بعد أخطاء حمد بن جاسم.. من هم جماعة "إخوان من أطاع الله" بالسعودية؟
أخطاء تاريخية عدة وقع فيها حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر الأسبق خلال لقاء صحفي، أعادت تسليط الضوء على جماعة "إخوان من أطاع الله" السعودية.
الأخطاء وردت في مقابلة لحمد بن جاسم، مع صحيفة "القبس" الكويتية، تم تداول مقاطع فيديو لها على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويظهر في المقطع المتداول بن جاسم يقول إن "جماعة إخوة من أطاع الله" هم إخوة لجماعة "الإخوان المسلمين، من وقت محمد عبد الوهاب لما بدأ مع عبد العزيز (الملك المؤسس للدولة السعودية) في إعادة تحرير المملكة".
وتعرض بن جاسم لحملة انتقادات واسعة على مواقع التواصل وخصوصا من الكتاب السعوديين نظرا لما تضمنه حديثه من أخطاء أبرزها، أن الملك المؤسس للدولة السعودية عبدالعزيز آل سعود ولد عام 1876، بعد نحو قرن من الزمان من وفاة محمد بن عبدالوهاب 1791.
أيضا فإن جماعة "إخوان من أطاع الله" التي تأسست عام 1911 وانتهت عام 1929، في حين أن جماعة الإخوان تأسست في مصر عام 1928، وكلا الجماعتين تختلفان عن بعضهما، وإن كان يتشابهان في بعض الأمور.
حديث بن جاسم أعاد تسليط الضوء على جماعة "إخوان من أطاع الله" ونشأتها؟
النشأة
بعد أن نجح الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود عام 1319هـ (1902) ليؤسس الدولة السعودية الثالثة ويوحدها باسم المملكة العربية السعودية، بدأ توطيد سلطته في المناطق التي استعادها، وبث الأمن والاستقرار، وبدأ تأسيس الدولة بمفهومها الحديث والعمل على تنمية الإحساس الوطني.
ولتحقيق تلك الأهداف، بدأ توطين البدو وتعليمهم الزراعة كوسيلة للعيش وجعلهم مهيئين للاستفادة من التأثيرات النافعة لتعليم الدين والقراءة والكتابة، فبدأ يظهر ما يعرف باسم "الهجرة" ( القرية).
و"الهجرة" اسم يطلق على البدو الذين هجروا حياة البادية واستقروا الهجر، وتأسست أول هجرة عام 1911 في الأرطاوية شمال الرياض.
ودعمت الدولة الناشئة تأسيس الهجر وبدأت توفر الأرض والمال لإنشاء المزارع وبناء المساجد وأرسلت لهم من الرياض المشايخ والعلماء كمعلمين، ونتيجة لذلك تزايدت أعداد الهِجَر بشكل سريع حتى بلغت أكثر من 200 هجرة خلال 5 سنوات موزعة في كافة مناطق شبه الجزيرة العربية.
وأضحى سكان تلك الهجر حلفاء وجنود في جيش الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود خلال حروب توحيد السعودية وأطلق عليهم اسم "إخوان من أطاع الله" أو "إخوان من طاع الله"، في دلالة على أنهم جنود تحت راية التوحيد بهدف جمع كلمة المسلمين ، وكانوا يدينون بالولاء إلى الملك عبد العزيز.
بعد الانتهاء من فتح الحجاز خصوصاً مكة المكرمة والمدينة المنورة، التي عادت إلى أهل الجزيرة منتصف عشرينات القرن الماضي، تم توقيع معاهدة بحرة عام 1925 التي تمنع الغزو بين قبائل نجد والعراق وتحدد حدود البلدين.
بدء التمرد
لكن انتصارات الملك عبدالعزيز المتواصلة في حروب توحيد البلاد، أغرت جماعة "إخوان من أطاع الله" بأن يحاولوا التمدد شمال الحدود التي حددها للدولة السعودية الثالثة، وأن يشنوا غارات على الدول المجاورة وأن يرفعوا لواء الدين شعاراً تحت مسمى "الجهاد"، وبدأ يتعدون على العراق والكويت تحديا لأوامر الملك عبد العزيز بوقف الهجمات.
