ارتفاع أسعار المنازل في العالم.. سر القلق من قطاع الإسكان
ارتفع مؤشر أسعار المنازل في العالم في أبريل/نيسان الماضي، باستثناء الصين، بأكثر من 3% على أساس سنوي.
كما ارتفعت أسعار المنازل الأمريكية بنسبة 6.5% عما كانت عليه قبل عام، وارتفعت أسعار المنازل الأسترالية بنسبة 5%، وارتفعت أسعار المنازل في البرتغال.
ووفقا لتقرير مجلة الإيكونومست، فإن ارتفاع أسعار الفائدة وتكاليف الرهن العقاري جعل الناس يشعرون بالقلق بشأن إنفاقهم على الإسكان. فقد ارتفعت نسبة البريطانيين الذين يقولون إنهم يجدون صعوبة "جداً" أو "إلى حد ما" في سداد الإيجار أو أقساط القروض السكنية إلى 24%.
ويشعر البعض بالقلق من أن أسعار الفائدة المرتفعة سوف تؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار حقيقي في القطاع.
ولكن رغم ذلك، فقد تراجعت نسبة التأخر عن سداد قروض الرهن العقاري في أمريكا لأدنى مستوياتها على الإطلاق حيث بلغت 1.7%، مقارنة بأكثر من 11% في ذروة الأزمة المالية العالمية.
ويبدو الوضع حميدا بالمثل في دول أخرى. ففي نيوزيلندا، الدولة الغنية التي تضررت بشدة من تراجع سوق الإسكان، تتماشى مستوى المتأخرات مع مستوى ما قبل جائحة كوفيد-19. وباستثناء ألمانيا، فإن المتأخرات في سداد قروض الرهن العقاري التي تعاني منها منطقة اليورو أقل أيضاً.
نظام الرهن العقاري
وينسب المراقبون الأمريكيون عادة الفضل في سوق الإسكان المرنة في أمريكا إلى نظام الرهن العقاري في البلاد، والذي يعتمد بشكل كبير على أسعار الفائدة الثابتة الطويلة الأجل.
ويبلغ سعر الفائدة على الرهن العقاري النموذجي لمدة 30 عامًا في أمريكا نحو 4 نقاط مئوية. ومؤخراً تحركت دول أخرى في الاتجاه الأمريكي.
وتعمل القروض العقارية ذات السعر الثابت على حماية أصحاب المنازل من ارتفاع محتمل في أسعار الفائدة، مما يعني ميل أصحاب المنازل الى عدم الإسراع فى بيعها بسعر رخيص.
كما أنها تعطي أصحاب المساكن حافزا قويا لعدم الانتقال إلى مسكن آخر، لأنهم سوف يحتاجوا إلى الحصول على رهن عقاري جديد بسعر فائدة أعلى.
3 عوامل أخرى
لكن القروض العقارية ذات الفائدة الثابتة ليست التفسير الوحيد لمرونة سوق الإسكان وارتفاع الأسعار في الآونة الأخيرة. بل هناك 3 عوامل أخرى قد تفسر السبب وراء ارتفاع أسعار المساكن العالمية مرة أخرى. هذه العوامل هي الهجرة، والتضحيات التي يقدمها أصحاب الرهن العقاري، وقوة الاقتصاد.
أما العامل الأول المتعلق بالهجرة، فيفترض أنه إلى جانب زيادة عدد السكان المولودين في الخارج في العالم الغني بنحو 4% على أساس سنوي، فإن ارتفاع الهجرة غير الشرعية أيضاً، خاصة في أمريكا، يؤديان إلى ارتفاع أسعار المنازل والإيجارات، لأن الوافدين الجدد يحتاجون إلى مكان للعيش فيه.
وتشير تقديرات بنك غولدمان ساكس ضمناً إلى أن صافي معدل الهجرة السنوي الحالي في أستراليا والذي يبلغ 500 ألف شخص سوف يرفع أسعار المساكن بنحو 5%.
وأما العامل الثاني الذي يتعلق بالتضحيات التي يقدمها عملاء الرهن العقاري. إذ يتعامل الناس في مختلف أنحاء العالم الغني مع ارتفاع تكاليف الرهن العقاري من خلال تقليص أنواع أخرى من الإنفاق.
ووجدت دراسة استقصائية حديثة أجرتها مؤسسة يوجوف لاستطلاعات الرأي أن 1 من كل 5 من حاملي القروض العقارية ذات الفائدة المتغيرة في بريطانيا يقولون إنهم يجرون تخفيضات "كبيرة" في إنفاق الأسر، حتى مع أن أولئك الذين يبرمون صفقات ذات أسعار فائدة ثابتة.
وأشار تقرير حديث صادر عن البنك المركزي النرويجي إلى أن العديد من الأسر "اعتمدت على المدخرات المتراكمة" لسداد الديون.
وتساعد الرهون العقارية الأطول أمداً الكثيرين على توزيع أقساط السداد، والتضحية بالرفاهية في المستقبل لتقليل أقساط الرهن العقاري.
وأعلنت الحكومة الكندية مؤخرًا أنها ستمدد فترة السداد على بعض القروض المدعومة من الدولة من 25 إلى 30 عامًا.
ووفقا لوكالة سنتركس للتصنيفات الائتمانية، فإن 6.4% من القروض العقارية النيوزيلندية التي تم الحصول عليها في العام الماضي سوف تستمر لأكثر من 3 عقود، مقارنة بنسبة 2.3% في عام 2020.
وأشار بنك إنجلترا مؤخرا إلى "الاتجاه نحو القروض طويلة الأجل في بريطانيا"، حيث أن 40% من القروض العقارية الجديدة "سيتجاوز المقترضون سن التقاعد الحكومي الحالي في نهاية مدة الرهن العقاري".
وأما العامل الثالث المتعلق بقوة بالاقتصاد. فبحسب التقرير، تدفع الأسر المزيد من المال ضمن فوائد القروض، لكن سوف يستفيد المزيد من ارتفاع دخل الفائدة على مدخراتهم، والذي ارتفع في الاتحاد الأوروبي بما يقرب من 10 أضعاف مدفوعات الفائدة منذ عام 2020.
وارتفع متوسط الأجور في جميع أنحاء العالم الغني بنحو 15%، منذ عام 2021، في حين ظلت البطالة قريبة من أدنى مستوياتها على الإطلاق وكذلك ارتفع دخل العمال في السنوات الأخيرة. وفي حين يكره الناس ارتفاع أقساط الرهن العقاري، لكن الغالبية العظمى منهم يستطيعون تحملها. ولذلك ليس مفاجأة إذا استمرت أسعار المساكن في الارتفاع.
وقد بدأت بعض البنوك المركزية بالفعل في خفض أسعار الفائدة مع انخفاض التضخم؛ وسوف يتبعه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي قبل نهاية العام.
وفي مختلف أنحاء العالم الغني، يظل نمو الأجور في حالة جيدة. ومن شأن انخفاض التضخم أن يمنح حاملي الرهن العقاري فرصة لالتقاط الأنفاس، لكن أي زيادة في الطلب على المساكن سوف يتعارض مع العرض المحدود.