لماذا الإمارات الأجدر باستضافة "cop28"؟.. وصية وطموح وإنجاز
لم يأت طلب استضافة الإمارات لمؤتمر COP28 عام 2023 من فراغ، وإنما هو وصية الأب المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وطموح الأبناء والأحفاد.
واليوم أعلنت الدول الأعضاء في مجموعة آسيا والمحيط الهادئ، عن دعمها لطلب دولة الإمارات لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، المنتظر عقده عام 2023.
جاء ذلك خلال انعقاد أعمال المؤتمر في مدينة غلاسكو، الذي شهد مشاركة متميزة للعديد من دول العالم، وتمت خلاله مناقشة آليات تسريع العمل على تنفيذ أهداف اتفاق باريس واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCC).
الإمارات الأجدر باستضافة "كوب 28"
تتسلح دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي تترشح لاستضافة الدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف، في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ عام 2023 بتاريخ طويل من الانحياز الكامل لكوكب الأرض، وخبرة عريضة وإمكانات ضخمة وتجهيزات غير مسبوقة جعلت من الإمارات طوال السنوات الماضية الدولة ذات المكان العالي والمكانة الرفيعة في كل الجهود الإقليمية والدولية التي تهدف إلى تحقيق هدف الأجيال الحالية والقادمة، بالحفاظ على الأرض من المخاطر البيئية التي تهدد الجميع بلا استثناء.
وأكثر ما يلفت النظر إلى الملف الإماراتي، تلك المسيرة الطويلة من الاهتمام بالأرض والبيئة والهواء، الذي لم يكن وليد المشكلات البيئية والمناخية الحالية، بل كان الاهتمام والحفاظ على البيئة متزامناً ومرادفاً لكل مراحل التطور والتنمية في الإمارات، الأمر الذي جعل من دولة الإمارات، نموذجاً يشار إليه بالبنان، للتأكيد على نموذجية التعامل مع القضايا والتحديات البيئة.
ويعود الفضل في ذلك إلى الاستنارة السياسية والمسؤولية الأخلاقية، التي أرسى دعائمها الوالد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه-، الذي يعد بكل المقاييس نموذجاً يحتذى على المستوى الدولي، في مجال الحفاظ على البيئة والكوكب.
وصايا الشيخ زايد
فالشيخ زايد هو القائل: "المحافظة على الطبيعة التزام وواجب مقدس، يجب علينا ألّا نخل بالتوازن الحيوي، لأن بقاءنا يعتمد عليه، ويجب أن نلعب دوراً إيجابياً في ترك هذه الأرض مكاناً أخضر لأجيالنا المقبلة".
فمنذ عام 1969، وقبل أن يتحدث البعض عن البيئة، وارتفاع درجة حرارة الأرض، كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان يطلق سياسة متكاملة حول التشجير، بالإضافة إلى تأسيس أول غابة صناعية في مدينة زايد بمنطقة الظفرة.
وتوسعت سياسة التشجير منذ ذلك الوقت حتى وصلت إلى نحو 360 ألفا و124 هكتارًا في عام 2004، وهو ما يعادل 5.35% من المساحة الإجمالية لدولة الإمارات.
استراتيجية الحياد الكربوني 2050
أثمرت جهود القيادة الإماراتية، بدعم من الرؤية المستقبلية لقيادتها الرشيدة، الإعلان الكبير من دولة الإمارات بأنها سوف تصل إلى الحياد الكربوني (صفر كربون) عام 2050، وبذلك تكون هي الدولة الأولى في الخليج العربي وغرب آسيا والإقليم العربي والشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تستطيع الوصول إلى هذا الهدف الطموح وغير المسبوق.
فقد قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: "نموذجنا التنموي سيراعي هذا الهدف، وجميع المؤسسات ستعمل كفريق واحد لتحقيقه.. ودولة الإمارات ستستثمر أكثر من 600 مليار درهم (163 مليار دولار) في الطاقة النظيفة والمتجددة حتى 2050.. وستقوم بدورها العالمي في مكافحة التغير المناخي".
