نساء الموصل في "حكم داعش".. جلد وضرب ومسجونات بالبيوت
التنظيم يحاول طمس هوية المرأة وحوّل حياتها إلى جحيم
قصص وشهادات من الموصل عن وضع المرأة تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي الذي حوّل حياتهن إلى جحيم
تعيش المرأة العراقية، وبخاصة نساء الموصل، حياة تشبه الجحيم تحت حكم عناصر تنظيم داعش الإرهابي الذي يسيطر على المدينة منذ عامين تم فيهما إهانة هذه المرأة وتحويل حياتها إلى ما يشبه حياة "الجواري" والمسجونات بالبيوت، في محاولة لطمس هويتهن وتحويلهن إلى مجرد تابع أو خادم لا حول له ولا قوة.
فالتنظيم الإرهابي وضع عدة تعليمات خاصة بزي النساء وحرية حركتهن فاقت أي حكم سياسي سابق في تاريخ العراق، كما اشرط أن عقوبة مخالفة ذلك هو الجلد والضرب.
وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في تقرير موسع لها الثلاثاء، عن عدة قصص من المعاناة التي تعيشها النساء في الموصل تحت قبضة التنظيم الإرهابي؛ إذ تبدأ الصحيفة تقريرها بوصف حديث لرجلين أحدهما قام بجلد زوجته وكأنه ممثل للعدالة.
ووجه صديق له سؤال: "لماذا جلدت زوجتك؟". فما كان منه إلا أن يجيب: "لأنها خرجت إلى الشارع دون أن تغطي عيناها!".
بهذا المشهد وسلسلة من اللقاءات أجرتها الصحيفة الأمريكية مع سيدات من العراق، قدمت خلالها صورة جديدة قديمة لويلات الحروب؛ فالثابت أن ضحايا الحروب دائما ما يكونون أكثر بين الأطفال والنساء والشيوخ، أما جديد حروب "داعش" فهو طمس هوية المرأة، والإمعان في محاولة إخفائها عن الجميع، كما جاء على لسان السيدة حليمة على بدير، البالغة من العمر 39 عاما.
وقالت: "نحن في الموصل نميل إلى الاحتشام وارتداء الحجاب؛ فهكذا ربينا، وهذه هي تقاليدنا وأعرافنا، ولكن منذ عامين وتحديدا منذ سيطرة تنظيم داعش على المدينة حتى بدأنا نختبر ما لم نمر به في حياتنا من قبل حتى إبان نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، كنا حين إذ ننعم بحرية الانتقال، والحديث، وكنا نرتدي ما نحب، أما الآن فالدواعش يبغون إخفاء النساء عبر تغطيتهن بالكثير من القماش".
وهنا تنقل الصحيفة الحديث إلى شابة رفضت الكشف عن اسمها مبررة ذلك بخوفها من التعرض للمتاعب قائلة منذ أن سيطر "داعش" على المدينة وبت أضم قطعة جديدة من الملابس إلى ردائي اليومي، وكان أحدث هذه القطع، وهو ليس جزءا من النقاب ولا ينتمي لما نعرفه عن الإسلام، قطعة من القماش غامقة اللون نغطي بها أعيننا، وإن لم نفعل نتعرض للكثير من المشكلات، وكأننا لا نعيش ما يكفينا من مصاعب في البحث عن سبل العيش الأساسية من مأكل وماء صالح للاستخدام ومكان نأوي اليه حتى يأتي الدواعش ليطلبوا منا ارتداء كود ثابت من الملابس وإلا ننال العقاب".
وأوضحت الصحيفة أنه في جميع أنحاء الأراضي التي سقطت تحت سيطرة التنظيم الإرهابي تنتشر لوحات إرشادية تظهر صورة لامرأة تبدو وكأنها صورة ظلية سوداء، مغطاة بالكامل في طبقات من الملابس غامقة اللون.
كما كتب بجانب هذه الصورة مجموعة من التعليمات الجديدة تضم 7 نقاط أساسية يجب أن يشتمل عليها زي المرأة في حالة خروجها إلى الشارع، بما في ذلك أن الثوب يجب أن يكون "سميكاً ولا يكشف ما تحته" ويجب "عدم لفت الانتباه".
وهنا تنقل "نيويورك تايمز" عن رشا العقيد الباحثة في مركز "المسبار" للبحوث والدراسات الاجتماعية قولها: "بعد 3 أيام من الاستيلاء على الموصل، بدأ المسلحون في الذهاب من الباب إلى الباب لتوزيع ما أطلقوا عليها "دستور المدينة" حيث يوضحون كيف سيمارسون ممارسة الحكم".
وأضافت: "كان دستور المدينة وكيفية الحكم مخصصاً للنساء، حيث بدأ البيان الذي قام المسلحون بتوزيعه على المنازل بتوجيه الحديث إلى "النساء الفاضلات"، ابقين في منازلكن لا تتركنها إلا في حالة الضرورة، وإن خرجتن فيجب عليكن التواضع في زيكن وعدم جعله جاذبا للانتباه وأن يكون جلبابا فضفاضا غامق اللون".
وأنهت رشا حديثها مع الصحيفة بالقول:" أنا من الموصل، أعلم عادات نساءنا، أعلم احتشامهن وتحفظهن في ملبسهن، ولكن الآن لقد بدأ المجتمع في مدينتي يشعر بالاختناق، فهذا ليس عدلا".
وتعود الصحيفة إلى المشهد الأول الذي نقلته عن أحد محاضر الشرطة بعد أن تقدمت سيدة موصلية بشكوى ضد زوجها الذي قام بجلدها بوحشية لأنها فقط رفعت النقاب حتى تستطيع أن تأكل وكانا في مكان عام.