أمريكا وراء الأزمة.. كورونا يعصف بمصادر تمويل منظمة الصحة
مؤسسة بيل وميليندا جيتس تدفع نحو 531 مليون دولار وتمثل ثاني أكبر مساهم في منظمة الصحة العالمية
أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقف تمويل منظمة الصحة العالمية، صدمة حول العالم الأسبوع الماضي، وفتح باب التساؤلات حول تمويلات المنظمة ومستقبلها وسط تفشي فيروس كورونا عالميا.
وذكر تقرير لشبكة فوكس نيوز الأمريكية أن القرار قوبل بانتقادات واسعة من قادة العالم وكذلك منافسيه السياسيين في الداخل.
طالب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، وكذلك الصين والمنظمات الخيرية المانحة، من ترامب إعادة النظر، لكنه لا يزال مصرا على الرفض.
وأشار التقرير إلى أن الكثير من المقالات نشرت عن التداعيات المالية والتأثير الذي يمكن أن يحدثه القرار الأمريكي على جهود منظمة الصحة العالمية في المعركة، ليس فقط أزمة فيروس كورونا الذي أصاب أكثر من 2 مليون شخص على مستوى العالم، بل على الحرب ضد قائمة طويلة من الأمراض الأخرى التي تلتزم بمكافحتها بما في ذلك الإيبولا والملاريا والسرطان والسكري وشلل الأطفال.
وقال تيدروس، الذي تم انتخابه في يوليو 2017 لمدة خمس سنوات، إن منظمة الصحة العالمية ستراجع تأثير الانسحاب الأمريكي و"سنتعاون مع شركائنا لسد أي ثغرات مالية نواجهها وضمان استمرار عملنا دون انقطاع".
بعد ذلك بساعات، أعلنت مؤسسة بيل وميليندا جيتس، أحد أكبر ممولي منظمة الصحة العالمية، تقديم 150 مليون دولار إضافية لمكافحة جائحة فيروس كورونا.
كانت المؤسسة قد قدمت بالفعل 100 مليون دولار في فبراير/شباط لمكافحة كورونا. وسيخصص المبلغ الإجمالي 250 مليون دولار أمريكي "لدعم تطوير التشخيص والعلاج واللقاحات، والمساعدة في تعزيز النظم الصحية في أفريقيا وجنوب آسيا، والمساعدة في تخفيف الآثار الاجتماعية والاقتصادية للفيروس"، وفقا لبيان صحفي.
كيف تدير المنظمة نفسها ماليا؟
تدير المنظمة نفسها دورة ميزانية لمدة عامين. وقال لورنس جوستين، أستاذ القانون في جامعة جورجتاون، إن ميزانية المنظمة خلال عامي 2020 و2021 تبلغ 4.8 مليار دولار، نحو ربع الأموال التي يحصل عليها المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
ينقسم تمويل منظمة الصحة العالمية إلى فئتين غير متساويتين.
الأول هو الاشتراكات المقدرة التي يتعين على كل دولة عضو دفعها، بناء على عدد السكان والدخل. الفئة الثانية تسمى "طوعية" وتشمل أموالا إضافية من الحكومات توجه للمنظمة بالإضافة إلى تبرعات خاصة. تشكل هذه الاشتراكات المقدرة نحو 20 في المئة من الميزانية الإجمالية لمنظمة الصحة العالمية في حين تشكل التبرعات الباقي.
الولايات المتحدة هي أكبر مانح حكومي فردي لمنظمة الصحة العالمية وتمثل نحو 20% من الميزانية الإجمالية لمنظمة الصحة العالمية. كما تقدم الولايات المتحدة أكبر قدر من أموال التبرعات.
تبلغ الاشتراكات المقدرة أو الإلزامية للولايات المتحدة نحو 237 مليون دولار أو نحو 22 في المئة من إجمالي الرسوم المقررة. وبالمقارنة، تدفع الصين 12% فقط من الميزانية المقدرة لمنظمة الصحة العالمية، تليها اليابان بنسبة 8.6% وألمانيا بنسبة 6.1%.
انخفضت الاشتراكات المقدرة كنسبة مئوية إجمالية لكنها ظلت كمصدر رئيسي لتمويل منظمة الصحة العالمية.
الجهات المانحة الضيقة
تساعد هذه التمويلات على تقليل الاعتماد على قاعدة الجهات المانحة الضيقة. ويفترض أن تدفع 194 دولة وعضوين منتسبين الاشتراكات المقدرة في الأول يناير/كانون الثاني، إذا تجاوز إجمالي الاشتراكات المقدرة السنوية لدولة عضو 200 ألف دولار أمريكي، تقدم نصف هذه الاشتراكات بالدولار الأمريكي والباقي بالفرنك السويسري. يجب على الأعضاء الذين تقل رسومهم السنوية عن 200 ألف دولار أن يدفعوا بالدولار الأمريكي.
على صعيد التبرعات، تحتل الولايات المتحدة المرتبة الأولى، على الرغم من سعي ترامب إلى خفض مساهمات الولايات المتحدة في منظمة الصحة العالمية، حتى قبل ظهور فيروس كورونا.
في ميزانيتها المقترحة لعام 2021، ضغطت الإدارة الأمريكية من أجل خفض تبرعاتها إلى النصف إلى 58 مليون دولار. وتوجه معظم الأموال القادمة من الولايات المتحدة لمكافحة شلل الأطفال (27.4%)، وكذلك تطوير اللقاحات (7.7%) وزيادة الوصول إلى الخدمات الصحية والتغذية الأساسية (17.4%) في جميع أنحاء العالم.
يذهب أقل من 3% من الأموال الأمريكية نحو عمليات الطوارئ، في حين يتم تخصيص 2.3% فقط للوقاية من تفشي المرض والسيطرة عليه.
يأتي إلى جانب الولايات المتحدة عدد من المساهمين الأوروبيين: تقدم المملكة المتحدة 7.79% من ميزانية منظمة الصحة العالمية وألمانيا 5.68%، في حين توفر المفوضية الأوروبية 3.3%. تغطي اليابان 2.76%، وفقا لميزانية المنظمة 2018-2019.
رغم ذلك تظل مؤسسة بيل وميليندا جيتس، التي تدفع نحو 531 مليون دولار، ثاني أكبر مساهم في منظمة الصحة العالمية.
والثالث هي مؤسسة التحالف العالمي للقاحات والتحصين، وهي شراكة صحية عالمية بين القطاعين العام والخاص تركز على زيادة التحصينات للبلدان الفقيرة، (تبرعت مؤسسة غيتس بـ1.56 مليار دولار إلى التحالف العالمي للقاحات والتحصين بين 2016-2020).
يمنح التحالف العالمي للقاحات والتحصين أكثر من 370 مليون دولار لمنظمة الصحة العالمية، حيث يذهب نحو 72.36% من تمويله نحو اللقاحات والأمراض التي يمكن الوقاية منها.
وتأتي المملكة المتحدة في المرتبة الثالثة، حيث سيخصص 33.5% من أموالها للقضاء على شلل الأطفال في أفريقيا. تتصدر ألمانيا المراكز الخمسة الأولى. يذهب نحو 13.5% من أموالها نحو الوصول إلى الصحة الأساسية والتغذية.