هل يصمد الغرب مع تحول درجات الحرارة للبرودة؟
تتزايد المخاوف بشأن صدمة طاقة قد تضرب دول أوروبا وبالتحديد في الغاز الطبيعي والكهرباء، وذلك مع ارتفاع أسعار الطاقة التقليدية لمستويات قياسية، في وقت يرى آخرون أن أوروبا في حلبة بعيدة عن هذا التهديد.
ستضع أزمة الطاقة المتفاقمة عبئًا هائلاً على عاتق القادة الأمريكيين والأوروبيين، أثناء محاولتهم دفع بوتين الذي يقود عملية عسكرية واسعة النطاق في أوكرانيا.
أسعار الطاقة وقدرة المستهلكين
في الوقت الحالي، ارتفعت أسعار الطاقة وفاقت قدرة المستهلكين على استهلاكها، ما دفع ببعض الدول على تقديم دعم لشرائح الاستهلاك المتدنية.
ولكن هناك إشارات مزعجة بدأت بأخذ حيز في التخطيط الاستراتيجي لدول الاتحاد الأوروبي، تتمثل في استمرار ارتفاع أسعار الطاقة أضعاف مستوياتها الحالية مع بدء انخفاض درجات الحرارة.
حاليا، يبلغ سعر الغاز الطبيعي 10 أضعاف سعره المسجلة في 2020، ونحو ضعفي سعره على أساس سنوي، بحسب بيانات بورصة الغاز الطبيعي في هولندا، وهو المعيار الرئيس لأسعار الغاز في دول التكتل.
التهديد الآخر الذي يواجه دول القارة، يتمثل في تجدد التهديدات بنقص الإمدادات من جانب شركة غازبروم الروسية لأي سبب من الأسباب، وفي أي وقت، ما يعني أن قادة الاتحاد الأوروبي سيقعون في مأزق.
المأزق الذي يتربص بقادة الاتحاد الأوروبي، هو المفاضلة بين حماية المستهلكين من أية انقطاعات في التيار الكهربائي، وبين الإبقاء على المصانع وبالتالي خفض الضرر على الاقتصاد المحلي.
مأزق ثالث، يتمثل في احتمالية تفكك التضامن الأوروبي مع ظهور حالات عجز أو تلميح بعجز في إمدادات الغاز لبعض الدول، ما يعني أن كل دولة ستبحث عن مصالحها دون النظر إلى بقية الحلفاء.
بريطانيا والغاز
مؤخرا أثارت المملكة المتحدة غضب نظرائها في أوروبا خلال وقت سابق من هذا الصيف، بسبب احتمالية قطع وصول الغاز من المملكة المتحدة إلى بعض الدول الشريكة في الإمدادات، إذا لاحظت لندن وجود نقص حاد هذا الشتاء على المستوى المحلي.
عمليا، تملك دول الاتحاد الأوروبي المعارضة للحرب الروسية في أوكرانيا احتياطات تكفيها عدة شهور لا تتجاوز 4 في أفضل الأحوال، وعلى الرغم من وصول ألمانيا لاحتياطات تبلغ 82% إلا أن هذه النسبة تكفي البلاد 3 شهور.
وفي محاولة لتهدئة أسواق الاتحاد، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الإثنين، إن هناك خططا لاتخاذ إجراءات طارئة لوقف "الارتفاع الصاروخي" في أسعار الكهرباء في الاتحاد الأوروبي.
ومن المقرر أن يجتمع وزراء الطاقة من الكتلة المكونة من 27 عضوا في اجتماع طارئ في 9 سبتمبر/أيلول المقبل، في محاولة لاستباق أزمة تلوح بالأفق مرتبطة بثنائية ارتفاع الأسعار ونقص الإمدادات.
كما ردد المستشار الألماني أولاف شولتز تصريحات فون دير لاين، قائلاً إنه "من الضروري بالنسبة لنا إجراء تغييرات هيكلية" لخفض أسعار الكهرباء.. هناك استعداد كبير لتغيير شيء ما، ويبدو لي أنه متبادل إلى حد كبير بين رؤساء الدول والحكومات في أوروبا".
كيف يتم تحديد أسعار الكهرباء في الاتحاد الأوروبي؟
يمكن لإصلاح سوق الكهرباء الأوروبية مراجعة ما يسمى بآلية ترتيب الاستحقاق، والتي تحدد أسعار الكهرباء. في ظل هذا النظام، يتم استخدام أرخص محطات الطاقة أولاً لتغذية الشبكة، وفي الترتيب التصاعدي، تكون المحطات باهظة الثمن في النهاية.
حاليا، محطات الطاقة باهظة الثمن هي تلك التي تستخدم الغاز، والتي ارتفعت أسعارها بشكل حاد وسط انخفاض الإمدادات من روسيا. يؤدي هذا إلى عدم التناسب، لا سيما في البلدان التي تنتج الطاقة إلى حد كبير من مصادر الطاقة المتجددة الرخيصة، بسبب الاختلاف بين التكاليف الفعلية لإنتاج الطاقة مقابل السعر الذي يدفعه المستهلكون.