وظهر جليا في تلك الآونة تطرف في أفكار الجماعة، حيث استنكروا على الملك عبدالعزيز عدم إجباره شيعة الأحساء والقطيف على الدخول في المذهب السني، واستنكروا بشكل لافت عقده المعاهدات والاتفاقيات الدولية، باعتبارها مهادنةً وولاءً مع الكفار، بالإضافة إلى اتهامه بالتقاعس عن الجهاد، فحاول الملك عبدالعزيز إقناعهم بالرجوع عن أفكارهم المتشددة بالحسنى، درءا للفتنة، إلا أنهم رفضوا.
معركة السبلة
تواجه "إخوان من أطاع الله" بقيادة فيصل بن سلطان الدويش وسلطان بن بجاد ضد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في روضة السبلة شمال شرق مدينة الزلفي في نهاية مارس/ آذار 1929 وانهزم فيها الإخوان.
وأضحت معركة "السبلة" حاسمةٌ وفاصلةٌ ليس في التاريخ السعودي الحديث بل في تاريخ المنطقة بأسرها، فبتلك المعركة قضى الملك عبد العزيز على عقلية دولة الخلافة ورفض أفكار التشدد والتطرف الديني، التي أرادت الجماعة رفعها في ذلك الوقت، وأرسى فلسفة الدولة الوطنية الحديثة، لبث الأمن والأمان والطمأنينة في بلد الحرمين والبلدان المجاورة.
وبعد 3 سنوات من تلك المعركة، تم الإعلان عن توحيد المملكة في 23 من سبتمبر (أيلول) عام 1932، تحت مسمى "المملكة العربية السعودية".
الملك عبدالعزيز والإخوان
قبل عام واحد من قضاء الملك عبد العزيز على تمرد جيش "إخوان من طاع الله" في معركة السبلة، تم إنشاء جماعة الإخوان في مصر عام 1928.
وكان الملك عبدالعزيز قد رفض مسبقا أفكار جماعة "إخوان من طاع الله" المتشابهة مع جماعة الإخوان التي نشأت لاحقا بشأن التشدد والتطرف والسعي لإنشاء دولة الخلافة.
في عام 1936 زار حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المملكة لأداء فريضة الحج والتقى بالملك عبدالعزيز وتقدم له بطلب إنشاء فرع لتنظيم جماعة الإخوان إلا أن الملك المؤسس صده بذكاء، مما يدل على حنكته وفطنته، بعد أن أجابه تلقائيا: "كلنا إخوان، وكلنا مسلمون".
الحرب مستمرة
ورغم أن الجماعة استغلت فترات لاحقة في تاريخ المملكة لبث أفكارها بطرق خبيثة عبر مناهج التعليم، إلا أن الدولة السعودية أخذت على عاتقها تنقية المناهج ومحاربة فكر الإخوان الضال.
وسيرا على نهج المؤسس الملك عبدالعزيز، تشهد السعودية خلال الآونة الأخيرة، وخصوصا في عهد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، جهود بارزة مكثفة وتقوم بها مختلف المؤسسات الدينية في المملكة ممثلة في هيئة كبار العلماء، والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في إطار حرب دعوية شاملة تستهدف كشف أساليب جماعة الإخوان الإرهابية وخطرهم على المجتمع، وحماية المنبر الدعوي من فكرها المنحرف ونشر الوسطية والاعتدال.
وسبق أن أكد مفتي المملكة رئيس هيئة كبار العلماء، الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ، أن جماعة الإخوان "ضالة ولا تمت للإسلام بصلة".
كما أصدرت هيئة كبار العلماء، بيانا، في نوفمبر 2020 أكدت فيه أن "جماعة الإخوان جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام، وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب".
وقال البيان إن "كل ما يؤثر على وحدة الصف حول ولاة أمور المسلمين من بث شبه وأفكار، أو تأسيس جماعات ذات بيعة وتنظيم، أو غير ذلك، فهو محرم بدلالة الكتاب والسنة".
ودعا كبار العلماء في السعودية الجميع إلى "الحذر من هذه الجماعة وعدم الانتماء إليها أو التعاطف معها".
aXA6IDMuMTQ0LjExNS4xMjUg جزيرة ام اند امز