بدون الغابات.. العالم مهدد بانقراض جماعي جديد

بدون الغابات، قد نواجه عصراً جديداً من الانقراض الجماعي.
قبل نحو 252 مليون سنة مضت، حدث "الموت العظيم"، وهو أكبر حدث انقراض جماعي في تاريخ الأرض؛ إذ قُضي على نحو 70% من الفقاريات الأرضية و96% من الأنواع البحرية. وفي كثير من الأحيان، يُشار إليه باسم "انقراض البرمي-الثلاثي". وكانت النظرية السائدة هي أنّ براكين سيبريا التي أطلقت شرارة الموت العظيم وتسببت في التغيرات المناخية وقتها. وظل هذا الاعتقاد سائدًا، لكن في الكواليس هناك علماء يعملون بجد للبحث عن أسباب أخرى.
وفي هذا الصدد، عملت مجموعة بحثية دولية متعددة التخصصات على دراسة ربط الأدلة الأحفورية مع نماذج المناخ الذكية لمعرفة أنّ المتسبب الحقيقي في تغير المناخ وعلاقة ذلك بالغابات المطيرة. وخلصوا إلى انهيار الغابات المطيرة وقتها أثر على توازن النظام البيئي على الأرض، ما أدى إلى ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون. ونشر الباحثون دراستهم في دورية "نيتشر كوميونيكاشنز" (Nature Communications) في 2 يوليو/تموز 2025.
بيانات متنوعة
جمع الفريق البحثي بيانات حول العلاقة بين إزالة الغابات الاستوائية وبطء تعافيها وتسارع التغيرات المناخية خلال ذلك العصر. وركزوا على الغطاء النباتي بصورة خاصة؛ لأنها تقوم بعملية البناء الضوئي التي تمتص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، ثم تحولها إلى أكسجين ومواد غذائية وتحتجز الكربون في التربة أو النباتات أو المعادن.
ولأنّ المسافة الزمنية التي تفصلنا عن ذلك الحدث تُقدر بمئات الملايين من السنين، ذهبوا ليتفحصوا السجل الأحفوري، وهنا تتجلى أهمية التناغم بين التخصصات المختلفة لإخراج بحث علمي متميز. وقد استخدموا نوعًا جديدًا من السجلات الأحفورية، إضافة إلى بعض الأدلة حول الظروف المناخية السابقة التي كانت آثارها موجودة في بعض التكوينات الصخرية.
وقد استفاد الباحثون أيضًا من أرشيف هائل من البيانات الأحفورية التي جمعها العلماء الجيولوجيين الصينيين على مدار عقود من 3 أجيال؛ إذ أنّ الصين هي المكان الأقرب للحدث، وتضم سجلات جيولوجية مكتملة لانقراض البرمي-الثلاثي.
كل تلك البيانات أتاحت لهم فرصة إعادة بناء خرائط للتغيرات الحاصلة في إنتاجية النباتات خلال الانقراض البرمي-الثلاثي، ما ساعد العلماء في إجراء محاكاة حدث الانقراض وتقييم المناخ. وخلصوا إلى نتائج مذهلة.
حفظ الغابات
خلص الباحثون إلى أنّه بمجرد انهيار الغابات الاستوائية، ارتفعت مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، ما أدى إلى تفاقم الاحترار وتبع ذلك موجة حر استمرت لما يقرب من 5 ملايين عام. وهذا يعني أنّ نفس السيناريو قد يتكرر إذا فقدنا الغابات الموجودة اليوم، والتي تعمل كإسفنجة كربونية.
ويجدر بالذكر أنّ مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الثلاثين (COP30)، من المقرر أن تنعقد في بيليم بالبرازيل، التي تحتضن الجزء الأكبر غابات الأمازون المُلقبة برئة العالم. ومع كثر المخاطر المحدقة بالغابات اليوم نتيجة التغيرات المناخية والأنشطة البشرية وازدياد وتيرة الحرائق؛ فمن المتوقع أن يُفتح ملف الغابات ويُدقق المفاوضون النظر فيه.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI2IA== جزيرة ام اند امز