أمريكا تعيد كتابة مستقبل العملات الرقمية.. 168 صفحة تغير قواعد اللعبة

في خطوة طال انتظارها من المستثمرين والمنظمين على حد سواء، كشفت الإدارة الأمريكية عن تقرير مفصّل يسلّط الضوء على مستقبل العملات الرقمية في الولايات المتحدة.
التقرير، الذي يأتي بعد مرسوم رئاسي صدر مطلع عام 2025، يضع الأسس لما يمكن اعتباره تحولًا استراتيجيًا في كيفية تعامل واشنطن مع عالم الأصول الرقمية، بين حماية المستثمرين وتعزيز الابتكار المالي.
تقرير شامل من 168 صفحة
أصدر فريق العمل المعني بالعملات الرقمية في البيت الأبيض تقريرًا من 168 صفحة، يشكل خريطة طريق لتنظيم سوق العملات المشفّرة في الولايات المتحدة.
يتضمّن التقرير توصيات رئيسية تهدف إلى تنظيم السوق بشكل فعّال، دون إعاقة الابتكار، مع التركيز على حماية المستثمرين وتقوية موقع الولايات المتحدة عالميًا في قطاع الأصول الرقمية، بحسب موقع "جورنال دو كوين" الفرنسي.
من أبرز النقاط التي جاء بها التقرير: إنشاء "تصنيف قانوني واضح" لأنواع العملات الرقمية حسب طبيعتها ووظيفتها، بهدف تحديد الجهة الفيدرالية المختصة بتنظيم كل نوع.
هيئة تداول السلع الآجلة (CFTC) ستكون مسؤولة عن مراقبة الأسواق الفورية (المباشرة) التي يتم فيها التداول بين البائعين والمشترين، وستشرف على العملات التي تُصنَّف كسلع، مثل البيتكوين.
وهيئة الأوراق المالية (SEC) ستتولى الإشراف على التوكنات التي تمثل حصصًا في مشاريع أو شركات، أي التي تُعتبر أوراقًا مالية.
ويشدّد التقرير على ضرورة التعاون بين الهيئتين لضمان إشراف منسّق على القطاع، ووضع إطار تنظيمي عقلاني للأصول الرقمية هو السبيل الأمثل لتحفيز الابتكار الأمريكي، وحماية المستثمرين من الاحتيال، وجعل أسواقنا المالية نموذجًا يُحتذى به عالميًا.
القطاع البنكي والعملات الرقمية
يشجّع التقرير على تسهيل انخراط البنوك الأمريكية في قطاع العملات الرقمية، من خلال: تبسيط إجراءات الحصول على التراخيص البنكية، وتوضيح الشروط التنظيمية للبنوك الراغبة في تقديم خدمات تتعلق بالأصول الرقمية.
ويؤكد التقرير أن البنوك يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا في ضمان الأمان والثقة والامتثال التنظيمي، مما يعزز تطوّر هذا القطاع الحيوي.
ويرى التقرير أن العملات المستقرة تمثل ركيزة أساسية للحفاظ على هيمنة الدولار الأمريكي في نظام المدفوعات العالمي الرقمي. ويطالب التقرير الكونغرس بالتصويت لصالح مشروع قانون "منع الدولة الرقابية الرقمية"، والذي يحظر تطوير عملة رقمية مركزية فيدرالية داخل الولايات المتحدة.
ويحذر التقرير من أن اعتماد عملة رقمية مركزية قد يهدد خصوصية المواطنين وحريتهم، بالإضافة إلى الاستقرار المالي.
نظام ضريبي خاص
ويقترح التقرير وضع سياسة ضريبية مخصصة للعملات الرقمية، تأخذ في الاعتبار خصائصها الفريدة، مثل نشاط "الستاكينغ" المرتبط بالتحقق من المعاملات. ويوصي بأن يتم تصنيف هذه العملات كفئة أصول جديدة، تُعامل بقواعد ضريبية تناسب طبيعتها.
هذا التقرير المفصّل يمثل خطوة مفصلية في جهود الولايات المتحدة لتكون رائدة في مجال العملات الرقمية. ومع أن البيت الأبيض وضع الأسس التنظيمية، تبقى الكرة الآن في ملعب الكونغرس والهيئات الفيدرالية لتطبيق هذه التوصيات وتحويلها إلى إطار تنظيمي واضح وفعّال.