أما الذين يسميهم "عسكر" فهم الذين جنبوا مصر مصير العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان.
تساؤل يدعو إلى الحيرة والبحث عن إجابات شافية وافية، ذاك المتعلق بمصر وبعض الأصوات في الإعلام الأمريكي، والتي تهاجم أرض الكنانة من فترة إلى أخرى، الأمر الذي يصل في بعض الأحيان إلى إبداء شر مجاني.
يمكن القطع بأن ما قام به المصريون في الثلاثين من يونيو من عام 2013 من إزاحة لقوى الإسلام السياسي لا يزال يترك أثرا غائرا في نفوس دوائر القوى الإسلاموية، والإخوانية منها بشكل كبير، والكثير منها استطاع اللعب على متناقضات الديمقراطية الأمريكية بصورة بالغة طوال العقود الماضية، فمنذ الخمسينيات وواشنطن فتحت لهؤلاء الأبواب، ولم تتعلم الدرس بعد محاولة تفجير مبنى التجاري العالمي في المرة الأولى عام 1993، ما قاد بعد ذلك إلى مأساة الحادي عشر من سبتمبر 2001.
الأكذوبة الكبرى التي تحدث عنها رجل النيويورك تايمز في لقائه الأخير، موصولة بزيارة الرئيس السيسي إلى أمريكا ولقائه مع ترامب، وقد كان الأخير حاسما وحازما جدا، إذ أكد أن السيسي يقوم بعمل جيد جدا لا سيما في مواجهة الإرهاب، ومطاردة الأصوليين، واجتثاث جذور الشر
قبل بضعة أيام كان الصحفي الأمريكي "ديفيد كيرباتريك"، والذي أشرف على مكتب صحيفة النيويورك تايمز لسنوات طوال، وعبر شاشة السي إن إن الإخبارية الأمريكية يهاجم مصر، ويعطي صورة مغلوطة لموقف الرئيس ترامب من لقائه الأخير بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وكيرباتريك لمن لا يعلم هو واحد من جماعة النيويورك تايمز التي تدور في فلك الأموال القطرية، والتي باتت توجه الإعلام الأمريكي بصورة أو بأخرى.
لم يكن سراً أن الدوحة تستغل فوائض أموالها من أجل فتح مسارات ومسارب لتنفيذ أجنداتها الظلامية داخل أمريكا ومن أجل الوصول إلى الرأي العام الأمريكي، في محاولة يائسة لإعادة رسم الصورة، كما يتفق لها وبحسب أهوائها وتوجهات جماعة الإخوان، تلك التي تحمل ثأراً سيظل طويلا باقيا ضد مصر والمصريين.
ومن قرأ كتاب كيرباتركي المعنون "في أيدي العسكر"، يدرك من اللحظة الأولى أنه يدور في فلك قطر ونظامها، فهو يسير على نفس دربهم الدوجمائي الماكر، وإن حاول إظهار ولائه لأيديولوجية ديمقراطية مزيفة، تكشفها شهوات قلبه الشريرة الساكنة بين أحرف الكلمات التي خطها.
كارثة كيرباتريك أنه يتحدث عن إضاعة المصريين ولا يعفي الرئيس السيسي من اللوم، لما يصفه بفرصة خيالية لن تتكرر لنشوء وارتقاء تجربة ديمقراطية، عبر ثورتهم على الإخوان المسلمين.
فات المدعو كيرباتريك أن يشير إلى الأحادية الذهنية القاتلة التي قام عليها الإخوان طوال سنة حكمهم التعيسة، ولم يهتم بالتوقف عند فكرة التحصين الدستوري التي لجأ إليها المعزول محمد مرسي، والتي تعد ديكتاتورية واضحة وفاضحة، ولم يلتفت إلى الممارسات الفاشية لجماعة إرهابية ضد طوائف وجماعات الشعب المختلفة، بدءا من المسلمين المغايرين، وصولا إلى من يختلف معهم في الرأي والتوجه من المصريين بشكل عام.
أما الذين يسميهم "عسكر" فهم الذين جنبوا مصر مصير العراق وسوريا وليبيا واليمن والسودان، وربما كانت شهوة قلبه أن يرى مصر خرابا ينعق فيها البوم، لكنها مصر المحروسة بإذن الرحمن من أول الزمان إلى انقضاء الأوان.
الأكذوبة الكبرى التي تحدث عنها رجل النيويورك تايمز في لقائه الأخير، موصولة بزيارة الرئيس السيسي إلى أمريكا ولقائه مع ترامب، وقد كان الأخير حاسما وحازما جدا، إذ أكد أن السيسي يقوم بعمل جيد جدا لا سيما في مواجهة الإرهاب، ومطاردة الأصوليين، واجتثاث جذور الشر، وتحويل بلاده إلى دولة قوية فتية، وتحقيق معدلات نمو عالية، وإدراك احتياطي نقدي جيد جدا ويسبق ما كان قبل أحداث 25 يناير.
كيرباتريك يروج لفكرة أن السيسي ذهب إلى أمريكا للحصول على مباركة أمريكية لفكرة التعديلات الدستورية، ويتناسى عمداً أن القرار السيادي الوطني كان أبدا ودوما فوق أي أحد. ولعله يتذكر جيدا أن نهار الثالث من يوليو 2013 مضت فيه مصر بعيدة جدا عن توجهات ورغبات باراك أوباما ساكن البيت الأبيض، ولم يتراجع السيسي ورفاقه الشجعان عن قرارهم بالإطاحة بعصابة تحكمت في مفاصل مصر، وكان وظهيرهم هو الشارع المصري ومن دون الاعتماد على البيت الأبيض ولا القصر الأحمر.
لعل ما جعل "كيرباتريك" ومن لف لفه يصاب بحالة من الجنون، هو أن الرئيس ترامب تحدث كذلك عن مطاردة قادمة للإخوان المسلمين في أمريكا، وهو هاجس يقلق مضاجع الممولين من قطر، وعلى نحو خاص بعد تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية.
فضيحة السي إن إن استدعت تصريحات من نجل الرئيس ترامب الذي كتب تغريدة على حسابه في تويتر قال فيها "إنه لم يكن على دراية وإلى وقت قريب بما يجري في تلك القناة، وكيف أنها أضحت على هذا النحو المكشوف". أما مجلة "ذا فيدراليست" ففي تقرير مطول آخر لها في فبراير الماضي، فقد أشارت إلى أن النظام القطري يسعى جاهدا لشراء ذمم الإعلاميين الأمريكيين وشن حملات مشبوهة في الإعلام الأمريكي ضد كل من يواجه أو يجابه قطر.
النيويورك تايمز ليست نظيفة الثوب بدورها، فقبل أيام نشرت جريدة "فوكس نيوز" الأمريكية تقريرا لناثان ثرال تفضح فيه تورط قطر في تقديم دعم مالي إلى صحفيين في جريدة "الجريدة الأمريكية الكبرى، عبر مؤسسات قطرية، ما يفيد أننا أمام دائرة جهنمية لاختراق الإعلام الأمريكي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة