حياة المدن المحررة تهزم "صناعة الموت الحوثية".. شعاع أمل لليمنيين
شهدت المدن اليمنية المحررة في الآونة الأخيرة ازدهاراً عمرانياً ونماءً غير مسبوق بعد تحوّلها إلى مواطن كبرى للنازحين والفارين من مناطق مليشيات الحوثي الإرهابية.
وسط الحرب، هناك نافذة ضوء في 3 مدن رئيسية توسعت بشكل مضاعف عما كانت عليه من قبل ومن دون سابق إنذار ورغم التحديات والتهديدات الحوثية إلا أن العاصمة المؤقتة عدن ومدينة مأرب التي تنبعث من بين الصحراء ومدينة المخا التاريخية تزدهر يوماً بعد آخر.
يعمر الناس البنيان ويتسع النشاط العمراني وتنتعش الحياة في مختلف المجالات لا سيما مأرب والمخا التي خلقت فرصاً استثمارية لرؤوس الأموال المحلية بعيداً عن جبايات الحوثي، إلى جانب بناء المدن السكنية والمنازل المنفردة والمنشآت الفندقية.
ووفر نشاط الحياة في المدن الثلاث، آلاف فرص العمل للعاطلين والنازحين ممن كانوا يعتقدون انسداد الأفق أمامهم بعد الانقلاب الحوثي وتفجير الحرب آخر 2014، وهذا خلافاً لازدهار حضرموت، معقل رؤوس المال وشبوة التي دخلت عهداً جديداً مؤخراً وتعد من معاقل النفط.
عدن.. نشاط عمراني بحاجة للتكامل
عدن، عاصمة الحكومة المعترف بها، شهدت خلال آخر 4 أعوام نشاطاً ونماءً غير مسبوق على حساب صنعاء المحتلة حوثياً، وتضاعف أعداد السكان بشكل هو الأكبر باعتبارها واجهة للفارين من بطش المليشيات، لاسيما القادمين من المحافظات الشمالية، الفارين من أجواء القمع والترهيب الحوثي بحثاً عن أماكن تنعم بالأمان.
يقول أحد النازحين للعاصمة المؤقتة ويدعى "عبدالله ثابت" لـ"العين الإخبارية" إن عدن كانت ولا زالت تمتلك كل المقومات الكامنة كعاصمة لكل البلاد وهي رغم كل المنغصات تغير من وجهها باستمرار، وهناك مئات المباني الجديدة التي تفتتح شهرياً.
ويصف المواطن اليمني عدن بأنها "معقل الحركة الاقتصادية والتجارية" وأن الحركة في عدن هي بمثابة ورشة بناء وعمران مستمر، حيث وجد عشرات المغتربين خارج البلاد فرصة لإنشاء مشاريعهم الاستثمارية.
وأمام التوسع العمراني يرى المواطن أنه لا ينقص عدن غير تكامل الخدمات وتشغيل المصفاة ورفع قدرات مينائها الحيوي ويجب أن تتميز بكافة خدمات الحياة ، لاسيما في قطاع المياه والنظافة والصرف الصحي.
المخا تستعيد بريقها
وفي مدينة المخا المطلة على البحر الأحمر والتابعة إدارياً لمحافظة تعز والمصنفة كأحد أقدم المدن التاريخية، تستعيد المدينة بريقها كما لم تفعله منذ قرون.
ويقول مدير عام مكتب الأشغال العامة في المخا اليمنية، وهيب مهيوب، وهو الذي يتولى منح تراخيص البناء، إن الحسنة الوحيدة ربما للحرب هو ازدهار المدن المحررة وتوسعها بشكل غير مسبوق.
ويضيف المسؤول المحلي في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن مدينة المخا التي كانت تفتقر للبنية التحتية في قطاع الإنشاءات توسعت ثلاثة أضعاف عما كانت عليه من قبل.
وأصبحت تحتوي على مدينة سكنية تعد هي الأولى في زمن الحرب، وتحمل اسم "مدينة 2 ديسمبر" وتحتوي على ما يقارب 600 شقة، وقدمت كهدية من الهلال الأحمر الإماراتي لمنتسبي المقاومة الوطنية وعائلاتهم التي فرت من المحافظات الشمالية الخاضعة للحوثيين.
