عمر بدور يفتح لـ"العين الإخبارية" دفتر أسرار المنظمة العالمية للأرصاد
المسؤول عن مراقبة المناخ العالمي بالأرصاد العالمية يحذر من ذوبان الجليد
في الوقت الذي تسعى فيه دول العالم لاتخاذ إجراءات لممكنة لمنع زيادة درجة الأرض لـ1.5 درجة مئوية، أطلقت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، تحذيراً من أن غازات الاحتباس الحراري من المرجح أن تتسبب في ارتفاع درجات الحرارة العالمية، لتصل إلى مستويات قياسية.
التحذير الذي أطلقته المنظمة في 17 مايو/أيار الماضي، قال إنه من المحتمل أن يتجاوز المتوسط السنوي لدرجات الحرارة العالمية بالقرب من سطح الأرض "بشكل مؤقت" مستويات ما قبل العصر الصناعي بمقدار 1.5 درجة مئوية، في عام واحد على الأقل في الفترة ما بين 2023-2027.
ومن المحتمل أن تكون إحدى هذه السنوات هي الأكثر حرّاً في التاريخ.
"العين الإخبارية" حاورت الدكتور عمر بدور المسؤول عن مراقبة المناخ العالمي بالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، حول النتائج الأخيرة لتقرير المنظمة، وتوقعات تأثير تغير المناخ على العالم في المستقبل، والقضايا التي يجب أن تكون لها الأولوية في مفاوضات كوب 28.
وإلى نص الحوار:
ما هي أهم نتائج تقرير منظمة الأرصاد العالمية الأخير ؟
في أبريل/نيسان الماضي، أصدرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تقريرها عن حالة المناخ في سنة 2022، وتطرق إلى بيانات محدثة تشير إلى الكثير من القياسات في المنظومة المناخية، وأبرزها تركيز غازات الاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون، والميثان وأكسيد النيتروز، والتي وجدنا أنها شكلت قياسات جديدة في الغلاف الجوي، كما سجلنا أن السنوات الثماني الماضية من 2015 وحتى 2022 كانت الأشد احترارا منذ بداية القياسات في عام 1950، أي منذ 60 عاماً.
ووجدنا أن سنة 2022 كانت السنة الأشد حرارة من بين هذه السنوات الثماني، كما سجلنا ارتفاع منسوب سطح البحر، وسجلنا زيادة ظواهر الطقس المتطرفة مثل الجفاف والفيضانات وموجات الحرارة الشديدة تقريباً في كل دول العالم.
منذ أيام أعلنت المنظمة عن برنامج لمراقبة غازات الاحتباس الحراري، ما الهدف منه؟
وافق المؤتمر العالمي للأرصاد الجوية الأخير على برنامج جديد لمراقبة غازات الاحتباس الحراري في الفضاء بالتعاون مع عدد من الشركاء، والهدف منه قياس نسبة تركيز هذه الغازات في الغلاف الجوي بشكل دقيق باستخدام الأقمار الصناعية والتكنولوجيا.
والهدف من المبادرة المساعدة في تحقيق "الحياد الكربوني" عن طريق تحقيق التوازن بين حجم الانبعاثات الناتجة عن الأنشطة الزراعية والصناعية والفلاحية، وبين الانبعاثات التي تمتصها المحيطات والغابات، وهاتان المعادلتان هما اللتان تحددان تركيز غازات الاحتباس الحراري في الفضاء.
التقارير الأخيرة للمنظمة حذرت من ذوبان الأنهار الجليدية بشكل غير مسبوق، ما هي المخاطر التي قد تنتج عن ذلك؟
يتم تسجيل ذوبان الأنهار الجليدية منذ التسعينيات، وفي عام 2022 ما زالت المشكلة تتفاقم، فعلى الصعيد العالمي، سجلنا انحسار حجم الأنهار الجليدية بشكل كبير، على سبيل المثال، في جبال الألب في سويسرا فقط تم تسجيل ذوبان أكثر من 6% من حجم الأنهار الجليدية منذ عام 2021 حتى عام 2022.
