منذ زمن بعيد عاشت قارة أفريقيا تدخلات أجنبية لا تنتهي وذلك بحثاً عن ما تملكه دول القارة من كنوز كالذهب والألماس وغيرها من المعادن التي فتحت شهية الدول الاستعمارية.
والتي قامت بعضها بنقل جزء من سكانها إلى دول أفريقيا كي تضمن تواجدا دائما وتكون خاضعة لنفوذها، ومع استقلال أغلب هذه الدول بالعقود الماضية، إلا أنه ما زالت بعض الدول الأوروبية تملك قواعد عسكرية دائمة مثل فرنسا، ولم تخرج بعض الدول الأفريقية من عباءة السيطرة والنفوذ من هذه الدول.
اقتصادياً تعتبر قارة أفريقيا غنية بثروات طبيعية تجعلها محل أطماع كافة الدول العظمى وغير العظمى لوضع قدم لها في هذه القارة الغنية بالثروات، وفي آخر عقدين من الآن دخلت دول عظمى بشكل كبير في هذه القارة مثل الصين والتي لم تدخل غازية على غرار الدول الأجنبية (الأوروبية) لبعض دول القارة، بل دخلت الصين عبر التجارة والاقتصاد حيث ضخت الصين حتى كتابة هذا المقال أكثر من 100مليار دولار على شكل قروض واستثمارات لبعض دول القارة.
الصين باتت الآن من اللاعبين الكبار في أفريقيا، حيث سيطرت بنصيب الأسد وكسبت سوقا يعتبر من أهم الأسواق لترويج بضائعها والتي يتناسب رخص ثمنها مع مداخيل الأفراد الضعيفة في أغلب دول القارة، من هنا تبدي الصين أهمية قصوى لاستمرار نفوذها بشكل دائم بهذه القارة.
بالمقابل نجد دخول الروسي في قارة أفريقيا بشكل غير مسبوق، والذي ظهر بوضوح بعد مؤتمر دعا له الرئيس الروسي بوتين كل دول القارة الأفريقية، حيث قدمت روسيا مبادرة للإعفاء عن ديونها إلى بعض دول القارة، و تهدف من ذلك إلى إقامة قواعد عسكرية دائمة في بعض دول القارة. وكذلك الهدف الاستراتيجي هو ترويج بيع سلاحها لدول القارة، وقد شهدنا طلب أفريقيا الوسطى من روسيا إنشاء قاعدة عسكرية ونفس الأمر عن قاعدة عسكرية لروسيا في السودان.
حتى تركيا والتي أرسلت آلاف المرتزقة إلى ليبيا، كان أحد أهم أهدافها هو السيطرة على ثروات ليبيا من نفط وغاز، وأيضاً وضع قدم لها بحيث تجعل من ليبيا مركزا لترويج بضائعها إلى دول القارة، حيث لم تتوقف أطماع تركيا عند ليبيا بل تهدف إلى التوسع أكثر، وكما نشاهد كيف ازدادت النزاعات والإرهاب منذ تدخل تركيا بإرسال آلاف المرتزقة لدعم حكومة طرابلس.
لقد باتت القارة الأفريقية الأن مطمعاً ومحل أنظار الدول التي تسعى لرفع نفوذها في بعض الدول الأفريقية، والذي أتوقع أن يتسبب بازدياد وتيرة النزاعات والحروب في هذه القارة إن لم تتدارك دول أفريقيا هذا الخطر المحدق من أطماع بعض الدول، فقد لا تشهد دول القارة أي استقرار لا الآن ولا مستقبلا.
وفي خضم ذلك قد نشاهد لأول مرة نزاعات بين دول عظمى تملك نفوذا في بعض دول قارة أفريقيا مع دول دخلت قريباً لكسب نفوذ جديد، ففرنسا على سبيل المثال والتي لها نفوذ وتواجد عسكري في بعض دول القارة لن تسمح بتقاسم دول عظمى لنفوذها، مما يترتب عليه توترات وخلافات دبلوماسية قد تصل لقطع العلاقات.
بعض دول أفريقيا تمتلك من الثروات ما يجعلها من أغنى دول العالم، ولكن خضوعها لسيطرة ونفوذ الأجنبي جعلها تخسر جل ثرواتها. والخلاصة أن النزاعات والحروب والانقلابات العسكرية ستستمر في بعض دول القارة الأفريقية، طالما يعيش بعضها تحت رحمة النفوذ الأجنبي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة