القمة العالمية للحكومات.. استدامة المدن تبدأ من العناصر المعمارية
ناقش علماء وخبراء في مجال تصميم المدن ومديرو شركات، معايير الاستدامة والتوازن بين التعمير والتخضير في التخطيط الحضري، وحلول النقل المستقبلية القائمة على التكنولوجيا.
وذلك خلال ثلاث جلسات حوارية، أدارها أندرو تاك، محرر مجلة "مونوكل"، عُقدت ضمن أعمال اليوم الثاني من القمة العالمية للحكومات 2024، التي تستضيفها دبي خلال الفترة من 12 إلى 14 فبراير/شباط الجاري تحت شعار "استشراف حكومات المستقبل".
التوازن بين التعمير والتخضير
حملت الجلسة الأولى عنوان "ما هي معادلة التوازن بين التعمير والتخضير في المدن؟" وتحدث فيها الدكتور مايكل ميهافي، عالم معماري وخبير في مجال المدن، والذي استعرض في الورقة التي قدمها في الجلسة، النموذج الحالي للمدن والذي ظهر في عصر الحداثة، ومدى توافقه مع رؤية الاستدامة والمرونة، وأبرز أهمية التخطيط الحضري بمفهوم المنفعة المتساوية، وهو المفهوم الذي يتمحور حول مبدأ ضمان الوصول العادل إلى الموارد والفرص في مختلف المناطق داخل المدينة.
وقال الدكتور مايكل ميهافي: لدينا في عالم اليوم قاعدة بيانات ووسائل متطورة تساعدنا في استشراف المستقبل، والاستعداد لكل التحديات والمستجدات التي قد تطرأ، كما لدينا ثورة صناعية جديدة تعتمد على التكنولوجيا والحلول الرقمية، إلى جانب الذكاء الاصطناعي الذي خلق هو الآخر فرصاً وتحديات كبيرة، وكل هذه الأشياء يمكن أن تقدم لنا آفاقاً جديدة لتصميم مدن مزدهرة وأكثر ثراءً، تحقق مبدأ ضمان الوصول العادل إلى الموارد في مختلف المناطق داخل المدينة، وهناك الكثير من النماذج العمرانية المبتكرة والمستدامة التي يمكن أن تحقق هذا الهدف المنشود.
- خبير في «Meta»: قدرات الذكاء الاصطناعي حاليا أقل من المستوى الإدراكي للقطط والكلاب
- إنجاز استثنائي لرئاسة COP28.. «ترويكا رئاسات مؤتمر الأطراف» بالتعاون مع COP29 وCOP30
تصميم المدن الخالدة
وحملت الجلسة الثانية عنوان "كيف نصمم المدن الخالدة؟ دروس من التاريخ"، وتحدث فيها كلٌ من كوتشاكورن فوراكوم الرئيس التنفيذي لـ Porous City Network، والبروفيسور كارلو راتي مدير مختبر Senseable City Lab MIT.
وأكد المتحدثان في الجلسة أن المدن الحضرية الحديثة ستترك بصمتها في التاريخ، إلا أن صمودها أو زوالها يعتمد على المسار الذي تتبعه حكومة كل مدينة؛ وفي هذا الإطار بحثت الجلسة في كيفية تغلب الحكومات على التحدي المتمثل في تحديد العناصر المعمارية التي تحافظ على بقاء المدينة واستمراريتها بشكل استراتيجي، كما بحثت في العناصر المعمارية التي تساعد المدن على الاحتفاظ بقوتها عبر الزمن من منظور معماري.
