اليوم العالمي لحرية الصحافة 2025.. تأثير الذكاء الاصطناعي من أبرز التحديات

يحتفل العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة في الثالث من مايو/أيار من كل عام، لتجديد الالتزام العالمي بحرية الصحافة، وتذكيراً بالدور المحوري للإعلام المستقل وحق الوصول للمعلومة.
أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم العالمي لحرية الصحافة في ديسمبر/ كانون الأول من عام 1993، وذلك استنادًا إلى توصية صادرة عن المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). ومنذ ذلك التاريخ، إحياءً لذكرى إعلان ويندهوك، الذي يُعد وثيقة محورية في ترسيخ مبادئ الصحافة الحرة والمستقلة والتعددية.
تاريخ حرية الصحافة
يعود أصل هذه المناسبة إلى مؤتمر نظّمته اليونسكو في مدينة ويندهوك، عاصمة ناميبيا، في عام 1991، والذي شهد تبنّي الإعلان في الثالث من مايو/ أيار من ذلك العام. وقد مهّد هذا الإعلان الطريق لتأكيد العلاقة الجوهرية بين حرية الوصول إلى المعلومات ونشرها وتلقيها من جهة، وبين المصلحة العامة من جهة أخرى، وهو الارتباط الذي لا يزال يحتفظ بأهميته الكاملة بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على إقراره.
احتفالات دولية لإحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة 2025
تستعد جهات دولية عدة، من بينها منظمة اليونسكو، لإقامة سلسلة من الفعاليات احتفاءً بهذه الوثيقة التاريخية، وذلك ضمن إطار المؤتمر الدولي لليوم العالمي لحرية الصحافة 2025. وتهدف هذه الأنشطة إلى إعادة التأكيد على المبادئ الأساسية التي جاء بها الإعلان، ومواصلة النقاش حول التحديات الراهنة التي تواجه قطاع الإعلام في مختلف أنحاء العالم.
رسالة اليوم العالمي لحرية الصحافة 2025
يشكّل يوم 3 مايو/ أيار فرصة مزدوجة: فهو من جهة مناسبة لتذكير الحكومات بالتزاماتها تجاه حرية الصحافة، ومن جهة أخرى يمثل وقفة تأمل وتقييم لدى العاملين في الحقل الإعلامي، لمراجعة قضايا حرية التعبير وأخلاقيات المهنة.
أهداف اليوم العالمي لحرية الصحافة
- الاحتفال بالمبادئ الأساسية التي تقوم عليها حرية الصحافة.
- تقييم الحالة العامة لحرية الإعلام على المستوى العالمي.
- الدفاع عن وسائل الإعلام في مواجهة أي اعتداءات تهدّد استقلاليتها.
- تكريم الصحفيات والصحفيين الذين فقدوا حياتهم خلال قيامهم بمهامهم الصحفية.
فعاليات اليوم العالمي لحرية الصحافة 2025
تُعقد الفعالية الرئيسية لليوم العالمي لحرية الصحافة لعام 2025 تحت شعار: "التغطية في عالم جديد جريء – تأثير الذكاء الاصطناعي على حرية الصحافة والإعلام"، في مركز "بوزار" للفنون الجميلة بالعاصمة البلجيكية بروكسل، يوم الثلاثاء الموافق 7 مايو/ أيار. يتضمن البرنامج جلسات عامة تناقش المعلومات باعتبارها منفعة عامة في عصر الذكاء الاصطناعي، إلى جانب إقامة حفل تسليم جائزة the UNESCO/Guillermo Cano العالمية لحرية الصحافة.
الاحتفالية، المصنفة كفعالية دولية من الفئة الرابعة (Cat IV)، تُنظم بصيغة هجينة تجمع بين الحضور الفعلي والمشاركة الرقمية، وتُعقد بين الساعة 9:30 صباحًا و6:30 مساءً بتوقيت بروكسل.
الذكاء الاصطناعي: أداة تطوير أم مصدر تهديد؟
تُركّز احتفالية هذا العام على التأثير العميق والمتسارع للذكاء الاصطناعي في حقل الصحافة والإعلام. فهذه التكنولوجيا لم تعد فقط وسيلة لتسريع العمل الصحفي، بل أصبحت جزءًا من منظومة إنتاج الأخبار، من خلال تحسين أدوات التحقيق الصحفي، وإنشاء المحتوى، وتسهيل عمليات التحقق من المعلومات، فضلًا عن إمكانية الوصول إلى جماهير متعددة اللغات وتحليل البيانات بدقة أعلى.
لكن، ورغم هذه الفوائد التقنية، تُطرح تحديات متعددة أمام حرية الصحافة. من أبرزها انتشار الأخبار المضللة والمزيفة التي تُنتجها أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتنامي استخدام تقنية "التزوير العميق" (Deepfake)، والتمييز الخوارزمي في تنظيم المحتوى، والرقابة الرقمية التي قد تهدد سلامة الصحفيين. كما يثير اعتماد الذكاء الاصطناعي في نماذج الأعمال الإعلامية تساؤلات حول عدالة تعويض الصحفيين واستدامة المؤسسات الإعلامية في المستقبل.