كما تستعد المدينة لافتتاح مدينة "زايد" الطبية، والتي ستصبح وجهة صحية لكل اليمنيين.
كذلك ازدهر قطاع الفنادق في هذه المدينة التي تضم ميناءً شهيراً صدرت منه أولى شحنات القهوة إلى العالم مطلع القرن السادس عشر، فبعد أن كانت تحتوي على فندق وحيد بسعة متواضعة باتت الآن تشتمل على نحو 8 فنادق سياحية بعد أن شيدت خلال الفترة الأخيرة.
وترافق هذا التوسع مع ازدهار قطاع المطاعم ومقاصف تقديم الوجبات الخفيفة، بما مثل نهضة متكاملة لبت متطلبات السكان من الخدمات والاحتياجات اليومية.
مأرب.. قبلة الفارين من جور الحوثي
على مدى السنوات الماضية، ظلت مدينة مأرب (شرق)، قبلة الفارين من جور مليشيات الحوثي، حيث تأوي وحدها أكثر من 2 مليون نازح وسبب ذلك صدمة ضاعفت قطاع الإسكان وإيجار الشقق السكنية.
وبدأ القادمون الجدد (النازحون) يبنون مساكنهم، وتم تشييد آلاف المساكن بعد أن كانت تضم شارعاً وحيداً تحوّلت إلى مدينة تضم ملايين السكان الجدد وهو ما جعلها هدفاً دائماً لحملات وهجمات مليشيات الحوثي.
ويقول الإعلامي اليمني عبدالعالم دحلان لـ"العين الإخبارية" وهو من سكان المدينة النفطية إن التوسع العمراني في مأرب بات كبيراً جداً، حيث توسعت المدينة إلى أكثر من 20 حياً سكنياً".
ويرى أنه رغم الحرب إلا أن قطاع الإنشاءات مستمر في النمو، بشكل ملحوظ إذ تدفع الإيجارات المرتفعة لأسعار الشقق السكنية القادمين الجدد إلى بناء مساكنهم الخاصة.
ويشير الى أن المدن المحررة باتت وجهة الفارين من جور مليشيات الحوثي وكان ذلك عاملاً في توسع المدن، رغم أنه توسع بحاجة إلى موازاته فيما يتعلق بالخدمات الأخرى كمشروع المياه والنظافة.
واقع جديد يحبط ابتزاز الحوثي
رغم أن الحوثيين لا يزالون يروجون أنهم يسيطرون على المناطق الأعلى كثافة سكانية ويتخذون ذلك ورقة لابتزاز الأمم المتحدة إغاثياً وإنسانياً، إلا أن الأعوام الأخيرة أفرزت واقعاً جديداً وتحولت المحافظات المحررة إلى أكبر مواطن سكنية إثر موجات النزوح والتوسع العمراني.
وبحسب الناشط والإعلامي عمار علي أحمد فإن مليشيات الحوثي لم تعد تسيطر على 70 بالمائة من السكان في محافظات كانت قبل 2014 تضم أكبر الكتل السكانية في المقابل "يمكن بسهولة مشاهدة حجم التوسع العمراني الكبير في المناطق المحررة كعدن، مأرب، المخا"، لمعرفة الواقع الجديد.
وأوضح أن "التوسع بالمدن المحررة ناتج عن موجات النزوح وتدفق ملاين النازحين من مناطق الحوثي للمناطق المحررة، بينما ليس هناك أي نزوح من مناطق الحكومة اليمنية إلى مناطق الانقلاب، فلم تنزح عائلة واحدة من عدن أو لحج إلى صنعاء أو ذمار".
ويعود سبب جذب المناطق المحررة للنازحين بجانب الهرب من جور المليشيات الحوثية، وجود خدمات الحياة على عكس مناطق الانقلاب التي تهددها المجاعة، إضافة إلى فارق أسعار السلع الأساسية وتوفر فرص العمل، وفقا للناشط اليمني.
aXA6IDMuMTQ0LjExNi4xOTUg جزيرة ام اند امز