق مالي، وتحديداً في السودان، تفيد التقارير أن مهربي أسلحة قتلوا خمسة من رجال الشرطة. وأشار مصدر في الجيش السوداني إلى أن هذه الأسلحة من المرجّح أن تكون تركية، وهي موجهة نحو الداخل السوداني لزعزعة الاستقرار والتشويش على الحكومة الانتقالية التي يسعون للإطاحة بها. إنه لأمر مؤسف بالنسبة للسودان، لكنه غير مستغرب من تركيا التي عودتنا مع شريكتها قطر على مثل هذا النوع من الأعمال التخريبية في أفريقيا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة