التنسيق المصري الخليجي سيتطلب القفز على معطيات سالفة قد جرت للتعامل مع الأزمات ومنها فكرة القوة العربية المشتركة التي تجاوزتها التطورات
لا تنظر مصر للعلاقات الراهنة مع دول الخليج علي أنها علاقات مع دول أشقاء وقفوا وساندوا ودعموا مصر بعد ثورة 30 يونيو فقط، وإنما تنظر أيضا لعلاقات ممتدة وارتباطات أمنية واستراتيجية تربط الأمن القومي المصري بالأمن الوطني الخليجي في ظل متغيرات جارية علي قدم وساق في المنطقة، وفي إطار ما يخطط لإدارة أفضل للمنطقة العربية كما تتصور الإدارة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي- وفي إطار فك وتركيب التحالفات الإقليمية والدولية الجديدة، وهو ما سيضع علي عاتق مصر ودول الخليج التنسيق وبناء استراتيجيات أمنية وسياسية مترابطة ومتماسكة وبصورة استباقية تتجاوز التنسيق الجاري والمعتاد لمرحلة جديدة من وضع التصورات والرؤي وبناء التحالف في الملفات الجديدة، وأخطرها التعامل مع أفكار الناتو العربي أو بناء منظومة علاقات عربية تدخل دولا جديدة في منظومة العلاقات، وهو أمر يجب أن يخضع لحسابات وتقديرات مصرية وخليجية مباشرة، وبالتالي فإن المطلوب أن يبدأ تنسيق خليجي ومصري حقيقي مع القبول بالتوافق في الحد الأدنى من التجاذبات في الملفات المطروحة، لأنها ستحتاج بعض الوقت لتفكيك عناصرها والتفاهم بشأنها، وربما تكون مرحلة بطبيعة الأمر إلي توقيت لاحق، خاصة مع استمرار طرح الأولويات والمهام المشتركة ووضع جدول أعمال مصري خليجي يبني علي أساس حوار استراتيجي ممتد يفتح الباب لطرح كل القضايا علي مراحل، مع العمل علي بناء استراتيجية حركة مشتركة في ظل وجود مخاطر وتحديات قائمة، وعلي رأس هذه المخاطر استمرار الممارسات الإيرانية في العراق وسوريا واليمن، وفي التدخل السافر في شئون البحرين والحضور الأيدولوجي الراهن في الإقليم، وكذلك إيجاد استراتيجية حركة تجاه تركيا من جانب وإسرائيل من جانب آخر، مما يمكن أن يحدث ترابطا في التوجهات المصرية الخليجية، مع الكف عن التلويح بأوراق ضاغطة من قبل كل طرف ربما تكون نظرية وتزيد من مساحات عدم التقارب الجاري الراهن بين مصر وشقيقاتها في الخليج، ووفقا لمناخ جديد يتشكل في التوقيت الراهن مع التقارب المصري السعودي وقوة ومتانة العلاقات المصرية الإماراتية الكويتية، وهو ما يسمح بالفعل لبناء واقع سياسي مصلحي يضم الجميع، خاصة وأن الولايات المتحدة تدرك أن أي بناء جديد لعلاقات عربية عربية يجب أن ينطلق من مصر ودول الخليج، وفي ظل مساعٍ أمريكية مباشرة تسعي لإعادة تدوير المصالح الأمريكية الإسرائيلية تحت مسمي أن هناك تحديات مشتركة تضم الدول العربية وإسرائيل، وهو ما قد يتطلب إلحاق إسرائيل بمنظومة مواجهة الإرهاب في الوقت الراهن، وربط مساعي استئناف المفاوضات العربية الإسرائيلية برؤية أشمل فيما يعرف باسم الإطار الإقليمي الذي يضم الجميع عربا وإسرائيل دون أن يسبقه استئناف المفاوضات العربية الإسرائيلية، وفقا لمرجعيات التسوية التي بدأت في مطلع التسعينيات ...
التنسيق المصري الخليجي سيتطلب القفز على معطيات سالفة قد جرت للتعامل مع الأزمات ومنها فكرة القوة العربية المشتركة التي تجاوزتها التطورات
في هذا الإطار فإن التنسيق المصري الخليجي سيتطلب بالفعل القفز علي معطيات سالفة أو التذكر بمحاولات قد جرت للتعامل مع الأزمات أو التهديدات، ومنها فكرة القوة العربية المشتركة التي تجاوزتها التطورات، أو طرح دور مصري متوافق عليه في اليمن أو تغيير في زوايا التعامل في سوريا باعتبارها إشكاليات تحتاج لتنسيق وتفاهم ودور إقليمي ودولي، وليس مقصورا علي الجانبين، علي الأقل في الوقت الحالي، مع التركيز علي النموذج المصلحي والاستراتيجي في العلاقات المشتركة، وهو ما يتطلب تطوير الحضور المصري في منظومة العلاقات مع دول الخليج، أو إعادة التفكير في صيغة جديدة للتعامل يتجاوز الصيغ السابقة لنمط قد يعطي لمصر وضعا جديدا في إطار عضوية مجلس التعاون الخليجي أو تطوير صيغة مشابهة للتعامل الراهن خليجيا مع الأردن والمغرب تحديدا وبتوافق وأسلوب مشترك، مما يؤكد إطاريا علي الحضور المصري المشترك ويفعل أي خطوة مصرية خليجية في الفترة المقبلة، وبصرف النظر عن طبيعة العلاقات المصرية القطرية في الوقت الراهن، علي أن يكون القرار الخليجي مرتبطا بأبعاد استراتيجية وسياسية واقتصادية، خاصة وأن المرحلة المقبلة تتطلب نقل العلاقات الراهنة لمرحلة جديدة علي أسس ومنهج مختلف، حيث تتطلب التحديات التي تواجهها المنطقة اتخاذ خطوات مشتركة غير مسبوقة في إطار العلاقات المشتركة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة