قادة العالم تحت ضغط ثلاثي.. الحرب والمناخ والأوبئة
بينما كان العالم يكافح لتجاوز تداعيات جائحة كورونا، والحد من آثار التغير المناخي، جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتضيف مزيدا من الغموض على مستقبل الاقتصاد العالمي وتضرب آمال قادة العالم في كبح التوترات السياسية ببلادهم.
ما حدث خلال العامين الماضيين لم يشهده العالم منذ وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، فقد سببت أزمة كورونا أكبر حالة لركود اقتصادي تبعتها حرب أوكرانيا وما سببته من موجة تضخم حادة لا يوجد ما يضاهيها ارتفاعًا إلا ما شهدته الاقتصادات الأمريكية والأوروبية في سبعينيات القرن الماضى.
وأجمعت أكبر أربع مؤسسات دولية وهي البنك وصندوق النقد الدوليين، ومنظمة التجارة العالمية، وبرنامج الغذاء العالمي، في بيان مشترك، على أن الحرب في أوكرانيا ستؤدي إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي برمته، وستكون تداعياتها أشد وطأة في الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل.
التضخم وأمن الطاقة والغذاء والانعكاسات السياسية.. أربع أزمات باتت تؤرق الحكومات وغيّرت الكثير من خططها، فبعد عامين من الإغلاق ومحاولة الاستفاقة من تداعيات أزمة كورونا والتعاطي مع التغيرات المناخية جاءت حرب أوكرانيا لتغير مسار العالم.
كما كان لغضب الطبيعة أثر أكبر حيث أدت أزمة المناخ إلى مضاعفة خطر تغيرات الطقس في جميع أنحاء العالم، فالتقلبات الموسمية غير المنتظمة تسببت في حدوث فيضانات وحرائق غابات وموجات حر وجفاف على نطاق غير مسبوق وزادت من تحديات الحكومات.
مؤسسات دولية حذرت من أن مجموعة من الصدمات العالمية التي تواجه الأمن الغذائي في جميع أنحاء العالم وعلى رأسها الحرب في أوكرانيا، ومعاناة الاقتصادات في سبيل التعافي من كورونا، وظروف الجفاف المستمرة في بعض البلدان بسبب تغير المناخ - تهيئ الظروف لحالة عدم اليقين واستقرار الحكومات.
تغيرات سياسية
ثالوث الأزمات كانت له انعكاسات سياسية كبيرة وصلت تبعاتها إلى كل أصقاع العالم، بدأت بخسارة الرئيس الفرنسي أغلبيته في البرلمان، ثم استقالة رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، ثم استقالة رئيس وزراء إيطاليا ماريو دراجي.
ألمانيا قد تكون الضحية الأقرب، حيث يواجه أضخم اقتصاد في أوروبا أزمة غاز جعلت المستشار الألماني، أولاف شولتز، يصف الحرب بأنها "تهديد غير مسبوق"، سواء على الصعيدين الأمني أو الاقتصادي، وسط آفاق قاتمة على المدى المنظور.
وتشكل الأسعار المرتفعة خطرا على الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي بالكونغرس، والمقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بينما يسعون للحفاظ على أغلبيتهم بمجلسَيْ الشيوخ والنواب الأمريكيين، وهو أمر قد يكون مستحيلا في ظل شعبية تتهاوى وأوضاع اقتصادية تزداد سوءا.
وفي حال خسر حزب الرئيس السيطرة على المجلسَين، فربما يواجه "بايدن" العزل، بعد ما أشار العديد من النواب الجمهوريين إلى أن الأغلبية الجمهورية في كلا المجلسين ستتحرك عندئذ في هذا الاتجاه.
فيما كان النموذج الأكثر تعبيرا هو ما حدث في سريلانكا تلك الجزيرة التي كانت تتمتع بمستوى معيشي جيد، لكنها تأثرت بفقدان عائدات السياحة في أعقاب هجوم إرهابي 2019 ثم جائحة كورونا وتداعيات حرب أوكرانيا دفعتها لاحتجاجات غير مسبوقة ومن ثم هروب الرئيس وتشكيل حكومة واختيار رئيس جديد.
الإنذار الأصفر
وفيما تكافح السلطات الصينية حرائق الغابات وتحشد فرقا متخصصة لحماية المحاصيل من درجات الحرارة الحارقة عبر حوض نهر يانغتسي، أصدرت بكين أول تحذير وطني من حالة الجفاف هذا العام.
ويأتي "الإنذار الأصفر" الوطني، الذي صدر في وقت متأخر أمس الخميس، بعد أن شهدت مناطق من سيتشوان في الجنوب الغربي إلى شنغهاي في دلتا يانغتسي أسابيع من الحر الشديد، فيما يرجعه مسؤولون حكوميون إلى تغير المناخ. والإنذار الأصفر أقل بدرجتين من أخطر تحذير على المقياس الصيني.
وقالت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إن بحيرة بويانغ تقلصت الآن في أحد أحواض الفيضان المهمة لنهر يانغتسي بمقاطعة جيانغشي بوسط الصين إلى ربع حجمها الطبيعي لهذا الوقت من العام.
وذكر تلفزيون الصين المركزي اليوم الجمعة أن ما يصل إلى 66 نهرا عبر 34 مقاطعة في منطقة تشونغتشينغ الجنوبية الغربية جفت.
ونقل التلفزيون عن بيانات الحكومة المحلية أن هطول الأمطار في تشونغتشينغ هذا العام انخفض بنسبة 60 بالمئة مقارنة بالمعدل الموسمي، كما أن التربة في العديد من المناطق تعاني من نقص شديد في الرطوبة.
وشهدت منطقة بيبى، شمالي تشونغتشينغ، درجات حرارة بلغت 45 درجة مئوية أمس الخميس، وفقا لمكتب الأرصاد الجوية الصيني.
واحتلت مدينة تشونغتشينغ المركز السادس من بين أكثر 10 مواقع حرارة في الصين صباح اليوم الجمعة، إذ اقتربت الحرارة في منطقة بيشان من 39 درجة مئوية. وسجلت درجة الحرارة في شنغهاي 37 درجة.
وتعرضت البنية التحتية وخدمات الطوارئ في منطقة تشونغتشينغ لضغوط متزايدة، مع وجود رجال الإطفاء في حالة تأهب قصوى مع اندلاع الحرائق في الجبال والغابات في جميع أنحاء المنطقة. كما أفادت وسائل الإعلام الحكومية بزيادة حالات الإصابة بضربات الشمس.
كما شكل مكتب الزراعة في تشونغتشينغ فرق خبراء لحماية المحاصيل المعرضة للخطر وتوسيع مناطق الزراعة لتعويض الخسائر قبل موسم حصاد الخريف.
ووفقا لبيانات أصدرتها وزارة الطوارئ الصينية في وقت متأخر أمس الخميس، تسبب ارتفاع درجات الحرارة في شهر يوليو/ تموز وحده في خسائر اقتصادية مباشرة بلغت 2.73 مليار يوان (400 مليون دولار).
تداعيات صادمة
شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو"، حذر من تداعيات صادمة للحرب الأوكرانية حال استمرارها، قائلاً إن 17 مليون شخص حول العالم سيعانون من نقص الأغذية المزمن بحلول عام 2023 .
وقال دوينو، بحسب بيان نشره المركز الإعلامي للأمم المتحدة، إن الأحداث العالمية الأخيرة من جائحة كوفيد-19 إلى أزمة المناخ، والصراعات المتعددة حول العالم والحرب فى أوكرانيا أثرت بشكل كبير على أنظمة الأغذية الزراعية بطرق متعددة، حيث زادت الواردات الغذائية للدول الـ 62 الأكثر فقراً إلى 24.6 مليار دولار أمريكى فى عام 2022، ما يؤثر على 1.79 مليار شخص.
وأكد مدير الفاو أن المجتمع الدولي بحاجة إلى تنفيذ حزمة من الإجراءات التي تشمل الاستثمار في البلدان الأكثر احتياجاً والأكثر تضرراً من ارتفاع أسعار المواد الغذائية مشددا على ضرورة التركيز على زيادة الإنتاجية من خلال إيلاء المزيد من الاهتمام لإنتاج أغذية مغذية محلياً بالإضافة إلى تقديم المساعدات الغذائية في الوقت المناسب.
aXA6IDMuMTUuMzQuNTAg
جزيرة ام اند امز