بالمستندات.. لماذا تراجعت مصر عن حظر القمح الروسي؟
لماذا تراجعت السلطات المصرية في حربها ضد "الإرجوت" وسمحت باستيراد الأقماح التي تحمل نسبة مسموح بها من هذا الفطر، وخاصة تلك القادمة من روسيا؟
حسمت تشريعات هيئة الدستور الغذائي العالمي "الكودكس"، وبتمثيل من منظمتي الزراعة والأغذية "الفاو" و"الصحة العالمية"، وبمشاركة من المفوضية الأوروبية، حرب "الإرجوت" بين مصر والدول الموردة لاحتياجات مصر من الأقماح وعلى رأسها روسيا، وبما يسمح للسلطات المصرية باستيراد أقماح وفقا للمعايير الدولية، لتوفير نحو 10.5 مليون طن تغطي احتياجات الاستهلاك المحلي.
وكشف مسؤول مصري رفيع لـ "بوابة العين" الإخبارية عن أن وزير الزراعة استند في قراره بالسماح بإعادة دخول القمح المحتوي على آفة "الإرجوت"، بنسب المعدلات العالمية على تقرير قدمته "الفاو" للوزارة بناء على طلب من الوزير، ودراسة شاملة أعدتها المنظمة العالمية حول مخاطر آفة "الإرجوت".
وأفاد المسؤول أن الدكتور عصام فايد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري، تلقى في 12 أبريل/ نيسان 2016 دراسة تفصيلية أعدته "فيليا أرياجادا ريوس" الخبيرة في منظمة الفاو، حول تحليلات مخاطر آفة مرض "الإرجوت" المرتبط بالقمح المستورد إلى مرض، ولمساعدة اللجنة الوطنية التي شكلها الوزير لبحث مخاطر تلك الأفة.
وفي أغسطس/ آب الماضي طلب الوزير المصري تويضحا من "الفاو" لحسم الجدل الدائر بين مصر والدول المصدرة للأقماح بشأن نسب الإرجوت، المسموح بها عالميا والتي لا تمثل خطر على الصحة العامة، وردت "الفاو" بنفس التقرير، وحصلت "بوابة العين" على نسخة منه، والذي تم إعداده من جانب الخبيرة "فيليا ريوس"، والذي تم إعداده بناء على طلب مصري قبل ذلك في الربع الثاني من العام الجاري 2016.
ويحتوى التقرير على معلومات تفصيلية حول آفة "الإرجوت"، ويتوافق مع تشريعات هيئة الدستور الغذائى العالمى "الكودكس"، والتى تشترك فيها 187 دولة حول العالم، وهو ما إعتبرته مرجعية أساسية في الرقابة على استيراد القمح للاستهلاك البشري، حيث حدد التقرير نسبة 0.05% كنسبة مسموح بها من الإرجوت في الأقماح، والتي لا تضر بصحة الإنسان، وهو ما ينفي صعوبة الوصول إلى نسبة "الزيرو" إرجوت في معظم الأقماح العالمية.
وتشير الدراسات العالمية إلى أن أكثر من 95% من القمح المتداول عالميًا به هذه النسب من الإرجوت فى القمح الخام، وتعتبر مصر من أكثر الدول التى تستورد القمح الخام، بهذه النسب على مدى 60 عاما.
وبين التقرير الذي تلقاه وزير الزراعة المصري من عبد السلام ولد أحمد المدير العام المساعد في الفاو والممثل الاقليمي للشرق الأقصى وشمال أفريقيا للمنظمة الدولية، أن "الإرجوت" يظهر في المناطق التي تصل درجة حرارة التربة فيها إلى 25 درجة وأقل، وهي المناطق التي تمثل أكبر منتجي القمح في العالم"روسيا وأوكرانيا وفرنسا ورومانيا وكازاخستان".
وتشير الدراسة إلى أنه وبتحليل العينات الزراعية وعينات التربة على مدى 60 عاما من بدء دخول الحبوب "القمح والشعير والشوفان" إلى مصر، ومتابعة مسارات الإستيراد عبر الموانيء البحرية مرورا بالمسارات البرية وصولها إلى المصانع لم يثبت توطين هذا الفطر "أفة الإرجوت" في مصر، كما أكد الباحثون والعاملون في الحجر الزراعي على عدم اكتشاف هذه الأفة عند عملية فحص العينات.
وتبين أنه وبتحليل المعلومات عن وبائية هذا الفطر في معظم مناطق العالم مثل العشبة "الزرقاء كنتاكي" في ولاية "أريجون" بالولايات المتحدة الأمريكية لايمكن الإستناد إليها في ظروف الانبات الطبيعية في مصر، ولا يمكن إنبات الفطر في الأماكن ذات درجة الحرارة المرتفعة مثل مناطق تحليل العينات والمخاطر في مصر، محل الدراسة.
ولفتت الدارسة إلى سلامة مناطق الزراعة في مصر من إنتشار أفة "الإرجوت" على مدار السنوات الستين الماضية من ظهور مرض الإرجوت، وفي ظل استيراد الأقماح بنسب معدلات الارجوت العالمية، ولم تظهر أنشطة وبائية، مما يسمح بالإستمرار في إستيراد القمح وفق المعايير التي أقرتها تشريعات هيئة الدستور الغذائى العالمى "الكودكس".
وأفادت معلومات التقرير في خلاصة القول، الذي تم الإستناد اليه في إعادة السماح باستيراد القمح، بأن الخبراء بينوا أن أفة "إرجوت" لا تستوف كل المعايير ليتم إدراجها للحجر، أي منع الاستيراد والدخول للبلاد "مصر"، خاصة أن البيئة في مصر غير مناسبة لتوطينها واستقرارها.
وبينت دراسة "الفاو" بأنه ونظرا لكون الفطر لايمكن أن يستوطن في مصر، فإنه لا يمكن أن ينتشر، وبالتالي لا يمكن أن يتسبب في خسائر اقتصادية لمصر، وهو ما يجعل من غير الضروري التقدم بإقتراح تدابير وقائية لإدارة مخاطر ضئيلة لا تذكر، فيما أكدت معلومات دستور الغذاء العالمى والمفوضية الأوروبية أنه لا تأثير على الانسان والنبات من فطر الإرجوت فى حدود النسبة المسموح بها.
وتفيد الدراسات أنه إذا ما تجاوزت النسبة معدل نسبة "الإرجوت" العالمية، وفي كل الأحوال، فان القمح الخام غير المعد للطحن يمر، وضمن 6 مراحل، بعمليات غربلة وغسيل لمدة ٦ ساعات، ثم يتم تجفيفه ومروره على وحدة لفصل كافة أنواع الشوائب بما فيها الأجسام الحجرية لفطر الإرجوت، ويتم إعدامها فوراً، تحت إشراف مندوب الحجر الزراعى، والجهات الرقابية ذات الصلة، بحيث يكون القمح المعد للطحن خاليا تماما من أى شوائب بما فى ذلك الأجسام الحجرية لفطر الإرجوت.
وشددت على أن القمح المستورد يخضع لعمليات قبل الطحن من بينها التبخير، والتهوية، والغربلة، والنقاوة، والغسيل ويتم أخذ عينات منه بواسطة الجهات الرقابية، للتأكد من خلوها من الفطر وصلاحيتها للطحن.
وأوضح المسؤول الزراعي المصري أن القرار جاء بناء على دراسة مستفيضة وتحليل للمخاطر التى أجرتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة مع عدد من الخبراء بالحجر الزراعى المصرى، ومركز البحوث الزراعية، وممثلى الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، وهيئة المواصفات والجودة، وهيئة السلع التموينية، ووزارة الصحة، التى أثبتت أن البيئة المصرية غير مناسبة لتوطين فطر الإرجوت، حيث لا يمكن أن ينتشر الفطر فى مصر، ولن يتسبب فى خسائر اقتصادية مما يجعل من غير الضرورى التقدم باقتراح تدابير وقائية.
وبين أن تغيير أي معايير لاستيراد القمح تتطلب مراجعة التشريع الزراعى المصرى طبقاً للقواعد العالمية الصحيحة، خصوصا أن وزارة الصحة والمواصفة القياسية المصرية توافقان على ألا تتجاوز نسبة الإصابة 0.05%، منذ العام 2010، في الوقت الذي لا توجد فيه مخاطر من هذا الفطر على الصحة النباتية المصرية.
وكان قرار وزارة الزراعة بحظر إستيراد القمح المحتوي على أن نسبة من فطر "الإرجوات" وتطبيق النسبة صفر للفطر، قد تسبب في نشوب خلافات تجارية مع روسيا وبعض الجهات الموردة للأقماح إلى مصر،، وقد تطور الموقف إلى قيام شركات بطلب تعويضات، حيث طالبت شركة رومانية مصر برد مبلغ 500 ألف دولار بعد عدم تمكنها من شحن القمح المتفق عليه بسبب الخلاف حول نسبة فطر الإرجوت، مع وجود حالة لغط بشأن مصير شحنات قمح قادمة وفى طريقها إلى مصر فى عرض البحر، بعدما تحركت قبل صدور قرار الوزير بمنع استيراد قمح يحتوى على أى نسبة من فطر الإرجوت.
وقررت روسيا وقف استيراد الموالح المصرية، بعد قرار حظر استيراد القمح، بالرغم من نفي الجانب الروسي ذلك، في الوقت الذي تعتبر فيه روسيا أكبر مستورد للموالح وثالث أكبر مستورد للبصل والبطاطس المصرية.
ويتجاوز حجم التبادل التجارى بين مصر وروسيا 5 مليارات و88 مليونا و820 ألف دولار، وتستورد روسيا حاصلات زراعية مصرية بنحو 250 مليون دولار سنويا.
aXA6IDEzLjU5Ljk1LjE3MCA=
جزيرة ام اند امز