وربما القيمة المضافة التي تتمتع بها الاستراتيجية الإماراتية المبدعة، أنها تقدم نموذجاً ومقاربة غير مسبوقة، في الحفاظ على الكوكب، وتقوم هذه المقاربة على التحفيز وإبراز المكاسب من أجل الحفاظ على البيئة، وبالتالي تقدم الإمارات العمل في مجال الحفاظ على الكوكب على أنه فرصة بجانب أنه تحدٍّ.
لذلك تقدم الإمارات رؤيتها في الحياد الكربوني، من خلال العمل على خلق فرص اقتصادية جديدة، تسهم في زيادة التنافسية الصناعية، وتعزيز مكانة الإمارات كمركز اقتصادي عالمي جاذب للاستثمارات، من خلال تنويع مصادر الدخل، وخلق فرص للنمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام، بالتوازي الكامل مع تحقيق التوازن بين التنمية المستدامة.
كل ذلك بالإضافة إلى الحد من تداعيات تغير المناخ عبر بناء اقتصاد المعرفة، والوصول إلى مزيج من مصادر الطاقة، ناهيك عن أن خطة الإمارات للحياد المناخي سوف تعزز وتطور، ليس فقط الخبرات البشرية والابتكار، بل ستكون مجالاً خصباً لاجتذاب الكفاءات والقدرات البشرية المتميزة، وفق سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي.
مميزات وأهداف الملف الإماراتي لـ"كوب 28"
ويتميز الملف الإماراتي لاستضافة "كوب 28" بأن الدولة الإماراتية تمتلك تصوراً واضحاً بالأرقام والتمويل والعناصر البشرية والجدول الزمنية، فالإمارات هي الدولة الأولى في المنطقة، التي تسعى إلى رفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بنسبة 40%، ورفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في الدولة إلى 50%، منها 44% طاقة متجددة و6% طاقة نووية، وهو ما يعادل توفير 700 مليار درهم حتى عام 2050، وخفض الانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الكهرباء بنسبة 70% خلال العقود الثلاثة المقبلة، وزراعة نحو 30 مليون شجرة في الإمارات بحلول عام 2030، من أجل الحفاظ على البيئة الساحلية وتعزيز تنوعها الحيوي.
كما يحق لكل إماراتي وعربي، أن يفخر بقدرة الإمارات على الوصول إلى بناء وتشغيل أكبر 3 محطات لإنتاج الطاقة الشمسية، وأقلها تكلفة في العالم وهي نور أبو ظبي، والتي تقع في منطقة سويحان بإمارة أبوظبي، وتعتبر أكبر محطة مستقلة للطاقة الشمسية قيد التشغيل حول العالم، لأنها تضم 3.2 مليون لوح شمسي وتولد 1.2 غيغاواط من الطاقة الكهربائية، وعند اكتمال هذه المحطة ستمنع انبعاث مليون طن متري من الكربون سنوياً، وهي كمية ضخمة للغاية تعادل إزالة 200 ألف سيارة من الشوارع.
بالإضافة إلى أن الاهتمام بالبيئة والكوكب، بدأ مبكراً في الإمارات، وأن هذا الاهتمام ومن وقت مبكر أيضاً، أخذ الشكل المؤسسي، فالإمارات لديها مبعوث خاص للتغير المناخي هو الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، كما توجد في الإمارات وزارة خاصة بالبيئة والتغير المناخي، تترأسها مريم بنت محمد سعيد حارب المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة، وكان من نتيجة ذلك أن الإمارات هي أول دولة عربية توقع على اتفاقية باريس للمناخ، التي جرى التوصل لها عام 2015، والتي تسعى لالتزامات واضحة لتقليل الانبعاث الكربوني بحلول 2030 بحيث يتم تخفيض درجة حرارة الأرض 1.5 درجة مئوية.
aXA6IDMuMTQ1LjU2LjE1MCA= جزيرة ام اند امز