وإذا رجعنا إلى الماضي فسنجد أنه على مدار العشرين سنة الماضية، فقدت الأنهار الجليدية في الألب ثلث حجمها تقريباً خلال تلك الفترة القصيرة، وإذا استمرت هذه الأزمة في المستقبل، يمكن على مدار ثلاثين أو أربعين سنة أن تتقلص إلى الصفر، وبدأنا نرى هذا بالفعل في بعض المناطق الاستوائية في أفريقيا، على سبيل المثال من المتوقع أن تتقلّص الأنهار الأخيرة التي تبقت في جبال كلمنجارو إلى الصفر خلال السنوات الأربع أو الخمس القادمة .
وللأسف هذه الظاهرة تشكل خطورة بالغة فيما يتعلق بمصادر المياه، فمصادر المياه في كثير من المناطق في أوروبا تتشكّل من خلال ذوبان الجليد في فصل الصيف، وفي الوقت نفسه، تعد الأنهار الجليدية جزءا مهما من المنظومة الأيكولوجية، وبالتالي انحسارها الشديد يهدد هذا النظام ويمثل خطورة على الأزهار والحشرات والطيور وبقية الكائنات الحية.
بالنسبة لبعض المناطق مثل جبال الأطلس في شمال أفريقيا أو الجبال الأحادية، ربما لم يعد هناك ما نفعله بعد فقدان كل الموارد الجليدية عبر السنوات الماضية، وكان ما يمكن فعله هو تحديد المخاطر والاستعداد لها فقط. للأسف حين تحدث التغيرات المناخية تبقى آثارها لمئات السنوات، ولا يمكن أبداً العودة للوراء.
الحل يبدأ بمعالجة السبب الرئيسي بالتخفيف من إنتاج غازات الدفيئة، وتحديد هذه الغازات بشكل دقيق بحيث يتم العمل على الوصول إلى الحياد الكربوني خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة، لتتناسب حصة الانبعاثات مع الحصة التي يتم امتصاصها، وبدون ذلك لا يمكن أن نفعل أي شيء.
أعلنت الأمم المتحدة في كوب 27 عن مبادرة لتغطية الجميع بنظم الإنذار المبكر؟ ما هي المستجدات المتعلقة بذلك؟
هذه مبادرة مهمة لمواجهة المخاطر الناتجة عن ظواهر الطقس المتطرفة، مثل الجفاف وارتفاع الحرارة والفيضانات، ومنظمة الأرصاد الجوية تشكل عنصرا أساسياً في هذه المبادرة.
مؤتمر الأرصاد الجوية الذي انعقد هذا الأسبوع أصدر قرارا بتفعيل هذه المبادرة بداية من هذه السنة وحتى نهاية عام 2028 لتعميم الإنذارات المبكرة في كل العالم، وتم اعتماد مخطط لتفعيل هذه الآليات، وتم اختيار 30 دولة لبدء تنفيذ المبادرة فيها كأولوية، وهي من الدول الأكثر تعرضا لمخاطر تغير المناخ القصوى.
من خلال هذه النظم، ستحصل الحكومات والأشخاص على الوقت لاتخاذ القرار المناسب، والاستعداد المسبق للكوارث الناتجة عن الفيضانات أو الحرارة أو الجفاف، وتعطي مراكز الإنذار المبكر التابعة للمنظمة إنذاراً قبل حدوث الكارثة بـ24 ساعة لتتخذ الحكومات ما يلزم لحماية مواطنيها.
في رأيك، ما هي القضايا التي يجب أن تكون لها الأولوية في مفاوضات كوب 28 ؟
يجب الإسراع في تحديد انبعاثات غازات الدفيئة، وتطبيق اتفاقية باريس لعام 2015، وتكثيف إجراءات التكيف مع التغيرات المناخية ومنها تطبيق ودعم أنظمة الإنذار المبكر التي ستشكل عنصرا أساسيا في المفاوضات، خاصة بدعم الدول الأكثر تعرضا لمخاطر التغيرات المناخية في أفريقيا وآسيا، والتي تعاني أكبر الخسائر الاقتصادية والبشرية.
ما هو توقعك لوضع التمويل المناخي في ظل التحديات العالمية الراهنة؟
قضية التمويل المناخي قضية مهمة، ولكنْ هناك كثير من القضايا في العالم التي تستنزف ملايين الدولارات ومنها حرب أوكرانيا، لكن إذا كانت الحرب تستنزف الأموال على مدار سنة أو سنوات، فإن التغيرات المناخية تؤثر على الأرض كلها لمئات الملايين من السنوات وتهدد حياة الجميع، لذا قد يستحوذ التمويل على النصيب الأكبر من مباحثات كوب 28.