واستعرضت كوتشاكورن فوراكوم خلال الجلسة تجربتها في تصميم المساحات الخضراء لمواجهة تغير المناخ في المدن الكبرى والمجتمعات الأكثر ضعفاً، وتحدثت عن التحديات التي تواجهها مدينتها بانكوك، المهددة بالغرق والاختفاء من الخريطة بسبب التغير المناخي، والفيضانات وارتفاع مناسيب البحار، مؤكدة أن سكان بانكوك بدأوا في التكيف مع هذه الظروف المناخية المُلحة؛ وفيما يخص خلود المدن أكدت كوتشاكورن فوراكوم، على ضرورة التفكير بشكل أشمل وأعم لحماية كوكب الأرض بأكمله وليس مدن بعينها، وذلك من خلال تبني معايير الاستدامة، والحفاظ على البيئة، والتعايش مع الطبيعة بشكل إيجابي.
من جانبه، أكد البروفيسور كارلو راتي على ضرورة إعادة رسم صورة مستقبل المدن، من خلال إتباع أساليب مبتكرة للتخطيط الحضري ترتكز على التقنيات الذكية، وشدد على ضرورة التعامل مع المدينة على كونها كائن حي يؤثر ويتأثر بمن حوله، مع التركيز على سؤال كيف نعيش بشكل أفضل في المدن الحالية؟ أكثر من التركيز على فكرة خلود المدن.
تنقل مستدام قائم على التكنولوجيا
وعقدت الجلسة الحوارية الثالثة تحت عنوان "هل يكمن مستقبل التنقل في السماء؟" كلٌ من جوبين بيفيرت، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة جوبي أفيايشن، وكيلر كليفتون، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Zipline، وطرحت الجلسة حزمة من التساؤلات حول وسائل النقل المستقبلية القائمة على التكنولوجيا في المدن الذكية.
واستعرض جوبين بيفيرت، تجربة شركته في التنقل الجوي في المدن، وجهودها في الارتقاء بهذا القطاع من خلال توفير حلول التنقل الفعالة والمستدامة في المدن، وقال: وقعنا خلال أعمال هذه القمة مع هيئة الطرق والمواصلات بدبي اتفاقية لإطلاق خدمات التاكسي الطائر في الإمارة مطلع 2026، ونستهدف إطلاق العمليات الأولية في 2025، وهذه الشراكة والتجربة تتيح لنا إطلاق خدمة التاكسي الطائر في أكثر الأسواق تنافسية في العالم هنا في دبي، وأود التأكيد على أن التنقل بالطيران ما زال الأسرع والأقل كلفة والأكثر أماناً، وإلى جانب كل هذه المزايا فستتميز تجربتنا في التاكسي الطائر في دبي بأنها ستكون صديقة للبيئة.
واستعرض كيلر كليفتون، تجربتهم في الارتقاء بخدمات الرعاية الصحية، من خلال نشر الإمدادات الطبية بطائرات الدرون، ما يضمن الوصول إلى المناطق النائية في الوقت المناسب؛ وقال : انطلاقتنا الأولى في هذا المجال كانت من رواندا قبل 11 عاماً، والبداية كانت مع 21 مستشفى، واليوم نعمل مع كل المستشفيات الرواندية، ونجحنا في إيصال أكثر من 60 مليون جرعة من لقاحات الأطفال، و200 مليون جرعة من لقاحات كوفيد منذ بداية الجائحة وحتى اليوم، إلى جانب الكثير من الأدوية، وعبوات الدم، وقد ساهمت هذه الجهود في تقليل نسبة الوفيات في المستشفيات التي نعمل فيها إلى 51%، ومؤخراً حصلنا على شهادة اعتماد للعمل في الولايات المتحدة.
يذكر أن القمة العالمية للحكومات تشهد في نسختها الحالية حضور أكثر من 4000 متخصص من 140 وفداً حكومياً، و85 منظمة دولية و700 شركة عالمية، لبحث التوجهات المستقبلية العالمية الكبرى، خلال أكثر من 110 جلسات رئيسية حوارية وتفاعلية، يتحدث فيها 200 شخصية عالمية، إضافة إلى عقد أكثر من 23 اجتماعاً وزارياً وجلسة تنفيذية بحضور أكثر من 300 وزير.