قانون تنظيم الإعلام في مصر... رابح وخاسر ومترقب
دخل حيز التنفيذ مساء أمس بعد تصديق الرئيس المصري عليه
خبراء استطلعت العين آراءهم يرون أن الرابحين من قانون تنظيم الإعلام أغلبية، فيما سيكون خسارة للبعض، ويترقب فريق ثالث بدء التنفيذ.
اتفق خبراء إعلاميون على تأثير تصديق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على قانون يمنح مجلس جديد للإعلام سلطة تنظيم الإعلام المصري، في التضييق على جهات إعلامية أجنبية لا تعمل وفق تراخيص رسمية، معتبرين في الوقت ذاته أن القانون خطوة على الطريق الصحيح لقطاع واسع من الإعلاميين العاملين في القطاع المرئي والمسموع والإلكتروني، حيث سيتمكنون من العمل تحت مظلة القانون.
وبالأمس صدق الرئيس المصري على قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، متضمنًا 89 مادة تتعلق بتشكيل ومهام واختصاصات 3 هيئات جديدة وهي المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام (أعلى مجلس لإدارة شؤون الإعلام)، والهيئة الوطنية للإعلام (بديل عن اتحاد الإذاعة والتلفزيون الحكومي)، والهيئة الوطنية للصحافة (بديل عن المجلس الأعلى للصحافة).
ويتولى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي والرقمي والصحافة المطبوعة والرقمية وغيرها.
الأغلبية الرابحة
3 أسباب رئيسية، بحسب ياسر عبد العزيز، خبير إعلامي، تجعل القانون الجديد بمثابة خطوة على طريق من أجل تنظيم المجال الصحفي والإعلامي في مصر، وهي خطوة أولى تترجم تفعيل الاستحقاقات الدستورية، ففي 14 ديسمبر/كانون الأول الحالي، أقر مجلس النواب المصري بشكل نهائي، القانون قبل أن يصدق عليه الرئيس.
وأضاف "عبدالعزيز" لبوابة "العين" الإخبارية: هذه أول مرة في تاريخ مصر تقوم هيئات مستقلة بإدارة الإعلام، وسيعكس تشكيلها تشكيلاً متوازناً بين سلطات الدولة الدستورية والمجتمع والجماعة الصحفية.
السبب الثالث، حسب الخبير الإعلامي هو أن القانون سيحد من الممارسات المختلفة للمجال الإعلامي، ويحول دون الانفلات بل سيحجمه.
وتنص المادة 4 من القانون الجديد، على أنه من بين مهام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام "منح التصاريح لممثلي الصحف ووكالات الأنباء ووسائل الإعلام الأجنبية بالعمل في جمهورية مصر العربية، وتحديد نطاق عملهم، وفقاً للقواعد التي يضعها وتحديد المقابل المالي لها".
من الخاسرون؟
الخاسرون، حسب عبدالعزيز، هم الفئة القليلة التي تعمل في مجال الإعلام دون قانون، ويرتكبون المخالفات الإعلامية، في المواد التي يبثونها للجمهور، مضيفاً: هؤلاء سيجدون رادعاً وسيكون عملهم في مأزق، لا سيما أنهم سيكونون في مواجهة القانون، وليس الشعب أو الدولة فحسب.
أما حسين أمين، رئيس قسم الإعلام بالجامعة الأمريكية، رأى أن الخاسرين سيكونون فئة قليلة لم تقنن أوضاعها في الحصول على تراخيص العمل المطلوبة، ومن ثم سيحتاجون إلى تصحيح أوضاعهم بشكل عاجل.
وأضاف "أمين" لبوابة "العين" بالقطع القانون أفضل بكثير من لا قانون، ونراه خطواه عملاقة على الطريق الصحيح، لأنه طرح جديد للنظام الإعلامي المصري في المرحلة الآنية أو المستقبلية، كما ستكون هناك فرص هائلة بموجبه للعاملين في المسموع والمرأى والإلكتروني كذلك، حيث سيسعى الجميع للتنافس في إطار من البحث عن احتياج المواطنين فيما يبث لهم.
