كان من الحكمة لقطر ومن مصلحتها أن تلتزم الصمت، خاصة أن رأيها بالقرار الأمريكي لا قيمة له
أفهم أن يتوحد الموقف التركي-الإيراني من القرار الأمريكي بوضع الحرس الثوري الإيراني على قائمة الإرهاب، فالقرار يصيب إيران في مقتل، وامتدادا لذلك فإن العلاقات الأمريكية-التركية تمر بمرحلة توتر منذ تسلّم الرئيس أردوغان السلطة في البلاد، ولهذا فلا غرابة في الموقف التركي وتحالفها مع إيران، كما أفهم وأتفهم هذا التوافق في السياسات بين إيران وتركيا، كون لكل من الدولتين أطماعهما التوسعية في المنطقة.
هناك قرارات أمريكية قادمة -كما تشير الأخبار- تمس تركيا أيضا، ومن يدري.. فقد يعود هذا الثلاثي إلى رفضها، والتنديد بها، وهو موقف مفهوم إذا صدر عن أنقرة وطهران، لكنه غير ذلك حين تحشر الدوحة نفسها بما لا يعنيها، فمتى يفيق نظام الشيخ تميم من سباته الذي طال؟
لكن ما لا أفهمه أن تكون قطر الثالثة في هذا المحور، وهي جزيرة صغيرة جدا، يمكن ابتلاعها إيرانيا كما فعلت طهران مع الجزر الإماراتية، لذا أتساءل ما مصلحة قطر في حشر نفسها مع أنقرة وإيران في الموقف الرافض للقرار الأمريكي، وهي التي تحتمي بالقاعدة الأمريكية في قطر، ولها مصالح من علاقاتها مع أمريكا أكثر بكثير من علاقاتها مع إيران، وهي مع الأخيرة علاقة هشة ليس لها من هدف سوى إظهار الدوحة بأنها غير مكترثة بقرار مقاطعتها من الدول الأربع، مع أن معاناة قطر من هذه المقاطعة لم تخفف من آثارها الموجعة هذا الانبطاح في علاقاتها مع إيران، ولا دعوة تركيا لإقامة قاعدة عسكرية في أرض الجزيرة القطرية.
كان من الحكمة لقطر ومن مصلحتها أن تلتزم الصمت، خاصة أن رأيها بالقرار الأمريكي لا قيمة له، ولا يشكل أي رد فعل على المستوى الإعلامي والسياسي إلا من خلال قناة الجزيرة ومن يتحكم بالقرار داخل قطر، غير أن الشيخ تميم لا يحاول أن يتعلم من النتائج التي أوصلت قطر إلى هذا الوضع المأساوي، فيعالج أوضاع بلاده بما لا يزيد من تراكمات أوجاع الشعب القطري الشقيق، مع أن الفرصة ما زالت مواتية للدوحة للعودة إلى الحضن الخليجي الدافئ، من خلال تخلص الدوحة من الإرهابيين، والتوقف عن دعم الإرهاب، والاستجابة لطلبات المملكة والإمارات والبحرين ومصر ذات الصلة بموضوع الخلاف.
ومن المؤكد أن هذا التحالف الثلاثي، وإن كان في الموقف من القرار الأمريكي اعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، إلا أن امتداده يشير إلى أننا أمام تكتل شرير يسعى إلى إرباك المنطقة بالفوضى، وفتح المجال أمام التدخل الأجنبي، ما لا يمكن لنظام عاقل وحكيم ويحسن التصرف أن يكون هذا موقفه، خاصة أن هناك غليانا في عدد من الدول، وفوضى لا حدود لها، كما هو الآن في السودان وإيران وتركيا وسوريا وليبيا والجزائر واليمن، وإن بنسب متفاوتة وعدم استقرار في دول أخرى، ما يعني أن المنطقة ليست في حاجة إلى من يوقد النار بأكثر مما هي مشتعلة الآن.
قال وزير خارجية قطر -ما معناه- إنه يعتز بعلاقات بلاده بإيران، وإنهما متحدتان في سياساتهما ومواقفهما، وذلك قبل يوم واحد من صدور القرار الأمريكي بتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، وبعد صدور القرار انضم إلى الثنائي التركي-الإيراني، ليشكل الثلاثي موقفا موحدا رافضا للقرار، في تصرف قطري أحمق، لم يتفهم مصلحة الدوحة في صدور هذا القرار، وأنه حماية لها من هذه الدولة الإيرانية الجاهزة، بانتهاز الفرصة المناسبة لابتلاع أي أرض عربية لا تكون لديها القوة والإرادة والموقف المسؤول من الخطر الإيراني، كما هو موقف قطر التي تمضي بجنون نحو التحالف مع طهران على حساب مصالحها ومستقبلها.
هناك قرارات أمريكية قادمة -كما تشير الأخبار- تمس تركيا أيضا، ومن يدري.. فقد يعود هذا الثلاثي إلى رفضها، والتنديد بها، وهو موقف مفهوم إذا ما صدر عن أنقرة وطهران، لكنه غير ذلك حين تحشر الدوحة نفسها بما لا يعنيها، فمتى يفيق نظام الشيخ تميم من سباته الذي طال؟
نقلاً عن "الجزيرة السعودية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة