"انتفاضة تشرين" بالعراق.. "دماء" قلصت نفوذ إيران
العراق شهد في أكتوبر /تشرين الأول احتجاجات هي الأكبر طالبت بإجراء انتخابات مبكرة وتحسين الخدمات وإنهاء النفوذ الإيراني
بين مطالب تحققت وأخرى ما زالت على قائمة الانتظار، تحل اليوم الذكرى الأولى للاحتجاجات العراقية أو "انتفاضة تشرين".
وتحل الذكرى وسط دعوات لإحيائها من جديد لاستكمال ما بدأته والمطالبة بإنهاء نفوذ طهران ومحاسبة قتلة المتظاهرين.
وشهد العراق في أكتوبر/ تشرين الأول احتجاجات هي الأكبر طالبت بإجراء انتخابات مبكرة وتحسين الخدمات وتوفير فرص العمل وإنهاء النفوذ الإيراني، وتصاعدت وتيرتها ما أسفر عن مقتل المئات من المتظاهرين وإصابة الآلاف.
وفي 30 يوليو/تموز الماضي، قالت الحكومة العراقية إن نحو 560 من المحتجين وأفراد الأمن قتلوا في الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي استمرت شهورا العام الماضي.
ويتهم الحراك الشعبي المليشيات الموالية لإيران باستهداف النشطاء والمتظاهرين، فيما أعلنت حكومة الكاظمي تشكيل لجنة تقصي حقائق، للكشف عن الجهات التي تقف وراء ذلك دون الإعلان عن نتائجها حتى اليوم.
إحياء الذكرى
وفي الآونة الأخيرة، شهدت ساحات التظاهر تعطلاً في حركتها الجماهيرية واستمرار تجمهرها المليوني جراء انتشار فيروس كورونا والإجراءات الوقائية التي فرضتها الأجهزة الحكومية من بينها حظر التجوال وتقييد حركة الأشخاص والمركبات.
إلا أنه مع حلول الذكرى الأولى، بدأ العشرات من المتظاهرين بالتدفق الى ساحات التظاهر استعداداً لاستكمال الأهداف وتحقيق المطالب التي يتمسك بها العراقيون دون تردد بعد أن قدموا أكثر من 500 شهيد وآلاف الجرحى الذين سقط أغلبهم بالذخائر الحية وقنابل الدخان وبنادق القنص.
ولم تستطع القوى السياسية والمحركات الحكومية من وأد تلك التظاهرات وإبعادها عن خط مسارها حتى باتت اليوم قوة شعبية ضاغطة على خيارات وقرارات السلطة السياسية وصناع القرار في العراق والدفع بهم على الذهاب نحو تشريعات وقوانين تتناغم مع مطالب تلك الحركة الجماهيرية.
تظاهرات تتجدد وساحات تنتظر
الناشط المدني طارق حسين، قال، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن الحراك التشريني لن يهدأ أو تكتب له الراحة إلا بعد تنفيذ مطالب الإصلاح التي دعا إليها الشارع العراقي وبشكل كامل من بينها تعديل قانون الانتخابات بشكل يضمن وصول الكفاءات والشخصيات المستقلة إلى مواقع المسؤولية والتقليل من سطوة الكتل والأحزاب الفاسدة على مقاليد الناخب وصناديق الاقتراع.
وأضاف حسين أن المطالب التي رفعها المتظاهرون ودفع من أجلها الدم والملاحقات والزج بالسجون تؤكد جدية وثبات الإرادة الجماهيرية وقدرتها على تشخيص مواضع الخلل في الأداء الحكومي والسياسي الذي أطاح بمؤسسة الدولة فسادًا وتهرءاً وضعفاً طيلة السنوات التي أعقبت أبريل/نيسان عام 2003.
وأوضح أن المتظاهرين يطالبون بتقديم الجناة وقتلة المتظاهرين إلى العدالة والكشف عن الجهات التي تقف وراءهم، فضلا عن محاسبة مسؤولي الفساد وحيتان المال العام.
وأكد أن تلك المطالبات ستكون حاضرة وبقوة في تظاهرات أكتوبر في عامها الثاني.
وبحسب مراقبين للشأن السياسي فإن طبيعة صنع القرار وآليات الوصول والأداء السياسي اختلفت عما كانت عليه الأوضاع ما قبل أكتوبر/تشرين الأول 2019، حيث أسهمت ساحات التظاهر في إنتاج سلطة تنفيذية تقترب من المزاج العام للجماهير الغاضبة وتدفع بها إلى محاسبة المقصرين وملاحقة تابوهات الفساد والنظر بجدية أكبر لإنقاذ البلاد من أزماتها المعاشية والاقتصادية والأمنية.
مطالب تحققت وأخرى على الطريق
المحلل السياسي، نبيل غنام، قال إن انتفاضة تشرين حققت إنجازات كبيرة صدمت الكتل السياسية المتجذرة بالفساد كان في مقدمتها الدفع برئيس الحكومة عادل عبد المهدي إلى تقديم الاستقالة (ديسمبر/كانون أول الماضي) والشروع بوضع اليد على الكثير من القوانين والتشريعات التي وفرت بيئة آمنة لتواجد رموز اللادولة.
وأوضح غنام في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن انتفاضة أكتوبر أسهمت في التأسيس لمرحلة جديدة في تاريخ العراق السياسي وولادة جيل واع من رحم المعاناة الجماهيرية.
كما أسهمت في وضع العربة على المسار الصحيح وهو ما يتجلى في وصول مصطفى الكاظمي إلى سدة رئاسة الوزراء من خارج منظومة الأحزاب والقوى السياسية رغم أنه ليس خياراً جماهيرياً ولكن يقود مرحلة انتقالية مهمة تهيئ لمستقبل أفضل.
وأشار إلى أن الكتل والأحزاب الكبيرة في أغلبها الأعم تعيش حالة من القلق وعدم الاستقرار جراء المتغيرات التي أفرزها حراك أكتوبر، وتشتد قسوة معاناتهم بالذهاب الى سن القوانين والتشريعات التي تلبي تطلعات الجماهير رغم أنوفهم وتضرر مستقبلهم السياسي كون الإرادة الشعبية باتت أكبر من مقدرتهم وإمكانيات الصد والوقوف ضد مسارها.
ولتهدئة الشارع، حدد الكاظمي موعد إجراء الانتخابات البرلمانية، في يونيو/ حزيران 2021، كما طالب البرلمان بإقرار تعديلات على قانون الانتخابات.
الإصلاح ضرورة
من جانبه، قال النائب العراقي، حسن فدعم، إنه "بغض النظر عن الأخطاء التي ترافقت مع التظاهرات والخروقات الأمنية التي تسببت بسقوط الضحايا من المتظاهرين والقوات الأمنية، إلا أن رسائل تظاهرات أكتوبر كانت واضحة وجلية بالسخط والغضب الجماهيري العارم على سوء الأداء السياسي طيلة الفترات السابقة.
وأضاف: الطبقة السياسية برمتها، تسعى الآن إلى إعادة صياغة منهجها ومفردات تعاطيها مع الحكم والقرار السياسي في ضوء المتغيرات التي جاءت بها منصات أكتوبر، لاسيما أن أزمات البلاد والأوضاع الراهنة تفرض على الجميع مراجعة العقد الاجتماعي والسياسي المبرم بين الحاكم والمحكوم.
aXA6IDMuMTQ4LjEwOC4xNDQg جزيرة ام اند امز