بعد منحها 130 مليون دولار.. هل ينقذ البنك الدولي تونس من سيناريو المجاعة؟
تتعرض تونس بشكل خاص لاضطرابات في إمدادات الحبوب، جراء تداعيات الحرب الأوكرانية، الأمر الذي دفع البنك الدولي لمنحها تمويلا طارئا.
وبحسب بيان البنك الدولي، الصادر اليوم الأربعاء، استوردت تونس عام 2021 ما يعادل 60% من احتياجاتها من القمح اللين و66% من احتياجاتها من الشعير من كلٍ من روسيا وأوكرانيا، كما يستحوذ هذان البلدان على 29% من صادرات القمح في العالم.
ويبلغ استهلاك تونس من الحبوب 3.4 مليون طن بين 1.2 مليون طن لكل من القمح الصلب والقمح اللّين، ومليون طن من الشعير، بحسب ديوان الحبوب (حكومي)، وبلغ الإنتاج المحلي من الحبوب 1.6 مليون طن في 2021، وتستورد تونس بقية حاجياتها وتتزود بأكثر من نصفها من روسيا وأوكرانيا.
وبلغ سعر القمح في العالم مستوى غير مسبوق بـ 344 يورو (384 دولاراً) للطن الواحد.
130 مليون دولار من البنك الدولي
وأعلن البنك الدولي الأربعاء عن تمويل بقيمة 130 مليون دولار لتونس لمساعدتها على مواجهة تداعيات الحرب في أوكرانيا على الأمن الغذائي في البلاد.
يأتي هذا الإعلان بعد أسبوع على إبداء صندوق النقد الدولي استعداده لبدء مفاوضات لوضع برنامج مساعدة لتونس التي تشهد أزمة مالية وسياسية، مشروطا بتطبيق إصلاحات.
وقال البنك الدولي في بيان إن التمويل يهدف "للتخفيف من تأثير الحرب في أوكرانيا عبر تمويل الواردات الحيوية من القمح الليّن وتقديم مساندة طارئة لتغطية واردات البلاد من الشعير اللازم لإنتاج الألبان، فضلاً عن دعم الفلاحين من أصحاب الأراضي الصغيرة بالبذور للموسم الفلاحي المقبل".
تندرج هذه المساعدة في إطار "برنامج للتدخّل العاجل تم وضعه بالتنسيق مع شركاء تونس الماليين، بما في ذلك البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، والبنك الأوروبي للاستثمار، والاتحاد الأوروبي، بهدف دعم الواردات قصيرة المدى من القمح المستعمل في صناعة الخبز لضمان استمرار حصول محدودي الدخل على الخبز بأسعار معقولة، ومن الشعير المستعمل في تربية الماشية، فضلاً عن توفير المستلزمات الفلاحية للإنتاج المحلي من الحبوب".
وأوضح ألكسندر أروبيو مدير مكتب البنك الدولي في تونس في بيان: "تواجه تونس تحدّيات كبيرة على مستوى إمدادات الحبوب بسبب الصعوبات التي تواجهها في الوصول إلى الأسواق المالية وارتفاع الأسعار العالمية, ما أثر على قدرة البلاد على شراء الحبوب المستوردة".
وتعاني تونس من إشكالات التزود منذ الخريف الماضي، بسبب التأخر في توفير السيولة اللازمة لتسديد مستحقات دفعات من وارداتها من القمح بالعملة الصعبة، ما أدى إلى رسو عدد من البواخر المحملة بالقمح بالموانئ التونسية من دون تفريغ شحناتها في أكثر من مناسبة.
ويعاني الديوان التونسي للحبوب من تفاقم المديونية، وبلغت ديونه لدى البنك القومي الفلاحي ثلاثة مليارات دينار (1.04 مليار دولار) ما يساوي 22% من مدخرات البنك، ما دفع البنك إلى رفض إقراض الديوان ومده بالسيولة بسبب المخاطر المحدقة بالبنك جراء عملية الإقراض التي أصبحت تهدد مدخراته، الأمر الذي أدى إلى تأخير تفريغ حمولة أربع بواخر بأحد موانئ الجنوب، ما كبّد المالية العمومية خسائر كبيرة بسبب كلفة التأخير.
مسكن مؤقت قبل المجاعة
وثمة مؤشر جيد على أن تونس لن تتعرض لمجاعة خلال العام الجاري، فالسلطات التونسية أتمت طلبياتها الضرورية حتى الصيف من شراءات القمح قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا ولن تواجه أي نقص حتى موسم جني المحصول في الصيف.
والمثير للقلق هو أن مخزون تونس من القمح سينفد بنهاية يونيو/حزيران الجاري، الأمر الذي دفع البنك الدولي لدعم البلاد بتمويل طارئ قدرة 130 مليون دولار، لسداد مستحقات بعض الموردين والسماح للبواخر الراسية في الموانئ التونسية بتفريغ شحناتها.