رعب تحكيمي وأسلحة وضباب.. 90 عاما على أول نهائي لكأس العالم
منتخب أوروجواي يحتفل بمرور 90 عاما على فوزه ببطولة كأس العالم الأولى في التاريخ في المباراة النهائية التي شهدت عدة أحداث درامية.
يحتفل منتخب أوروجواي، الخميس، بذكرى حصوله على أول بطولة في تاريخ كأس العالم، عقب الفوز على نظيره الأرجنتيني في المباراة النهائية.
المباراة النهائية التي أقيمت يوم 30 يوليو/تموز عام 1930، على استاد "سينتيناريو" في العاصمة الأوروجوايانية مونتفيديو، انتهت بفوز أصحاب الأرض بنتيجة 4-2.
وعلى مدار 90 عاما تغيرت العديد من الأمور والأشياء، ولكن شيئا واحدا ظل بلا أي تغيير وهو عشق العالم للساحرة المستديرة.
رعب تحكيمي وأسلحة
وقبل المباراة النهائية، كان على المنظمين والقائمين على تأمين المباراة تجريد المشجعين من أي أسلحة، بناء على تعليمات الحكم البلجيكي جون لانجينوس، الذي أدار اللقاء.
الحكم البلجيكي تخوف من المشاعر والحماس الزائدين بين جماهير الفريقين، لتتم مصادرة نحو 1600 قطعة سلاح كانت بحوزة المشجعين.
وظل حكم المباراة على حافة الهاوية، نظرا لشعوره بالقلق من المشاعر الجياشة والحماس الزائد لدى الجماهير.
ومن أجل هذا الأمر، كان لانجينوس حريصا على التأكد من وجود قارب بانتظاره في الميناء لنقله إلى أي مكان آمن إذا اقتضت الحاجة.
الضباب
هزيمة الأرجنتين كانت قاسية على جميع الجماهير، لا سيما هؤلاء الذين كانوا عالقين في نهر بليت.
وظلت مجموعة من أنصار "التانجو" عالقة على متن السفن في نهر "بليت"، لأن السفن لم تستطع أن ترسو بسبب الضباب الكثيف.
وفشل هؤلاء المشجعون، ليس فقط في حضور المباراة، ولكن حتى في معرفة النتيجة التي تعرض لها منتخب بلادهم.
أول كأس عالم
وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، واجه فترة عصيبة وعقبات صعبة لإيجاد العدد الكافي من المنتخبات التي ترغب في المشاركة بالبطولة الأولى من كأس العالم.
وسحبت بعض الدول ملفات طلب استضافة هذه النسخة خشية ارتفاع تكاليف التنظيم.
وعندما استقر حق الاستضافة على أوروجواي، سيطر القلق والخوف من الرحلة الطويلة عبر المحيط الأطلسي على بعض المنتخبات الأوروبية.
وفي النهاية ، اقتصرت المشاركة على 13 منتخبا منها 4 منتخبات فقط من أوروبا.
وسافر لاعبو منتخبات فرنسا وبلجيكا ورومانيا سويا على متن الباخرة "كونتي فيردي"، بينما سافر المنتخب اليوغسلافي في البداية إلى مدينة مارسيليا الفرنسية، في رحلة بالقطار استغرقت 3 أيام، ثم استقل الباخرة "إس إس فلوريدا" التي قطعت المحيط الأطلسي في غضون أسبوعين.
ونالت منتخبات البطولة استقبالا حارا في ميناء مونتفيدي ، حسبما أكد الحكم لانجينوس، الذي كان يرتدي دائما الملابس الواقية بشكل صحيح.
وبالإضافة إلى عمله كحكم، عمل لانجينوس أيضا كمراسل لمجلة "كيكر" الألمانية المتخصصة في كرة القدم وذلك خلال وجوده في أوروجواي.
وشعر اللاعبون بالبرودة الشديدة في البداية لأن تموز/يوليو هو فصل الشتاء في نصف الكرة الجنوبي، كما أقيمت المباريات الأولى من البطولة وسط تساقط الثلوج.
أحداث البطولة
وسجل الفرنسي لوسيان لوران أول أهداف البطولة وذلك في المباراة الافتتاحية أمام المنتخب المكسيكي.
وقال لوران من قبل: "بعد تسجيل هدفي الذي كان الأول في هذه البطولة والأول لي مع المنتخب الفرنسي، هنأنا بعضنا البعض، ولكننا لم نقفز في أذرع بعضنا البعض كما نفعل غالبا في كرة القدم الآن".
وكان الاستاد الرئيسي للبطولة "استاد سينتيناريو" غائبا أيضا في البداية، حيث عطلت الأمطار الغزيرة إتمام بناء الاستاد وتم الاعتماد على ملعبين آخرين.
وبعد الأيام الـ5 الأولى من البطولة، دخل استاد "سينتيناريو" الخدمة وبدأ في استضافة مباريات البطولة.
وكان طريق منتخب أوروجواي إلى نهائي البطولة مثيرا للجدل، ففاز الفريق على نظيره اليوغسلافي بنتيجة 6-1 في الدور قبل النهائي، ولكن تردد أن أفرادا من الشرطة ومصورين دفعوا الكرة من على خط الملعب لإعادتها إلى داخل الملعب قبل تسجيل الفريق للهدف الثالث.
المباراة النهائية
وفي النهائي، بدا وكأن المنتخب الأرجنتيني سيصطحب معه كأس البطولة في رحلة العودة بعدما تقدم الفريق 2-1 في الشوط الأول، ولكن حظوظ الفريق تغيرت في الشوط الثاني ليخسر 2-4 ويصبح منتخب أوروجواي أول بطل لكأس العالم.
وقال اللاعب الأرجنتيني فرانسيسكو فارايو في مقابلة، قبل وفاته عام 2010 عن عمر يناهز 100 عام: "منتخب أوروجواي الذي كان الأفضل في الشوط الثاني، استحق الفوز ولكنها كانت هزيمة قاسية بالنسبة لنا".
وجاء الهدف الرابع لمنتخب أوروجواي بتوقيع هيكتور كاسترو في الدقيقة 89، وكان هذا إنجازا شخصيا أيضا لكاسترو، الذي كان في الـ25 من عمره وقتها، حيث كان قد فقد ساعده في حادث بمنشار كهربائي قبل ذلك بـ13 عاما.
وكانت بطولة كأس العالم الأولى أيضا نسخة مونديالية للمواهب الشابة؛ حيث كان ألبرتو سوبيسي المدير الفني لمنتخب أوروجواي لا يزال في الحادية والثلاثين من عمره، ليظل أصغر مدرب يفوز بلقب كأس العالم على مدار تاريخ البطولة حتى الآن.
وكان منافسه في النهائي خوان خوسيه تراموتولا المدير الفني لمنتخب الأرجنتين لا يزال في الـ 27 من عمره.
ورغم الصعوبات وحضور 300 مشجع فقط في مباراة رومانيا مع بيرو، كانت هذه النسخة الأولى بمثابة مقدمة لقصة نجاح رياضية متكررة في بطولات كأس العالم حيث أصبحت بطولة كأس العالم هي الحدث الكروي الأكبر كل 4 سنوات.