ترقب وانتظار
هكذا كان حال منى أبوالنصر، الإذاعية بالـ"بي بي سي" عربية، التي جسدت أفكار آلاف العاملين غيرها في المجال الإعلامي بمصر، عندما قالت لبوابة "العين": من المبكر حتى هذه اللحظة الحكم على ما إذا كان القانون جيد أو لا، أو أننا رابحون أو لا.. يجب أن نننتظر أولًا الإطلاع على شكله النهائي ومعرفة طبيعة المخالفات والعقوبات المنصوص عليها.
تتابع "أبو النصر"، صعب نحكم عليه في الوقت الحالي، خاصة أن هناك مؤسسات لم تقنن وضعها بعد وتنتظر اكتمال صورة القانون.. وبالنسبة لي أرى أنه من الجيد أن يكون هناك تنظيم لفكرة الفوضى الإعلامية ولكن بما يراعي مساحة أكبر للتحرك بالنسبة للإعلاميين.
توضح الإذاعية مقصدها بمساحة التحرك: أعني أن يكون هناك للمؤسسات الإعلامية حرية في تداول المعلومات مع توفير الحماية القانونية لهم، وأعتقد هذا سيجعلني مع القانون خاصة أننا نعاني من تضييق في الحصول على المعلومات إلى جانب المخاطرة أثناء تأدية العمل الميداني لمجرد أنك تمارس عملك".
وترى "أبو النصر" أن فكرة طرح نقابة الإعلاميين مسألة ستكون في صالح زملائها ممن لا يعملون في مؤسسات صحفية مصرية، ولا يجدون مظلة نقابية يعملون من خلالها، وهو ما سيوفر لهم ضمانات متعلقة بسلامتهم وتطوير عملهم.
مزيد من القوانين والتدابير
يقول الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز، إن القانون خطوة على الطريق لكنها لن لن تكون كاملة إلا عندما تصدر قوانين وتتخذ تدابير أخرى، موضحًا حديثه لبوابة "العين": يجب أن يصدر قانون نقابة الإعلاميين ويتم التصديق عليه؛ لأن النقبة ستكون معنية بتسمية عدد من أعضاء الهيئات الجديدة (المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للإعلام).
وأضاف "عبد العزيز"، كما أن النقابة ستكون مسؤولة عن وضع ميثاق للشرف الإعلامي، ونحتاج إلى جانبها قانون الحق في تداول المعلومات.
ورأى الخبير الإعلامي أن هناك حاجة لقانونين آخرين وهما قانون تنظيم الصحافة والاعلام الذي ينص على واجبات وحقوق الصحفي، كذلك قانون يلغي العقوبات السالبة للحرية، كما هناك حاجة لتدبير تتعلق بكيفية تشكيل تلك الهيئات.. فعلى قدر رشد الاختيار سيقوم الأعضاء بمهام جيدة أما إعادة إنتاج الأوضاع السابقة عبر الوجوه المكررة سيكون مضراً وخطيراً.
ووفق القانون الجديد، الذي أقره البرلمان ووقعه السيسي، يحق للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، مستقل، توقيع الجزاءات والتدابير المنصوص عليها على من يخالف الالتزامات الواردة بالترخيص أو التصريح، وذلك وفقاً للإجراءات التي تبينها لائحة الجزاءات التي يضعها المجلس.
ومن المنتظر أن تتضمن اللائحة قائمة من العقوبات والغرامات للمؤسسات الإعلامية التي تخالف شروط الترخيص، فضلاً عن إمكانية إلغاء أو تعليق حق النشر أو البث.
وتقدمت الحكومة بمشروع القانون للبرلمان، قبل أن يقره بأغلبية ثلثي الأعضاء، بهدف ضمان التزام وسائل الإعلام والمؤسسات الصحفية والإعلامية بمعايير وأصول المهنة وأخلاقياتها واحترام حقوق الملكية الفكرية والأدبية والعمل على وصول الخدمات الصحفية والإعلامية إلى جميع المناطق بشكل عادل.