مشاركة واسعة لضمان صحافة مستقلة في عصر الذكاء الاصطناعي
تسعى الفعالية إلى مناقشة هذه التحولات ضمن رؤية تشاركية، حيث تجمع الصحفيين، وصنّاع السياسات، والمهنيين في قطاع الإعلام، وممثلين عن المجتمع المدني، بهدف تطوير فهم جماعي لمستقبل حرية الصحافة في ظل التغيرات الرقمية المتسارعة.
ويتم التركيز خلال الجلسات على أهمية حماية القيم الديمقراطية وضمان استقلالية وسائل الإعلام، وتفادي أن يُستخدم الذكاء الاصطناعي كأداة للهيمنة أو التضييق على حرية التعبير.
تقرير "مراسلون بلا حدود": حرية الصحافة تتراجع عالميًا
وفي سياق متصل، أظهر التقرير السنوي الصادر عن منظمة "مراسلون بلا حدود"، يوم الجمعة، أن وضع حرية الصحافة العالمي بلغ أسوأ مستوياته على الإطلاق في عام 2025، حيث يعيش أكثر من نصف سكان العالم في دول يُصنّف وضعها الصحفي بأنه "خطير للغاية". ورغم هذا التراجع العام، تظل قارة أوروبا المنطقة التي يُمارس فيها العمل الصحفي بأعلى قدر من الحرية.
أوروبا تحتفظ بالصدارة.. وألمانيا تتراجع
وبحسب التقرير، فإن الضغوط الاقتصادية المتزايدة، إلى جانب هشاشة الأوضاع الأمنية وتصاعد النزعات السلطوية، تُشكّل أبرز التحديات أمام وسائل الإعلام عالميًا. كما أشار إلى تراجع ألمانيا من المركز العاشر إلى الحادي عشر في التصنيف، بسبب "بيئة العمل العدائية المتزايدة للصحفيين"، لاسيما نتيجة لهجمات اليمين المتطرف.
وأوضح البيان أن الصحفيين الذين تعاملوا مع بيئات وأحزاب يمينية متطرفة، مثل حزب "البديل من أجل ألمانيا"، تعرضوا في عام 2024 للتهديد والإهانة والخوف من العنف الجسدي. كما وجّه التقرير انتقادات تتعلق بالقيود التحريرية داخل ألمانيا، خاصة فيما يخص تغطية الصراع في الشرق الأوسط، حيث أبلغ العديد من الإعلاميين عن عراقيل مفرطة أثناء أداء عملهم.
وأضاف التقرير أن الوضع المالي لوسائل الإعلام الألمانية شهد تدهورًا ملحوظًا، ما زاد من التحديات التي تواجه المؤسسات الصحفية في أداء دورها باستقلالية.
دعوة لتعزيز الأُسس الاقتصادية للصحافة المستقلة
وقالت أنيا أوسترهاوس، المديرة التنفيذية لمنظمة "مراسلون بلا حدود"، إن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون اليوم في دول تُصنّف حرية الصحافة فيها بأنها "في وضع خطير للغاية"، مشيرة إلى أن الصحافة المستقلة تُعتبر عائقًا أمام الأنظمة الاستبدادية.
وأكدت أوسترهاوس أن هذا التراجع يُهدد مستقبل الصحافة من الناحية الاقتصادية أيضًا، وأضافت: "إذا جفّت الموارد المالية للمؤسسات الإعلامية، فمن سيقوم بكشف المعلومات المضللة والدعاية الكاذبة؟ نحن لا نخوض معركة من أجل سلامة الصحفيين فحسب، بل من أجل ضمان البنية الاقتصادية المستقلة للعمل الصحفي".
ويُسلّط التقرير الضوء على أن وسائل الإعلام تواجه صعوبات في العمل بطريقة مستدامة في 160 دولة حول العالم، ما يُبرز الحاجة الملحة لإعادة النظر في النماذج الاقتصادية الداعمة للصحافة.
تصنيف حرية الصحافة: خمسة أبعاد أساسية
يعتمد التصنيف العالمي لحرية الصحافة على خمسة محاور رئيسية: السياسات العامة، والتشريعات القانونية، والظروف الاقتصادية، والبيئة الاجتماعية الثقافية، ومستوى الأمان. وتُستخدم هذه المعايير لرصد وتقييم وضع الصحافة في كل بلد، ما يسمح بتكوين صورة دقيقة وشاملة عن مدى استقلالية العمل الصحفي حول العالم.
aXA6IDE4LjIyMi4xNjQuMTEg جزيرة ام اند امز